الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«العونة» تكافل اجتماعي يتجلى في موسم قطف الزيتون

«العونة» تكافل اجتماعي يتجلى في موسم قطف الزيتون
12 أكتوبر 2009 22:54
في موسم قطف الزيتون تنتشر في فلسطين ظاهرة العونة، وهي ظاهرة حضارية مشرقة، حيث تذوب الفوارق الاجتماعية بين مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني، والعونة هي عمل تطوعي تلعب دوراً كبيراً في النهضة والتطور بصفتها عملاً خالياً من الربح والعائد، حيث يقوم بها الأفراد لصالح الجيران والأهل والمجتمع ككل، كما تأخذ أشكالا متعددة ابتداء من الأعراف التقليدية للمساعدة الذاتية، إلى التجاوب الاجتماعي في أوقات الشدة وتخفيف آثار الفقر، كما تشكل أيضاً أساساً لكثير من النشاطات الممتعة والمفيدة التي فقدت في الوقت الحالي بين الناس إلا ما ندر في الريف الفلسطيني. ولا تحتاج العونة إلى دعوات وطلبات بل تقوم على المبادرة الفردية الخيرة من قبل الشخص نفسه، ففي ظل هجمة العولمة والنزعة الفردية وتعظيم الربح كان لا بد من وجود مظاهر جميلة تخفف من وطأة هجوم الفردية والمصالح الشخصية المقيتة. أحمد أحد مزارعي الضفة الغربية بين أن ظاهرة العونة كان لها في السابق رونق ونكهة خاصة بها وأكثر وضوحا وتجليا وروعة من الوقت الحالي، حيث أن المجتمع الفلسطيني كبقية المجتمعات العربية والإسلامية تشرب العولمة التي تسللت له بطرق ذكية وخبيثة من قبل الغرب، وتأثر بها على نار هادئة مما جعل الفرد يبحث عن مصالحه الشخصية على حساب المبادئ والقيم الأخلاقية بعيدا عن التعاون والتكاتف وروح الجماعة. أما مهند وهو مزارع آخر فيرى أن العونة هي من أفضل الأساليب التي تزرع قيم التعاون والتكاتف والروح المشتركة في الوقت الحالي والذي افتقد المجتمع الفلسطيني جزءاً منها بسبب الاحتلال والغزو الثقافي وعوامل أخرى كثيرة. وأضاف أن نظام وظاهرة العونة هي جمعة خير وبركة وتزرع المحبة بين المواطنين سواء أكانوا من المزارعين أو العمال أو حتى الفقراء والمحتاجين، فإذا كان يوجد مزارع لديه الكثير من الزيتون لقطفه يقوم المواطنين بمساعدته في قطفه، وحتى في المواسم الأخرى مثل الحصيدة أو جمع القش أو الكثير من الأعمال التي تحتاج إلى تعاون الجميع. ولأن هناك مناطق كثيرة يوجد فيها أشجار الزيتون و تقع بالقرب من المستوطنات والجدار الفاصل مما يعطي ضرورة التجمع من قبل المزارعين لحمايتهم من اعتداء المستوطنين عليهم ومساعدتهم على قطف محصولهم في فترة زمنية واحدة ليكون عوناً ودعماً أحدهما للآخر في ظروف أخذ المحتل يدمر الإنسان من خلال محاربة مصادر رزقه، حيث أن شجرة الزيتون مستهدفة من قبل جنود الاحتلال لأنها ترمز للوجود الفلسطيني في هذه الأرض، فتتجلى ظاهرة العونة في هذه المناطق بكثافة. أهم الأدوات التي تستخدم في قطف الزيتون: العبية: وهي عصا يقل سمكها وقطرها وتستدق كلما اقتربت من نهايتها وتكون غليظة في بدايتها عند المقبض ويحتاج المزارع الى استخدام أكثر من «عبية» مختلفة الطول طبقاً لارتفاع شجرة الزيتون، وبعد المسافة بينه وبين غصن الزيتون الذي يريده، ولكن أقصر عصا أو «عبية» لا يقل طولها عن متر ونصف المتر. الدوار «الشوارط»: وهو الأطول والأكثر سماكة وهو بالتالي الأكثر وزناً، ويصل طوله الى ثلاثة أمتار أو أكثر ويستخدم للأغصان المرتفعة والعالية عمودياً، ويسميه الفلاح «الشاردة» ونهايته رفيعة مستدقة حادة. السلم: وكان المزارع الفلسطيني يقوم بتصنيعه محلياً بيديه معتمداً على جذوع بعض الأشجار الحرجية، والبرية المعروفة بطولها وقوة خشبها ومقاومته للحرارة والرطوبة والأمطار، مثل البلوط أو الخروب أو السرد أو الصنوبر، ولذا كان السلم ثقيل الوزن يسبب الإجهاد لكل من يحمله لمسافات بعيدة، وفي الطرقات الوعرة والضيقة، ولكن صناعة السلم شهدت تطوراً وتقدماً في العقود الأخيرة، حيث أصبحت صناعته تتم بآلات ومعدات في ورش النجارة الحديثة، ومن نوعية أخشاب تجمع بينه مواصفات القوة، ومقاومة تقلبات الطقس، والوزن الخفيف، واستخدام المسامير والبراغي المعدنية بدلاً من الخشبية، إضافة إلى أنه أصبح بالإمكان تصنيع السلم من الالمنيوم أو النيكل، وهما أقل وزناً من الخشب، كما أصبح السلم مزدوجاً أي عبارة عن سلمين يلتقيان في النهاية في رأس واحد على شكل مثلث بعد أن كان السلم دفة أو قطعة واحدة، يتم تثبيتها بإسنادها إلى أحد أغصان الزيتون. السلة: وهي وعاء جمع ثمار الزيتون عن الأرض، وقطفها عن الشجر، وكان يتم تصنيعها يدوياً ومحلياً بأيدي الرجل من أغصان غضة رفيعة وطويلة من الزيتون، أو بعض الأشجار البرية الحرجية، مثل البلوط أو السريس، وبأحجام مختلفة ولها مقبض هلالي أو نصف دائري الشكل بحيث يمكن إمساكها، وتثبيتها أو تعليقها في اليد أو الذراع أثناء عملية القطاف أو الجني، وإذا كانت من أغصان الزيتون أو البلوط تسمى في بعض المناطق والقرى الفلسطينية بـ «القرطل»، وتكون السلة مصنعة من قش وعيدان القمح، وفي هذه الحالة يكون عمل المرأة، ومن الطبيعي الإشارة إلى أنه ليس كل الرجال أو النساء يتقن غزل السلال وصناعتها، لأنها حرفة يدوية تحتاج الى مهارات خاصة لا بد من تعلمها والتدريب عليها لإتقانها، وفي العقود الأخيرة تعددت أوعية جمع وقطاف ثمار الزيتون من الأحجام والأشكال، مثل السطل، والدلو من البلاستيك أو الالمنيوم أو الحديد. البساط: وهو قطعة كبيرة مربعة أو مستطيلة الشكل كانت في السابق من الخيش أو القماش السميك القوي، ثم أصبحت لاحقاً من البلاستيك أو النايلون القوي الذي يتحمل ضغط العمل وتقلبات الطقس من حرارة وأمطار، ويتم فرش هذا القطع تحت أشجار الزيتون، وعلى أطرافها ومحيطها.
المصدر: فلسطين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©