الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محنة الصوماليين في كندا

6 ابريل 2011 22:24
مواطن كندي من أصل صومالي أنهى إجراءات سفره إلى القاهرة، وبالنسبة للمواطن (س) -ولنرمز له بذلك- كان كل شيء يبدو عادياً، ودع مودعيه الذين أخطرهم قبل موعد سفره أنه مسافر إلى القاهرة لدراسة اللغة العربية بعد أن تخرج في جامعة تورونتو. وفي صالة المسافرين كان كل شيء يبدو عادياً لركاب رحلة القاهرة، من جانب آخر كان هنالك أربعة رجال بملابس مدنية أنيقة لم تغفل عيونهم عن (س) لحظة واحدة. وعندما حانت الساعة توجهوا إليه بكل أدب وطلبوا منه أن يصحبهم إلى مكتب جانبي، ومن ثم أخذوه في سيارة سوداء حيث وجد نفسه في مكاتب وكالة الاستخبارات الكندية (CIS). وبدأت الدراما، هنالك واجهوه بالاتهام الخطير، وهو التعاون مع منظمة الشباب الصومالية، التي وضعت الحكومتان الكندية والأميركية، اسمها على قائمة المنظمات الإرهابية منذ ثلاث سنوات. ثم بدأت الأخبار تتسرب شيئاً فشيئا، بدءاً بمؤتمر صحفي عقده متحدث رسمي باسم (الجهاز)، وخلاصة الأمر أن الجهاز كان يتابع تحركات واتصالات (س) منذ فترة طويلة بعد أن تلقى معلومة مفادها أن الشاب ذا السادسة والعشرين ربيعاً قد "تورط" في علاقات واتصالات مع منظمة "الشباب الصومالي" الإرهابية، وأن وجهته كانت من القاهرة إلى مقديشو حيث سيلتحق برفاق ورفيقات كنديين-صوماليين قد (اختفوا) فجأة من تورونتو. توقيف الشاب (س) قد فتح ملفاً لم يكن معروفاً للرأي العام الكندي أو الأميركي، فقد اتضح الآن أن هنالك حركة عودة إلى الوطن الأم (الصومال) بين الشباب الكندي والأميركي منذ عام 2009. ووفقاً للمعلومات القليلة التي صدرت من جهات الأمن المسؤولة عن مكافحة (الإرهاب الإسلامي) فقد سبق ضلوع (س) في محاولة فاشلة لـ"اختطاف" بعض الشابات الصوماليات (أعمارهن بين 13 - 19 عاماً)، من بينهن إحدى قريبات رئيس وزراء الصومال الحالي عبدالله محمد عبدالله في عام 2010، وبينما كان البحث جارياً عنها كان يتجه على فرض اختفائها وصديقة لها من جامعة تورونتو أيضاً، إذ وصلت رسالة إلكترونية أرسلتها إلى أسرتها تخطرها بأنها الآن قد عادت إلى الوطن (مثل غيرها)، وانضمت إلى حركة "الشباب الصومالي"، كذلك علم أن أجهزة الأمن الأميركية، ظلت مشغولة طوال العام الماضي بالبحث عن ستة من الشباب الصومالي-الأميركي اختفوا من الولايات المتحدة، وما خفي كان أعظم. والآن عادت مرة أخرى المعزوفة المتكررة ووجهت الاتهام إلى بعض المساجد في تورونتو وأميركا، لعلاقاتها بتنظيم "القاعدة". وفي تفسير هذه الهجرة العكسية يقول موظف صومالي يعمل مع الأمم المتحدة: "إن كثيراً من الشباب الذين تربوا هنا وعملوا وتخرجوا في جامعات كندا وأميركا يشعرون بكثير من الإحباط بالنسبة للظروف العملية التي تواجههم من حيث التوظيف وصعوبة العيش هنا إلى جانب أن المتطرفين من خطباء وأئمة المساجد يقومون بعميلة (غسيل مخ) منظمة ويدعون الشباب الصومالي علناً للانخراط في حركة "الجهاد"، وخاصة منظمة الشباب الصومالي المتهمة بصلاتها بتنظيم "القاعدة". لكن في رأيي أن المسألة أعمق من ذلك، فما عرف حتى الآن عن بعض هؤلاء الشباب المختفين أنهم جاءوا إلى هنا، وهم في سن الطفولة مع أسرهم ونشأوا وتعلموا وتخرجوا هنا في أرقى الجامعات وتقلد بعضهم وظائف محترمة. ويلاحظ المرء انخراط الشباب المسلم وخاصة الصومالي والباكستاني في حلقات الدروس الدينية والوعظ الديني التي يقودها (شيوخ)، أقل ما يمكن أن يقال عنهم إنهم ليسوا مؤهلين لهذه المهنة علمياً، ودروسهم ومحاضراتهم لا ترقى لمستوى طلابهم العلمي. وتلك في رأيي هي مشكلة بالنسبة للمسلمين، فقد تصدت لمهمة الدفاع عن الإسلام وشرح المبادئ الإسلامية التي يدعو البشرية جماعات من الناس هم أحوج للتعليم ولمعرفة الإسلام الحق. ومن المؤسف أن الجهل المتبادل من دعاة إسلام التطرف والطرف المقابل له من "اليمين" المسيحي المتطرف، تعود نتائجه المدمرة على المسلمين البسطاء ونظرائهم من المسيحيين. ففي حالة الشاب (س) يشعر المرء بكثير من الأسى والأسف عندما يتصور غالبية الآباء والأمهات الصوماليين الكنديين وما يعيشونه ويعانونه الآن، لأن واحداً من أبنائهم قد ضل الطريق ما جعلهم كما عبرت إحدى الأمهات معلقة على حادثة توقيف الشاب (س) قائلة: "لقد كنا نعيش في أمن وأمان وإذا بالقاعدة تطاردنا حتى في منازلنا". لكن العقلاء والمستنيرين من قادة الجالية الصومالية القوية والكبيرة هنا، يتصدون لهذا الخطر وسيحافظون على سمعة وكرامة واحترام جالياتهم، التي هي أكبر الجاليات الإسلامية عدداً في كندا. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©