الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برلسكوني عن الصحفيين: «نصابون» و«مجرمون»!

برلسكوني عن الصحفيين: «نصابون» و«مجرمون»!
10 أكتوبر 2009 00:46
لن تُصنَّف إيطاليا مستقبلا ربما ضمن الديمقراطيات الغربية التي تعتبر حرية الصحافة من الأمور المسلم بها. فيوم السبت، خرج نحو 300 ألف إيطالي إلى الشوارع احتجاجاً على الهجمات التي شنها رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني مؤخراً ضد وسائل الإعلام؛ حيث تتهم جمعية الصحافيين الوطنية الحكومةَ بـ»إضعاف» جهود انتقاد الحكومة وإخبار الجمهور. وقد اندلعت الاحتجاجات إثر دعوتين قضائيتين رفعهما برلسكوني مؤخراً ضد صحف إيطالية كتبت حول مغامراته الغرامية خارج العلاقة الزوجية؛ حيث يطالب رئيسُ الوزراء الإيطالي في إحداها «ليونيتا»، وهي صحيفة يسارية تبيع نحو 60 ألف نسخة، بتعويض قدره 2.6 مليون يورو بدعوى تشويه سمعته. وفي هذا السياق، يقول جيان ماريا بيلو، نائب رئيس التحرير: «إذا خسرنا القضية، فإننا لن نستطيع الدفع»، مضيفاً: «إنهم يريدون إفلاسنا». ويرى بيلو أن الأوضاع تصب في صالح برلسكوني بعد أن مرر قانوناً يمنحه الحصانة ضد الدعاوى القضائية من النوع الذي يرفعه اليوم إذ يقول: «إن الأمر شبيه بتحدي شخص لخوض معركة شرف في وقت ترتدي فيه أنت درعاً واقياً بينما منافسك عار»، وأن برلسكوني «يستطيع مقاضاتنا لأنه شعر بالإهانة بسبب المقالات التي نكتبها، لكننا لا نستطيع أن نقاضيه حتى إذا سبنا وشتمنا». ومعروف عن برلسكوني نعته للصحافيين غير اللطيفين معه بـ«المجرمين»، كما سبق أن قال ذات مرة إن وسائل الإعلام «تغص بالنصابين»، وذلك رغم أنه يهيمن على معظم صحافة بلاده؛ حيث تمتلك عائلته واحدة من المجلتين الإخباريتين الكبيرتين في إيطاليا، وصحيفتين يوميتين، وثلاث من القنوات التلفزيونية الرئيسية السبع. ومن بين القنوات التلفزيونية الأربع المتبقية، هناك ثلاث قنوات تديرها الحكومة التي يقودها برلسكوني. ورغم أن التلفزيون الحكومي مازال يذيع برامج منتقدة للحكومة، فثمة خطوات تتخذ من أجل كبحها والحد من استقلاليتها. وكمثال على ذلك، فتحت الحكومة مؤخراً تحقيقاً في البرنامج الحواري «أنو زيرو» الذي يبث على قناة «راي 2» المملوكة للدولة. وذلك بعد أن قام البرنامج خلال الأسبوع الماضي باستجواب مومس قالت إنها أقامت علاقة مع برلسكوني. وضمن تطورات هذه القضية، أقيل مؤخراً ماركو ترافاليو، الذي يشترك في تقديم البرنامج والمعروف بصراحته وانتقاده لبرلسكوني، رغم أن ذلك حدث قبل إذاعة الحوار مع المومس. كما يقول صحافيون في برامج أخرى إنهم يتعرضون لضغوط لكبح انتقاداتهم لبرلسكوني مع تهديدات بسحب التأمين الحكومي. وفي هذا الإطار تقول ميلينا جابانيلي، رئيسة تحرير «ريبورت»، وهو برنامج تحقيقات صحفية: «إننا نتعرض لضغوط قوية جداً... إن المساهم الرئيسي، وزير المالية، لا يحبنا، بل إنه قاضانا ذات مرة». وحسب جابانيلي، فإن الضغوط الرامية إلى كبح الانتقادات ضد الحكومة ازدادت قوة منذ أن وصل برلسكوني إلى السلطة، إذ تقول: «إن أي ديمقراطية ناضجة ما كانت لتسمح لرجل يملك أكبر شبكة تلفزيونية (خاصة) بالسيطرة على التلفزيون الحكومي أيضاً». كما تشتكي جابانيلي من أن قوانين القذف والتشهير الإيطالية الصارمة تجعل من السهل مقاضاة الصحافة، مما يؤدي إلى محاكمات باهظة يمكن أن تستمر إلى غاية عقد من الزمن، وتقول: «لا غرو في أن صحافة التحقيقات في هذا البلد تُخنق». غير أن أقلية من الصحافيين الإيطاليين يرون أنه لا يوجد شيء خاص بشأن علاقة برلسكوني المتشنجة مع الصحافة، حيث يقول باولو كورسيني، الذي يرأس «لالتيرناتيفا»، وهي جناح محافظ من منظمة الصحفيين رفضت دعم الاحتجاجات: «لا أرى فائدة من الاحتجاج ضد رئيس الوزراء هذا لأنه قاضى بعض الصحف، والحال أن كل من سبقوه في منصب رئاسة الوزراء قاموا بالشيء نفسه»، مضيفاً: «عندما قاضى رئيسا الوزراء التقدميان السابقان ماسيمو داليما ورومانو برودي الصحف التي كانت تنتقدهما، لم يقل أحد أي شيء. إنه من النفاق أن يحتج اليسار الآن باسم حرية التعبير». ويقول كورسيني أيضا: «حري بي أن أقلق بشأن حقيقة أننا مازلنا نفتقر إلى معادل للتعديل الأول للدستور الأميركي». ويذكر هنا أن الدستور الإيطالي يكفل حرية التعبير، لكن في حدود يمكن أن يحددها القضاء. غير أن ديفيد بيدوسا، وهو مؤرخ بمعهد فيلترينيلي، يرى أن الصحافة المستقلة ليست لديها جذور قوية في إيطاليا، إذ يقول: «تاريخياً، يعد مفهوم الصحافة المستقلة هنا في إيطاليا، غائباً تقريباً». ثم يضيف: «كل المعطيات تشير إلى أن المرء ما زال يستطيع قول ونشر ما يريد في إيطاليا... ومع ذلك، فالمناخ العام فاسد. فبرلسكوني لا يتسامح مع أبسط الانتقادات، والغريب في الأمر أنه مصر على الاستمرار في الزعم بأنه ضحية وسائل الإعلام الشريرة والقوية». ومن جهة أخرى، هناك الصحافيون اليساريون الذين هم في الغالب مناوئون للحكومة سلفاً، وهو أمر غير نزيه ويمثل نوعاً من التعصب. ويقول بيدوسا: «أسمع الكثيرين يتحدثون عن حرية الصحافة واستقلاليتها، لكني لست واثقاً من أن معظم الناس يريدونها، كما أنه ليست لدي فكرة واضحة عما يعنيه ذلك بالضبط». آنا موميليانو – ميلانو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس موينتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©