الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

علاقات قطر الوطيدة مع إيران «خيانة» لشركائها في مجلس التعاون

29 ابريل 2018 23:49
دينا محمود (لندن) أكد مركز أميركي بارز للأبحاث والدراسات أن موقف قطر في الأزمة الخليجية المندلعة منذ منتصف العام الماضي، أضعف مما يتصوره حكام هذا البلد المنبوذ خليجياً وعربياً، وشدد على أن الإجراءات الحازمة المفروضة بحق الدويلة المعزولة في الوقت الحاضر تعود في جانبٍ منها إلى العلاقات الوثيقة التي ينسجها نظامها الحاكم مع النظام الإيراني، والتي زادت قوةً في ظل محاولات الدوحة المستميتة للخروج من طوق العزلة المُطبق عليها بإحكام حالياً. وفي تقريرٍ أعده الباحث الأميركي د. براد باتي، أكد مركز «مجموعة الدراسات الأمنية» - ذو التوجهات المحافظة في الولايات المتحدة - أن المحاولات التي تبذلها إدارة الرئيس دونالد ترامب لتسوية الأزمة، التي ستكمل عامها الأول بعد أقل من خمسة أسابيع، لن تؤتي أُكلها إلا عندما تتخلى قطر عن اتباع سياساتٍ مزدوجة، تحاول أن تجمع فيها بين الإبقاء على صلاتها مع أميركا ومواصلة دعمها للتنظيمات الإرهابية في الوقت ذاته، وتعمل من خلالها على الحفاظ على العلاقات مع الغرب وتوطيد الروابط مع دولة مناوئة له مثل إيران، سواءٌ بسواء. وشدد باتي - الذي سبق أن قدم استشاراتٍ عسكرية للجيش الأميركي خلال فترة وجوده في العراق - على أنه على الرغم من أن إدارة ترامب تحاول أن تقدم مخرجاً للقطريين من أزمتهم، فإن حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط لن «يشعروا بالرضا على الأرجح، إذا ما واصلت قطر ممارسة لعبتها المزدوجة» هذه، مُشيراً إلى أن إنهاء «نظام الحمدين» دعمه للتنظيمات الإرهابية لا يشكل سوى جزءٍ مما سيرضي باقي الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. وأوضح أن الجزء الثاني من الثمن الذي يتعين على الدوحة دفعه للخروج من عزلتها يتمثل في أن تكف عن «اللعب على الجانبين بين إيران والغرب»، في تأكيدٍ لا لبس فيه على ضرورة إنهاء نظام تميم بن حمد تقاربه المثير للجدل مع طهران على مختلف الأصعدة. وذَكَّر باتي في هذا الصدد بما قاله مركز «مجموعة الدراسات الأمنية» من قبل من أن توجيه انتقاداتٍ للدويلة المعزولة بسبب دعمها للإرهاب هو «خطوةٌ صائبة» من جانب الإدارة الأميركية، وذلك في إشارةٍ واضحة منه إلى إدانة ترامب لقطر ووصفه لها بأنها ممولٌ للتنظيمات الإرهابية منذ أمدٍ بعيد، وذلك بُعيّد فرض الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) تدابيرها الصارمة ضد الدوحة، في الخامس من يونيو من العام الماضي، بما يشمل قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية. واعتبر أن اللقاء الذي جرى أوائل الشهر الجاري بين الرئيس الأميركي وأمير قطر في المكتب البيضاوي، كان ثمرةً للأموال الطائلة التي أنفقتها الدويلة المعزولة على الساحة الداخلية في الولايات المتحدة على مدار الشهور الماضية، من أجل شراء الولاءات السياسية وتأييد جماعات الضغط، وذلك بهدف تأمين عقد هذا الاجتماع، ومحاولة الزعم بأن الدوحة جزءٌ من التحالف الذي تقوده واشنطن لمحاربة الإرهاب، وليست جانباً أساسياً من المشكلة المتعلقة بالأنشطة الإرهابية في الشرق الأوسط. وهنا يتساءل الكاتب عن الأسباب التي حدت بالنظام القطري لإنفاق كل هذه الأموال لتبييض صورته، في ضوء وجود قاعدةٍ عسكريةٍ أميركية كبرى على أراضيه، تلعب دوراً كبيراً في العمليات التي يقوم بها الجيش الأميركي ضد الجماعات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط من قبيل تنظيميْ «داعش» و«القاعدة». ويقدم الخبير الاستراتيجي الأميركي إجابةً على ذلك على ما يبدو عبر قوله، إن قطر طالما انتهجت سياساتٍ ذات وجهين من «أجل تجنب مواجهة الغضب الأميركي من جهة واتقاء غضب التنظيمات الإرهابية من جهة أخرى». وأشار إلى أن ذلك هو ما أتاح للدوحة الفرصة - مثلاً - لتسهيل إجراء محادثات بين الولايات المتحدة وجماعةٍ إرهابية، مثل حركة طالبان الأفغانية. ويلمح إلى أن هذا الدور القطري المشبوه في تسهيل الاتصالات مع الإرهابيين، هو ما يجعل جناحاً في وزارة الخارجية الأميركية، يبدي انحيازاً للنظام القطري، ولعله يومئ هنا من طرفٍ خفي إلى الموقف الداعم للدوحة الذي كان يتبناه الوزير السابق ريكس تيلرسون. ولكن باتي يؤكد في الوقت نفسه أن ما صار يُوصف بـ«الانجراف القطري صوب إيران»، بات يشكل أحد أبرز بواعث القلق الإقليمي الناجم عن السياسات التي ينتهجها «نظام الحمدين». وأبرز في هذا الشأن ما قاله مسؤولون أميركيون مؤخراً، من أن مخاوف البيت الأبيض تتصاعد إزاء اقتراب الإمارة المعزولة من الفلك الإيراني سياسياً واقتصادياً، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن - وإن على نحوٍ مشوش قليلاً - إلى تسوية الأزمة القطرية، التي تعصف بمنطقة الخليج منذ نحو أحد عشر شهراً. وجدد تقرير مركز «مجموعة الدراسات الأمنية» الأميركي التأكيد على تحذيراتٍ سبق أن أطلقها قبل شهور، وقال فيها إن التقارب الكبير بين النظام القطري ونظام الملالي المُهيمن على الحكم في إيران «يشكل خطراً داهماً على السياسة الخارجية الأميركية». وفي إشارة إلى إمعان الدوحة في سياستها القائمة على «اللعب على كل الحبال»، لفت د. باتي الانتباه إلى أنه بالتزامن مع زيارة أمير قطر إلى الولايات المتحدة في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر والتي شهدت لقاءه الرئيس الأميركي، كان هناك مسؤولون قطريون كبار يزورون إيران بدورهم، لإجراء مفاوضاتٍ تستهدف التوصل إلى اتفاقيات تعاونٍ اقتصادي بين البلدين. وأشار باتي إلى أن الجهود التي تبذلها قطر للتقارب مع إيران «تبدو خيانةً لباقي دول مجلس التعاون»، واعتبر أن المقاطعة المفروضة على «نظام الحمدين»، والتي توشك على دخول شهرها الثاني عشر، تشكل رداً من دول المجلس الأخرى على هذا النهج التخريبي من جانب الدوحة. من جهة أخرى، حذر الخبير الاستراتيجي الأميركي على أن العزلة المضروبة على النظام القطري، ربما تتخذ أبعاداً أكثر قسوة في الفترة المقبلة، إذا ما تم المضي قدماً في مشروع قناة «سلوى» السياحي، الذي تحدثت عنه وسائل إعلامٍ إقليمية مؤخراً، والمتعلق بشق مجرى مائي بطول 60 كيلومتراً في منطقة الحدود البرية بين السعودية والدويلة المعزولة، وهو ما سيحوّل قطر من شبه جزيرة إلى جزيرة بشكلٍ فعلي، مع إغلاق آخر منفذ بري لها مع دول الجوار. ولم يغفل باتي في الوقت نفسه الإشارة إلى التقارير المتداولة حول إمكانية استخدام هذه القناة - التي ستربط بين منطقتيْ سلوى وخور العديد السعوديتيْن - لدفن نفاياتٍ نووية، وجعل الموقع كله منطقةً عسكريةً. ويخلص المحلل الأميركي من ذلك كله للتأكيد على أن قطر في «موقفٍ أضعف مما قد تدرك هي نفسها»، قائلاً إن «الإيرانيين ليسوا وحدهم القادرون» على إغلاق منافذ المنطقة، وإنما بوسع السعودية كذلك الإقدام على هذه الخطوة حيال الدويلة المعزولة. كما حذر باتي في تقريره «نظام الحمدين» من مغبة مواصلته الاعتماد اقتصادياً على نظام الملالي، مؤكداً أن الاقتصاد الإيراني - الذي تعتمد عليه قطر في مساعيها لمواجهة تَبِعات المقاطعة الصارمة التي تتعرض لها - «آخذٌ في التداعي» بدوره. وتكتسب آراء مركز «مجموعة الدراسات الأمنية» أهميةً كبيرةً في أروقة صنع القرار في العاصمة الأميركية واشنطن، وهو ما يؤكده ما كشف عنه القائمون عليه مؤخراً من أن مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض كلفه بإلقاء نظرة فاحصة على خطط ترامب لنشر قوات من الشرق الأوسط في سوريا، وذلك بناءً على ورقة بحثية كان المركز قد أعدها العام الماضي بشأن سبل إرساء الاستقرار والأمن في العراق وسوريا بعد استكمال دحر تنظيم «داعش» الإرهابي في كلا البلدين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©