الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أداء البنوك الأميركية الجيد ليس كافياً لمنع أزمة مالية جديدة

أداء البنوك الأميركية الجيد ليس كافياً لمنع أزمة مالية جديدة
29 ابريل 2018 22:20
أكبر البنوك الأميركية من بين المؤسسات التي تعتمد على الرافعة المالية التي تعمل في الولايات المتحدة اليوم، حيث تسمح بتمويل الإقراض والأنشطة الأخرى بدين يبلغ 94 سنتاً ونحو 6 سنتات فقط من الأسهم لكل دولار في الأصول. وأرباح البنوك الأميركية الكبرى حالياً قياسية، فبعضها حقق أرباحاً بلغت 35% وهذا هو أعلى رقم تصل إليه على الإطلاق. كما أن إقراضهم قوي، ويفوق النمو الاقتصادي بشكل عام في السنوات الأخيرة.وبالتالي، فإن ما يعنينا في هذا الأمر يتعلق بتقيّيم الاحتياطي الفيدرالي ومكتب مراقب العملة في الولايات المتحدة للمقترحات التي من شأنها أن تسمح بتقديم المزيد من الرافعة المالية للبنوك (مدى اعتماد المنشأة على الاقتراض من المؤسسات المالية والمصرفية في سد احتياجاتها المالية). وهذه المقترحات لها أهداف جديرة بالثناء لتبسيط قواعد رأسمال البنك وتعزيز الإقراض للاقتصاد الحقيقي. إلا أننا نخشى أن يكون تأثيرها غير المقصود هو جعل النظام المالي أقل مرونة، وخلق أزمة مالية جديدة أكثر حدة. والفكرة القائلة إن تخفيض متطلبات رأسمال البنك يعزز الإقراض أمر غير صحيح. فالأبحاث تثبت أن البنوك ذات مستويات رأس المال الأعلى تُقرض أكثر، وليس أقل، من خلال الدورات التجارية. والبنوك ذات الاستدانة العالية عرضة للصدمات التي تحدث حتما خلال فترة الانكماش الاقتصادي. وبسبب حجم ونطاق أعمال البنوك الرئيسية، فإن هذا الضعف يقوض استقرار الاقتصاد بشكل عام. وفي بداية أزمة عام 2008، كان لدى أكبر البنوك الأميركية أسهم لأصول تبلغ نحو 3%، أو 97 سنتاً من الديون مقابل كل دولار من الأصول. فقد خسروا ضعف استثماراتهم واحتاجوا لتريليونات الدولارات من السيولة ومساعدات أخرى يدعمها دافعو الضرائب لإنقاذهم وتحقيق الاستقرار للاقتصاد في الولايات المتحدة. وخلال تلك الفترة، انخفضت قدرتها على الإقراض عندما ارتفع خطر الإفلاس. وخفضت أكبر بنوك «وول ستريت» الإقراض بنسبة 18% من الربع الأول من 2008 إلى الربع الرابع من 2009، ما أدى إلى تعميق الركود بشكل كبير.وهذه التجربة متناسقة في كل الدورات الاقتصادية، رغم أنها كانت شديدة بشكل خاص خلال الأزمة الأخيرة بسبب قواعد رأس المال المتراخية. ولهذا السبب، بعد الأزمة، عمل صناع السياسة من جميع المقاربات السياسية على تعزيز متطلبات رأس المال. وأصبح رأسمال البنوك الآن أكثر صحة مما كان عليه قبل الأزمة، ولا يوجد دليل على وجود نقص في الائتمان. وتظهر الدراسات الاستقصائية للشركات الصغيرة أن احتياجاتها الائتمانية يتم الوفاء بها، لكن قروض المقدمة الشركات الكبيرة ترتفع، وسوق العقارات السكنية تشهد سخونة متزايدة. وقد يكون هناك تراكم كبير للديون في قطاعات معينة. إن التغييرات في قواعد رأس المال، إن وجدت، ينبغي أن تعزز مخزون رأس المال خلال فترات النمو. والمقترحات التي يفكر فيها بنك الاحتياطي الفيدرالي حاليا لن تؤدي إلى إضعافها فحسب، بل إلى الاعتماد بدرجة أقل على نسبة تحقيق الأرباح، وهو مقياس بسيط ومفهوم يغطي نسبة الدين إلى رأس المال في التمويل المصرفي والذي أثبت أنه مؤشر قوي على الصحة المالية للبنوك. بدلاً من ذلك، سيقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتقييم استقرار البنوك باستخدام «المخاطر النموذجية»، وهو التقييم نفسه الذي اعتمد عليه سابقا وأثبت فشله في التنبؤ بالأزمة الأخيرة في عام 2008. ومن خلال التقليل من دور نسبة الرافعة المالية باعتبارها «قيداً ملزماً»، فإن المقترحات تهدف إلى «تحرير» رأس المال مع افتراض أنه سيعطي البنوك القدرة على زيادة ديونها لدعم قطاع العمال وتقديم الأرباح للمساهمين. ووفقاً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، فإن القواعد ستفرج عن 121 مليار دولار، وهو ما يمثل خفضاً بنسبة 20% في مستويات رأس المال للبنوك. في الواقع، من المحتمل أن يكون للمقترحات تأثير بسيط فقط على الإقراض المصرفي. ومن المرجح أن تقوم البنوك ببساطة بنقل رأس المال الذي تم إصداره حديثاً إلى شركاتها الأم. وبالنظر إلى التغييرات الأخرى التي يقترح مجلس الاحتياطي الفيدرالي طرحها للاختبار، يبدو أنه لن يكون هناك أي شيء متعلق بحظر الأموال التي يتم توزيعها من الشركة القابضة على المساهمين من خلال توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم طالما أن البنك «ذو رأسمال جيد»، في الوقت الحالي هذا معيار ثابت لجميع البنوك الكبرى بالولايات المتحدة. وخفضت الشركات القابضة المصرفية رؤوس أموالها لتتوافق مع أي متطلبات قد تنطوي على حد أدنى جديد. ويقومون بتوزيع «الفائض» على المساهمين، أو يستخدمونه لدعم التوسع في أنشطتهم التجارية غير المصرفية الأخرى، بدلاً من زيادة الإقراض التجاري. وليس لدينا سبب للاعتقاد بأن البنوك سوف تستجيب بشكل مختلف هذه المرة. وبالتالي، فإن هذه المقترحات من شأنها إضعاف مرونة النظام إما لفائدة توزيعات الأسهم أو السماح للبنوك الأميركية الثمانية الكبرى أن توسع نفوذها بدرجة أكبر من خلال المزيد من الرافعة المالية بجانب المزيد من المخاطر. وتعتبر نسبة الرافعة المالية هي أفضل عملية للتحقق من الإفراط في المخاطرة. وتقويضه للسماح بتوزيعات رأسمالية أكبر يضعف الصناعة، كما أنه لا يقدم الكثير لتحسين الإقراض في الأوقات الجيدة، ويقوض الإقراض خلال فترات الركود، عندما يكون الاقتصاد الأميركي في حاجة إليه أكثر من غيره.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©