السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الجامع المعلق».. نموذج لروعة وفخامة العمارة المملوكية

«الجامع المعلق».. نموذج لروعة وفخامة العمارة المملوكية
4 يونيو 2017 21:48
مجدي عثمان (القاهرة) لم يتبق من منشآته العديدة التي وردت بوثيقته سوى المدرسة المحمودية أو مسجد ومدرسة جمال الدين الاستادار أو مسجد الكردي، بحي الجمالية، وانتهى من عمارتها في شهر رجب 811 هـ - 1407م وجعلها لتدريس المذاهب الفقهية الأربعة للطلبة والصوفيين من أهل مصر والشام، وأوقف عليها الكثير، فجاءت كما يقول المقريزي في أحسن هندام وأتم قالب وأفخر زي وأبدع نظام. يقول علي باشا مبارك في الخطط التوفيقية: هذه المدرسة بشارع الجمالية تجاه القره قول - قسم الشرطة - أنشأها الأمير جمال الدين الاستادار سنة 810 هـ، وهي عامرة الآن وتعرف بالجامع المعلق، وقد ذكرناه في الجوامع «جامع المعلق» هو بخط الجمالية عن شمال الذاهب من المشهد الحسيني إلى باب النصر ويعرف أيضاً بجامع الجمال أو الجمالي والجماني، وهو معلق يُصعد إليه بعدة درج وشعائره مُقامة، وكان أولاً مدرسة تُعرف بمدرسة الأمير جمال الدين الاستادار، وذكرها المقريزي في ذكر المدارس، فقال: هذه المدرسة برحبة باب العيد كان موضعها قيسارية يعلوها طباق موقوفة فأخذها الأمير جمال الدين وابتدأ بشق أساسها سنة 810 وانتهت عمارتها سنة 811 هـ، ونقل إليها جملة مما كان بمدرسة الأشرف شعبان التي كانت تجاه الطلبخانة من قلعة الجبل من شبابيك نحاس مكلف بالذهب والفضة وأبواب مصفحة بالنحاس المكلف ومصاحف وكتب حديث وفقه وغيره، اشترى ذلك من الملك الصالح المنصور حاجي بن الأشرف بمبلغ 600 دينار وكانت قيمتها عشرة أمثال ذلك. وقد وصف المقريزي خزانة الكتب في المدرسة التي أنشأها الأمير جمال الاستادار قائلاً: هذه المدرسة بخط الموازنيين خارج باب زويلة تجاه دار القردمية أنشأها الأمير جمال الدين محمود بن عليَّ الاستادار ورتب بها درساً وعمل فيها خزانة كتب لا يُعرف اليوم بديار مصر ولا الشام مثلها، وبهذه الخزانة كتب الإسلام من كلّ فن، وهي من أحسن مدارس مصر، وكان مما حوت، عشرة مصاحف طول كل مصحف منها أربعة أشبار إلى خمسة في عرض يقرب من ذلك، أحدها بخط ياقوت، وآخر بخط ابن البواب، وباقيها بخطوط منسوبة، معمولة في أكياس الحرير الأطلس. والأمير جمال الدين يوسف الاستادار ولد في سنة 752 هـ - 1352 م بالبيرة في فلسطين، لأب يعمل واعظاً، ونشأ حافظاً للقرآن وكان يرتدي زي رجال الدين، وبعد وفاة والده قدم إلى القاهرة سنة 770هـ - 1370م، فخلع زي رجال الدين وخدم الأمير بجاس، وانخرط في وظائف الدولة حتى وصل إلى منصب الاستادار، وهي كلمة أصلها فارسي، وتتكون من مقطعين «إستا» بمعنى الأخذ و«ادار» بمعنى ممسك وأُدغمت الكلمتان فصارتا «استادار»، بمعنى «المتولي»، وسمي بذلك لأنه يتولى أخذ أو جمع المال‏.‏ وقد شغل جمال الدين تلك الوظيفة لدى العديد من الأمراء والسلاطين، آخرهم السلطان فرج بن برقوق، كما شغل وظيفتي الوزارة ونظر الخاص في سنة 809 هـ مضافاً لما بيده، ثم كاشف الكُشاف، إلا أن وظيفة الاستادار ارتبطت باسمه، باعتبارها أهمهم. ومدرسة ومسجد جمال الاستادار تُظهر روعة وفخامة العمارة المملوكية لدولة المماليك الجراكسة، والمدرسة لها واجهتان، إحداهما شمالية، وهي من المدارس المعلقة، حيث يوجد أسفلها مجموعة من الحوانيت - الدكاكين - وتتكون من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة إيوانات مفروشة بالحجر الجيري المستطيل، أما الصحن، فقد فُرش بالرخام الملون، والأسقف زاخرة بالزخارف، والمبنى كان يستخدم كمسجد للصلاة مع المدرسة، وكانت له مئذنة تهدمت بفعل الزمن. موسوعة جامعة لعلوم القرآن أبو حيان الأندلسي.. صاحب «التفسير المحيط» أحمد مراد ? (القاهرة)? إمام جليل، عرف بتمكنه في علوم الفقه واللغة والتفسير، وقد جاء تفسيره للقرآن الكريم بمثابة موسوعة جامعة للعلوم كافة المتعلقة بكتاب الله تعالى، وقد وصفه الأمام الذهبي في كتابه «سير أعلام النبلاء» بأنه أغزر العرب علماً، وأعلم مفتي في بلاد الأندلس وفي مصر. هو الإمام أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن حيان الأندلسي، ولد في غرناطة ببلاد الأندلس، وتلقى علوم اللغة والحديث والقراءات والتفسير من كبار علماء وشيوخ زمانه، وعاش متنقلاً بين البلاد الإسلامية حتى استقر في القاهرة، وأصبح مدرساً في مدارسها، وكان على علم غزير بالعربية، لغة ونحواً وصرفاً وشعراً، إلى جانب كونه صاحب باع طويل في التفسير، وعلوم الحديث والتراجم والقراءات، وصنف العديد من المؤلفات المهمة أبرزها تفسيره للقرآن الكريم الذي حمل عنوان «التفسير المحيط». ويعد الجانب النحوي هو أبرز جوانب تفسير أبو حيان، حيث أكثر من ذكر مسائل النحو، وتوسع فيها بدرجة كبيرة، وذكر مسائل الخلاف، وفي الوقت نفسه لم يهمل الجوانب التفسيرية الأخرى، فقد تعرض لغير مسائل النحو، مثل ذكره المعاني اللغوية للآيات، والأسباب الواردة في نزولها، والأحكام الفقيهة المتعلقة بآيات الأحكام. وفي تفسيره للقرآن الكريم، يبدأ أبو حيان الكلام على مفردات الآية القرآنية، فيشرحها كلمة كلمة، ويبين معانيها، وبعد أن يذكر سبب نزول الآية، إن كان هناك سبب لنزولها، يشرع في تفسيرها كاملة، ثم يذكر تناسب الآية مع ما قبلها من الآيات، مع ذكر أوجه القراءات القرآنية الواردة في الآية، وتوجيهه لتلك القراءات وفق مقتضيات اللغة العربية، ثم ينقل أقوال السلف والخلف الواردة في معاني الآيات، ويختار منها ما يراه الأقوى دليلاً، والأصح ثبوتاً. واهتم أبو حيان اهتماماً خاصاً ببيان النواحي البلاغية في الآية التي يريد تفسيرها، وفيما يتعلق بآيات الأحكام، فإنه ينقل أقوال الفقهاء في المسألة موضع البحث، ويرجح منها ما يرى أن الدليل يؤيده، والعقل يصوبه. ومن أبرز معالم تفسير أبي حيان أنه لا يحّمل النص القرآني ما لا يحتمل، ولا يخرج به عن ظاهره إلا لدليل يقتضي هذا الخروج، ولذلك لا يتعرض في تفسيره لأقوال أهل الفلسفة. واعتمد أبو حيان في جمع مادة تفسيره على كتاب «التحرير والتحبير لأقوال أئمة التفسير» لابن النقيب، كما أنه كان كثيراً ما ينقل عن الزمخشري، وابن عطية، خاصة في مسائل النحو. وبعد رحلة عطاء طويلة، قضاها أبو حيان في رحاب العلم والقرآن الكريم، توفي بالقاهرة في الثامن والعشرين من شهر صفر سنة 745 هجرية عن عمر ناهز التسعين عاماً. الآلهة المزيفة..أحقر من أن تقدر على ذبابة القاهرة (الاتحاد) من بدائع الأسلوب القرآني المعجز ضرب الأمثال للناس، بقصد إيصال الأفكار المجردة بصورة حسية مرئية، يكون لها من الأثر في النفوس، والتأثير في العقول، ما لا يكون للفكرة المجردة، ومن قبيل هذا الأسلوب المثل القرآني الذي ضربه سبحانه لبيان حقيقة ما يُعبد من دونه، مهما كان هذا المعبود، قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)، «سورة الحج: الآية 73». هذا المثل يقرر حقيقة أن الآلهة المزيفة، أحقر من أن تقدر على أقل ما خلقه الله وأذله وأصغره، ولو اجتمعوا لذلك وتساندوا وتعاضدوا، وليس أدل من ذلك على عجزهم وانتفاء قدرتهم، أن هذا الخلق الأذل «الذباب»، لو اختطف منهم شيئاً، فاجتمعوا على أن يستخلصوه منه، لم يقدروا على شيء من ذلك، مهما توسلوا من الأسباب، ومهما ملكوا من الوسائل. إنه سبحانه ضرب أمثالاً أبطل بها ربوبية الأصنام، والذباب أضعف الحيوانات وأوهنها، ومع ذلك فآلهتهم عاجزون عن خلق الذباب، وإن سلب الذباب منهم شيئاً لا يستطيعون استنقاذه منه، وقد شبّه عجز الآلهة المعبودة من غير الله بهيئة ناس تعذر عليهم خلق أضعف المخلوقات، وهو الذباب، وإذا عجزت عن إيجاد أضعف الخلق، وعن دفع أضعف المخلوقات عنها، فكيف توصف بالإلهية، وكيف يُتوجه إليها بالعبودية، وهي في الحقيقة، لا تملك من أمرها شيئاً، فضلاً عن أن تملك لغيرها نفعاً أو ضراً. وهذا المثل يعلن ضعف الآلهة المدعاة، ومن بلاغته، أنه شبه ضعفها وهوان أمرها بالذباب، وهو من أضعف المخلوقات بنية، وأحقرها شأناً، ومع ذلك، فإن خلق الذباب مستحيل، كخلق الجمل والفيل. إنه نداء عام، يتوجه به سبحانه إلى الناس جميعاً مقرراً حقيقة مهمة في هذا الوجود، لا يستقيم أمره إلا بالتسليم لها، ولا تكون سعادته إلا بالأخذ بمستلزماتها، وهي أنه لا معبود ينبغي أن يفرد بالعبادة إلا هو سبحانه، أما ما سواه من الآلهة المدعاة، فهي مزيفة، لا تملك من أمرها شيئاً، فضلاً عن أنها لا تملك لغيرها نفعاً أو ضراً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©