الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تربية المسؤولية

3 يونيو 2010 20:48
شهدت أروقة محكمة رأس الخيمة حادثة غريبة، أب يطالب بطرد أولاده الثلاثة من المنزل. الصحف التي نقلت الخبر أكدت أن الأب استنفد كل محاولات إصلاح حال الأبناء الذين استكانوا للنوم نهاراً والسهر ليلاً، وأصبحوا غير مبالين بالبحث عن عمل يتحملون عبره مسؤولياتهم تجاه أنفسهم على الأقل، الأمر الذي دفع الأب لطرق أبواب المحكمة بحثاً عن قرار قضائي رسمي يقضي بطردهم من مسكن الأسرة. هذه القضية التي لم يتضح الكثير من معالمها حتى الآن، ولم يصل القضاء إلى كلمة فاصلة فيها بعد، تفتح النقاش حول غياب مفهوم تحمل المسؤولية الفعلية من عقول الأبناء. أصبح من الشائع اليوم وجود شخص لا مبالٍ في كل عائلة، شخص اتكالي ينتظر من الآخرين خدمته والقيام بواجباته، أحياناً يبدو وجود “خروف ضال” في الأسرة أمراً يتقبل بصعوبة، ربما لأن نجاح بقية الأبناء يغطي على لا مبالاة شخص واحد، لكن وجود ثلاثة في بيت واحد يعني بالتأكيد وجود خلل في عملية التربية أساساً، وقصور ربما كان الأب نفسه ارتكبه في طفولة هؤلاء الأبناء حتى كبروا وهم معتادون على اللامبالاة. يؤكد العلماء أن تعويد الأطفال على تحمل المسؤولية يبدأ عند سن الثالثة، وهذا التعويد يبدأ من أوامر صغيرة، مثل (رتب دولاب ملابسك) أو (اعتن بنظافة قميصك)، ويتسلسل مدفوعاً بعواطف التقدير والاحترام إلى مسؤوليات كبيرة مثل العناية بالمنزل في حالة غياب الوالدين، أو القيام بمسؤولية اصطحاب المرضى للمستشفيات وغيرها. يقول علماء النفس إن الاستقلالية والإحساس بالمسؤولية صفتان يكتسبهما الشخص عن طريق التدريب والممارسة والقدوة الحسنة، فالوالد المسؤول يقدم نفسه كقدوة حسنة لطفله ويساهم في غرس هذا الخلق لديه. أما الحماية الزائدة للطفل، وتصدي الوالد للقيام بمسؤوليات الأبناء طوال العمر، أو أخذ حق اتخاذ القرار عن الأبناء والقلق المستمر على الصغار، أو حتى التسلط المبالغ عليهم يحولهم مع الوقت إلى لامبالين بالناس، واتكاليين دائمين على الآخرين، وسلبيين تجاه دورهم في عملية بناء المجتمع. إن أول خطوة لإعداد أبناء قادرين على تحمل المسؤولية تكون بتحكم الآباء بعواطفهم، والتفريق بين الحب والتساهل معهم، والحزم والتسلط عليهم، وهذا لا يكون إلا بالتفكير الجيد والواعي، لأنها الوسيلة الحقيقية لتنشئة جيل يستطيع اتخاذ القرارات الصحيحة، وقادر على الإبداع والارتقاء، ومن ثم الإحساس بمعنى أن يكون فرداً ناجحاً عوضاً أن يتحول إلى بليد يكرهه الآخرون ولا يعرفون وسيلة لإيقاف كسله إلا المحاكم. فتحية البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©