الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترامب والانحدار إلى المستويات الدنيا

17 أكتوبر 2016 10:52
الآن، وقد عوقبت القاضية «روث بادر جينسبيرج»، حري بنا أن نسأل عما ينم عنه هجومها المختصر على متلازمة الفوضى لدى ترامب وعن قدرة النظام الأميركي على تحمل أربع سنوات من رئاسته. والإجابة باختصار: إنه ليس فأل خير. وبينما تطورت فكرة تولي ترامب الرئاسة من فكرة مضحكة إلى فكرة مستبعدة إلى احتمال حدوثها في الواقع، يحتدم النقاش في واشنطن بشكل شديد. والنقاش لا يدور حول أهلية الرجل لتولي المنصب -فالقليل من الناس هم من سيهتمون بما إن كان دونالد ترامب مؤهلاً أو مناسباً من الناحية المزاجية لأن يكون القائد العام- ولكنهم يتساءلون بالأحرى عن مدى الضرر الذي قد يتسبب في حدوثه. البعض يقول إن ترامب قد يكون أكثر تدميراً من أي قائد سابق، بما في ذلك احتمال دفع البلاد نحو الفاشية. ولكن مؤتمراً حزبياً مناهضاً لمثيري المخاوف يرد بأن النظام الأميركي أقوى من أي شخص منفرد -وأن بإمكاننا الاعتماد على الدستور، وعلى الضوابط والتوازنات الراسخة منذ فترة طويلة، وعلى مراقبة الصحافة وغيرها، وعلى القادة الذين سيدافعون عن سيادة القانون. وعلى سبيل المثال، فقد أيد ترامب تعذيب المشتبهين الإرهابيين وقصف أسرهم البريئة. لكنه إذا حاول تنفيذ هذه الإجراءات غير القانونية، كما يقول المطمئنون، فإن القادة العسكريين والبيروقراطيين المدنيين سيرفضون طاعته. وإذا حاول ترحيل 11 مليون شخص من دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، فإن القضاة سيعترضون. كما أن الكونجرس أيضاً سيتحقق من التجاوز التنفيذي. إنني أود أن أصدق هذه الحجة، ولكن زمناً مثل هذا يدعم مدى اعتماد النظام الأميركي ليس فقط على القوانين، بل أيضاً على عادات الالتزام بها: على الاحترام المتأصل للمعايير، والتسويات الديمقراطية وللكياسة. وقد بدأ هذا الاعتبار في الانحسار في السنوات الأخيرة، حيث أصبح التحزب أكثر ضرراً. فالجمهوريون سيقولون إن الرئيس أوباما قد وسع حدود الأوامر التنفيذية التي تجاهلت دور الكونجرس وقوضت الفصل بين السلطات. ولكن عندما أعلن القضاة أن أوباما قد ذهب إلى حد بعيد في محاولته إضفاء الشرعية على الملايين من المهاجرين غير الشرعيين، بادر بالانسحاب. وقد أعرب عن خيبة أمله بمرارة، بلا شك، ولكنه استجاب للقرار القضائي في النهاية. فماذا لو قرر رئيس تجاهل مثل هذا القرار؟ ماذا لو قام بتعيين نائب عام، أو مدير للموازنة أو قائد للحدود أو غيرهم من البيروقراطيين الحريصين على المشاركة في هذا التحدي؟ تخيل، على سبيل المثال، أن القضاة قالوا للرئيس ترامب إنه لا يمكنه تحويل منطقة الحدود الجنوبية الغربية إلى «دولة بوليسية». كما توقع المدير التنفيذي للاتحاد الأميركي للحريات المدنية، في مقال نشرته «واشنطن بوست» مؤخراً، أنها ستكون نتيجة لخطة ترامب لترحيل 11 مليون مهاجر غير شرعي! تخيل أن ترامب وإدارته واصلوا بناء المعسكرات على أي حال. نظراً للازدراء الذي أعرب عنه ترامب للقضاء، والجهل بالدستور الذي أبداه، فإن هذا السيناريو ليس بعيد المنال. وفي مثل هذه اللحظة، لن تستطيع القوانين إنقاذك، ولكن فقط الشعب. فهل سيقف أعضاء الكونجرس، وموظفو الخدمة المدنية وغيرهم أمام ترامب ويدافعون عن سيادة القانون -وهل يمكنهم معارضته ويظلوا في الوقت نفسه أوفياء للمبدأ وعدم النزول إلى مستواه؟ بالنسبة للسؤال الأول، فإن الأدلة من حزب ترامب ليست مشجعة. فالجمهوريون الذين كانوا قبل أشهر واضحين بشأن الخطر الذي يمثله فعلوا نفس الشيء بشكل وضيع، وإن كان بدرجات متفاوتة من الحماس. وإذا كان رئيس مجلس النواب الجمهوري «بول ريان» لا يستطيع التبرؤ من مرشح اتهمه بالعنصرية، فلماذا نعتقد أنه سيكون أكثر حزماً عندما يحل هذا المؤيد للعنصرية في البيت الأبيض؟ والسؤال الثاني -هل يظل المعارضون لترامب ملتزمين قيمهم؟- هنا نجد قصة القاضية «جينسبيرج» غير مشجعة. وكما هو الحال مع السيناتور ماركو روبيو وتعليقاته الساخرة أثناء موسم الانتخابات التمهيدية، فإن القاضية «جينسبيرج» سمحت لترامب بأن يقودها إلى سلوك غير ملائم، ولابد أنها قد أدركت عند مستوى معين أنه خطأ، من الناحية التكتيكية ومن الناحية الأخلاقية كذلك. وحالة التشويش التي تعتريه هي أمر مفهوم. فترامب يتم تصويبه من قبل المدققين ولكنه يعيد سرد رواياته بصوت أعلى. إنه يهين أبطال الحرب ولا يقدر قدامى المحاربين. وهناك أيضاً الكذب والتلميحات التآمرية والسب وبعض سلوكياته مثل إخفاء إقراراته الضريبية، ولا يبدو وكأن كل ذلك يلحق الضرر به. وإذآً كيف يمكن الرد؟ إذا تظاهرت، مثل ريان، بأن ترامب هو قائد جمهوري عادي، فسينتهي بك الحال بعد خطاب واحد من توليه الحكم بأن تبدو أحمق. وإذاً فالحل هو مقابلة الإهانة بالإهانة والعنف بالعنف (كما فعل بعض المتظاهرين أثناء موسم الانتخابات التمهيدية). * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©