الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة أميركا المالية

4 أغسطس 2008 23:28
الاقتصاد الأميركي هو الآن في خضم أزمة مالية تقليدية جلبتها سياسات سيئة بالترافق مع تهاون لا يصدق في مستوى الضمانات التي تتقاضاها المؤسسات المالية الأميركية، الإخفاق الأكبر كان القرار الذي اتخذه ''ألان جرينسبان'' -رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في ذلك الوقت- بالإبقاء على نسبة الفوائد منخفضة جداً وعلى أمد طويل، وقد أدى ذلك إلى طوفان ''تسونامي'' من الإقراض أغرق الاقتصاد بالمال الرخيص، دائنو الأملاك المرهونة بوجه خاص كانوا ''يسبحون'' في كميات هائلة من الأموال، وكانوا يبحثون عن صفقات حيثما وجدوها، ومن هنا جاء المقترضون غير المؤهلين وأصبحوا ''مؤهلين'' نتيجة لتخفيض مستويات ضمانات الإقراض من ثم العمل دونها· بتشجيع من البيانات التي كان يصدرها ''جرينسبان'' أصبح اللاعبون في السوق يعتقدون أن مرحلة نسب الفوائد المنخفضة سوف تستمر إلى ما لا نهاية، بيد أن تلك المرحلة جاءت إلى نهايتها، حيث إن الاحتياطي الفيدرالي وجد نفسه مرغماً على البدء برفع نسب فوائد الإقراض، وقد وجد المقترضون أنه سيترتب عليهم دفع نسب أعلى من الفوائد على عقاراتهم المرهونة في المستقبل، فأخذوا يتخلفون عن الدفع، أولاً، توقفت أسعار السكن عن الارتفاع، ومن ثم أخذت بالانخفاض، وبشكل قوي في بعض الأسواق الملتهبة، والآن مضى أكثر من سبعة أشهر في الدورة الجديدة لمرحلة الفوائد المنخفضة، ومع ذلك فلا يوجد أي أمل في الأفق لنهاية الأزمة المالية الطاحنة· عاملان اثنان على الأقل ساهما في تشديد الأزمة، أولاً، عدة أدوات مالية فريدة خارجة عن المعتاد والتي رُبطت بشكل أو بآخر بأسعار السكن وقيم الضمانات التي أُعطيت الرهونات على أساسها، جاء تسعير تلك الأدوات المالية نتيجة لنماذج اقتصادية معقّدة ولم يكن نتيجة لمعاملات السوق، وحيث أن قيمة المساكن والرهونات انخفضت، فإن أسعار تلك الأدوات المالية أصبحت أقرب إلى المستحيل، وكما تعلّمنا من حوادث سابقة، فإن تلك النماذج التسعيرية فشلت بسبب عدم دقّتها· هناك مثل رائع موازٍ نراه في انهيار الاتحاد السوفييتي، وكما أوضح العالم الاقتصادي ''لودفيغ فون ميزس'' قبل حوالي 100 عام، فإن التخطيط المركزي لابد أن يفشل حتماً لانعدام وجود أسعار سوق تُقرر تخصيص الموارد، أسعار السوق لا يمكن إلا أن تكون نتيجة لصفقات سوق فعلية ما بين المشترين والبائعين، المخططون يستخدمون معادلات رياضية لتقييم الموارد، وبالأخص رأس المال، والآن نرى أن فطاحلة ''الوول ستريت'' قد استوردوا التفكير السوفييتي في تخصيص رأس المال، فهل نستغرب عندما نرى أن سعيهم قد فشل؟ العامل الثاني الذي ساهم في انهيار أسعار المساكن، كان نتيجة لالتزام الحكومة الفيدرالية بتوفير مساكن يستطيع المشترون تحمل أسعارها وقد وُضع الضغط على الدائنين، بترويج بيع المساكن إلى الجماعات ذوي المداخيل المنخفضة والذين لا يكونون مؤهلين لتلقي قروض عادية، هذا الهدف الاجتماعي ورغبة الدائنين في كسب المزيد من الصفقات، اندمجا في رهونات غير كافية في ضماناتها· لقد تعلمنا درسين من الاندفاع نحو توفير المساكن إلى من كانوا، معتبرين غير مؤهلين لحيازتها، أولاً، عدد كبير منهم لم يكونوا من المُلاّك لأنهم كانوا عاجزين عن تملك المساكن؛ فقط تحت المظلة المؤقتة من الظروف الملتهبة في أسواق الرهن العقاري أصبحوا يبدون وكأنهم يستحقون تملك المساكن، ثانياً، أن الناس الذين لا يملكون من المساكن شيئاً لا يمكن أن يُقال عنهم بأنهم مُلاّك، فعندما تُصبح الأمور صعبة، فإنهم ينسحبون، لقد كانوا من الناحية الفعلية مستأجرين ولم يكونوا مُلاّكاً· سوف تنتهي الأزمة عندما يهبط سوق السكن إلى القاع، وعندما تستقر أسعار ضمانات الرهونات، كما يتوجب على البنوك التخلي عن ارتباطاتها في الالتزامات المالية الفرعية الغريبة عن الإطار المتبع· ومن واجب الاحتياطي الفيدرالي أن يفهم بأنه يواجه أزمة رأسمال، وليس أزمة سيولة· إن معدل أسعار الفوائد شديدة الانخفاض على أصول آمنة يدل على أن هناك سيولة كبيرة في الأسواق المالية· ولا يجب على الاحتياطي الفيدرالي أن يُقدم مزيداً من رأس المال، فهذه هي وظيفة الأسواق وهي تقوم بعمل ذلك· جيرالد بي· أودريسكول باحث في معهد كيتو بواشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة المصباح المنير
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©