الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان··· حرب استنزاف وأهداف مؤجلة

أفغانستان··· حرب استنزاف وأهداف مؤجلة
5 أغسطس 2008 23:14
بعد مضي ست سنوات من طردها من السلطة، لا تزال حركة ''طالبان'' تظهر قدراً من العزم وقوة الشكيمة، بما يثير القلق البالغ في واشنطن وفي كافة عواصم دول حلف ''الناتو''· وأكثر من مشاعر القلق، فقد أثارت هذه العودة القوية الخطيرة لـ''طالبان''، عدداً من التساؤلات العميقة والمحتارة في آن، عن كيف لهذه الحركة الإرهابية المتمردة الرثة، أن تقف في وجه أقوى جيوش العالم قاطبة، بكل هذه القوة والتحدي العسكريين؟ فقد تحولت أفغانستان، جراء تصاعد معدلات قتل جنود قوات ''الناتو'' وأميركا فيها خلال الشهور الأخيرة الماضية، بمن في هؤلاء تسعة جنود أميركيين خلال هجوم واحد في الشهر الماضي، إلى ساحة معركة أشد خطراً من العراق، واستطاعت أن تستقطب ساحات قتالها اهتمام القادة والجنرالات العسكريين الأميركيين، إلى جانب استحواذها على اهتمام حملتي المرشحين الرئاسيين الانتخابيتين· لكن وعلى رغم هذا الاهتمام المتعاظم، تظل الأهداف الأساسية التي شنت من أجلها هذه الحرب أبعد ما تكون عن التحقق، في ظل نزاع يؤكد فيه قادة حركة ''طالبان''، عدم حاجتهم للسيطرة على أي بقعة كانت من البلاد، أو حتى لخوض معركة فاصلة مع قوات ''الناتو'' والقوات الأميركية في سبيل هزيمتها· والتكتيـــك العسكري الذي تشير إليه ''طالبان''، هو أنه يكفي لإحراز نصر عسكري مهين على هذه القوات، خوض حرب استنزافية طويلة الأمد ضدها، في تراب بلد تعتبره ''طالبان'' ملكاً لها في نهايــة الأمر· وفيما يرى المسؤولون والمحللون العسكريون، فإن لهذا الثبات الذي تظهره ''طالبان''، علاقة كبيرة بنجاح الحركة في الحفاظ على تماسك قيادتها منذ لحظة انهيار نظامها السابق في كابول، إلى جانب قدرتها على استقطاب مقاتلين جدد باستمرار إلى صفوفها، واستغلال الملاذات الآمنة التي توفرت لها في المناطق الحدودية المشتركة بين باكستان وأفغانستان· وطالما استمر توفر هـــذه الملاذات للحركــة، فإن من رأي المسؤولين العسكريين، أنه يظل مستحيلاً سحقها أو هزيمتها عسكرياً· وهذا ما دعا واشنطن مؤخراً إلى تشديد ضغوطها على إسلام آباد، على أمل أن تتخذ من الإجراءات الأمنية والعسكرية ما يلزم ضد عناصر ''طالبان'' وغيرها من الجماعات المقاتلة المتمردة المقيمة داخل حدود أراضيها· وتضمنت تلك الضغوط، زيارة قام بها مسؤول رفيع المستوى من وكالة ''سي·آي·إيه'' إلى إسلام آباد، قال مسؤولون أميركيون عنها، إن مواجهة حازمة تمت خلالها بين مسؤول وكالة ''سي·آي·إيه'' وكبار القادة الباكستانيين بشأن وجود صلة بين أقوى أجهزة المخابرات الباكستانية، ومجموعات المقاتلين التي تدبر وتشن عملياتها العدوانية داخل أفغانستان، انطلاقاً من منطقة القبائل الباكستانية الواقعة في الشريط الحدودي المتاخم لأفغانستان· وعلى رغم تأكيد المسؤولين الباكستانيين انقطاع العلاقات التي تعود إلى عدة عقود في السابق بين بلادهم وهذه الجماعات، كما وصفوها، فمما لا ريب فيه أن حركة ''طالبان'' لا تزال تستخدم الأراضي الباكستانية- وخاصة منطقة القبائل آنفة الذكر- لأغراض التدريب العسكري واستقطاب المقاتلين وإعادة تجميع الصفوف وشن عمليات التمرد والهجمات داخل أفغانستان· والميزة الرئيسية التي توفرها تلك الملاذات الباكستانية الآمنة لحركة ''طالبان''، هي السماح لقادة الحركة بمواصلة نفوذهم غير المحدود على عمليات الحركة ونشاطها عبر ذات الشبكة من ''الملالي'' والقادة العسكريين، التي تولت إدارة أفغانستان بصفتها دولة دينية واصلت إيواءها لأسامة بن لادن زعيم تنظيم ''القاعدة'' المتحالفة معه، إلى أن أطاح بها الغزو الأميركي لأفغانستان في ديسمبر من عام ·2001 هذا ويشيع الاعتقاد بين المسؤولين الأفغان والغربيين على حد سواء، بأن قائد الحركة الملا عمر لا يزال يقيم في مكان ما في مدينة كويتا، عاصمة محافظة بلوشستان الباكستانية المتاخمة للحدود الأفغانية· وهناك يتولى الملا عمر إدارة ''حكومة ظل'' لها مجالسها العسكرية والدينية والثقافية وغيرها، إضافة إلى تعيينها لجميع القادة العسكريين والمسؤولين الحكوميين الآخرين لكل محافظة من المحافظات الأفغانية، تماماً مثلما كان عليه حال حكومة ''طالبان'' قبل الإطاحة بها في عام ·2001 ويشرف الملا عمر على حركته من خلال مجلس أعلى مؤلف من 10 أشخاص، حسبما صرح بذلك الناطق الرسمي باسم الحركة، ذبيح الله مجاهد، عبر لقاء هاتفي أجري معه· ويتولى منصب النائب الأول للملا العمر، الملا برادار، الذي ينتمي إلى صفوف القيادة العليا لـ''طالبان''، وأحد أقسى جنرالاتها، مع العلم أن منظمات حقوق الإنسان أوردت اسمه بين مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية وأفظع انتهاكات حقوق الإنســان التي شهدتها أفغانستان· وهو المسؤول عن نقـــل كافـــة أوامر وتوجيهات الملا عمر إلى القيادات الدنيا وقواعد الحركة، إضافة لإصداره للقرارات العسكرية، بما فيها كيفية نشر المقاتلين الأجانب في صفوف الحركة· تلك هي إفادة ''وحيد مزهتا''، المسؤول السابق بوزارة خارجية حكومة ''طالبان''، والباحث المتخصص في شؤون الحركة، الذي يقيم حالياً في كابول· وأفاد ''مزهتا'' أن لحركة ''طالبان'' مجلة إعلامية خاصة بها، هي مجلة ''الصمود'' الإلكترونية التي تنشر باللغة العربية، وأنه في وسع متصفحيها الحصول على ما يفيد من معلومات عن الهيكل القيادي للحركة· أما في الجانب العسكري، فمن رأي الجنرال ''ديفيد دي· ماكينان''، قائد قوات ''الناتو'' في أفغانستان، أنه ربما تكون قيادة حركة التمرد موحدة سياسياً وتنظيمياً على مستوى القيادة العليا، إلا أن عملياتها العسكرية على الأرض، لا تزال تفتقر إلى التنظيم والتنسيق فيما بينها· كارلوتا جال- كابول ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©