الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان في مواجهة التلوث الإشعاعي

6 ابريل 2011 22:30
لقد تلوثت مياه البحر القريبة من منشأة فوكوشيما دياشي النووية بمادة الأيودين المشعة، حسب التقرير الذي رفعه مهندس عامل بشركة طوكيو للطاقة الكهربائية يوم الثلاثاء الماضي. ولكن أعلنت الشركة نفسها في التقرير أن العمال مضوا شوطاً بعيداً في وقف تسرب المواد الملوثة بالإشعاع النووي إلى مياه المحيط الهادي. وقد أصبح القلق من تلوث مياه المحيط مسألة مهمة وحساسة جداً في اليابان على إثر الكشف عن تلوث المواد الملوثة من محطة فوكوشيما. وتشير عينات مياه البحر الملوثة بدرجات عالية من مواد مشعة مثل إيودين 131 وسيزيوم 137 إلى أن الإشعاع صادر من وحدات المفاعل النووي نفسها، وفقاً لتصريحات المسؤولين. وعليه فقد اتخذت اليابان يوم الثلاثاء الماضي أول خطوة من نوعها لتحديد مستوى السلامة الصحية المسموح بها لتناول الأسماك التي تعيش في المناطق الملوثة. ويعادل هذا المستوى، درجة السلامة الصحية المسموح بها لتناول الخضراوات المعرضة للإشعاع النووي، على حد قول كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوكيو إيدانو في مؤتمر صحفي. وأكد "إيدانو" في مؤتمره الصحفي أن الحكومة بصدد إنشاء نظام رقابة إشعاعية صارم، تحدد من بعده الإجراءات اللاحقة بعد أن تتضح الصورة كاملة. ومن ناحيتها قالت شركة طوكيو للطاقة الكهربائية إن معدلات التسرب التي تم رصدها إلى الآن لا تمثل خطراً كبيراً على صحة البشر. فنصف دورة حياة الإيودين 131 لا يتجاوز الثمانية أيام، ما يعني تحللها بسرعة شديدة. غير أن نصف دورة حياة مادة سيزيوم 137 تمتد إلى حوالي 30 عاماً. ومع ذلك فهي مادة قابلة للذوبان السريع في مياه المحيط، على حد قول مسؤولي الشركة. ولكن السؤال هو: إلى أين تذهب تيارات مياه المحيط الملوثة بالإشعاع النووي؟ ربما كان من حظ اليابان أن بها تيارات مياه بحرية كثيرة تحيط بمحطة فوكوشيما، وأنه قد تساعد هذه التيارات في حمل المواد الملوثة بعيداً عن البر، فضلاً عن المساعدة في عملية تحللها وذوبانها. فهناك مثلاً تيار مياه كيروشيو -وهو المعادل الياباني لتيار مياه خليج المكسيك الأميركي- وتتدفق مياهه باتجاه الساحل الشرقي قبل أن تصب في مياه المحيط في المنطقة الشمالية الشرقية من اليابان. ويحمل هذا التيار المتوسط كميات مياه تعادل ما يحمله 6 آلاف نهر بحجم نهر الدانوب الأوروبي، ما يعني قدرته على خلط وتذويب المواد المشعة بسرعة عالية جداً. كما يتوقع أن يراقب حراس خفر السواحل اليابانيون سلوكيات هذا التيار عن كثب وتقديم تقارير يومية عنه. يجدر بالذكر أن مشكلة المياه اليابانية الملوثة قد تفاقمت كثيراً جراء الوسائل المؤقتة والعشوائية أحياناً التي استخدمها عمال المفاعل النووي في محاولة تبريد وحدات الوقود بالمفاعل، على أمل تجنب انهياره التام. فعلى إثر تحطم المضخات العادية، وانقطاع التيار الكهربائي عن المحطة منذ سلسلة الهزات الأرضية وموجة التسونامي التي ضربت المنطقة وعطلت المفاعل، واصلت شركة طوكيو للطاقة الكهربائية محاولات تبريد وحدات الوقود التابعة للمفاعل باستخدام خراطيم المياه والمضخات المؤقتة من خارج مباني الاحتواء بالمحطة. وبينما تبخر جزء كبير من مياه التبريد هذه، أو بقيت كميات كبيرة منها داخل المبنى، فلا ريب أن بعضها قد تسرب إلى خارجه، وهو يحمل معه كميات كبيرة من المواد المشعة نووياً. ويشك المهندسون والمسؤولون في ثقب حدث في لوح من الخرسانة المسلحة بالوحدة رقم 2 باعتباره مصدراً رئيسياً لتسرب المياه الملوثة من مبنى المفاعل. وفي يوم الثلاثاء الماضي بدأ العمال والمهندسون ضخ مادة لازقة مقوية للوح المثقوب مصنوعة من الزجاج السائل، في محاولة منهم لسد الثقب ووضع حد للتسرب الناشئ منه. وفيما يبدو فقد نجحت هذه المحاولات في إبطاء التسرب، حسب ما أشارت إلى ذلك بعض الصور الفوتوغرافية التي تم التقاطها ونشرها بواسطة شركة طوكيو للطاقة الكهربائية. هذا وقد أشارت قياسات مياه البحر التي تم أخذها في الأيام القليلة الماضية إلى أن معدلات التلوث الإشعاعي المرصودة تعادل ملايين المرات لتلك الحدود القانونية المسموح بها، على حد تصريح مسؤولين بشركة طوكيو للطاقة الكهربائية يوم الثلاثاء الماضي. وقد أخذت هذه القراءات في منطقة أكثر قرباً من المحطة النووية المنكوبة، مقارنة بالقراءات والقياسات السابقة. بيد أن هذه القراءات الأخيرة لم تكشف بعد عما إذا كان الوضع قد ازداد سوءاً أم لا. ولكن أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الثلاثاء الماضي أن قراءاتها لمعدلات التلوث في مياه البحر القريبة من أنبوب التخلص من المواد المشعة، الذي يخدم الوحدات من 4-1، أظهرت تزايداً في سوء الحالة مقارنة بما كانت عليه القراءات التي أخذتها الوكالة في الفترة بين أول ورابع الشهر الجاري. يذكر أن هذه القراءات كانت قد أخذت قبل أن تحصل شركة طوكيو للطاقة الكهربائية على إذن حكومي يوم الثلاثاء الماضي، سمح لها بضخ المواد الحاملة لنسب ضئيلة من التلوث الإشعاعي في مياه المحيط بهدف توفير ما يلزم من مساحة في صهاريج مياه الفضلات التابعة لوحدات المفاعل النووي، وهي صهاريج تحوي كميات مياه ذات مستوى تلوث إشعاعي عالٍ جداً. بيتر جرير كاتب أميركي متخصص في الشؤون العلمية والبيئية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©