الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصمت في الزحام

29 ابريل 2018 00:50
- للأيام حكمة تقول «الصبر مفتاح الفرج»، ولكن للبطالة حكمة أخرى تقول «الصبر مفتاح اليأس والاكتئاب». - العالم كله أمام عينه والأرض شاسعة ولكنه يجلس وحيداً .. تدور دقات الساعة في رأسه .. تمر وتمر وهو يراقبها. - أحلامه بسيطة، يتمنى عملاً جيداً .. أن يتزوج ويصبح لديه أبناء .. ولكن هيهات! أحلامه البسيطة لم تتحقق، وتتناقص يوماً بعد يوم، بقي وحيداً بين الناس .. هائماً وتائهاً في الشوارع والطرقات. - نظرة قاسية للعاطل في مجتمعاتنا العربية .. تجعل حياته قهراً.. ويدخل دائرة الحسرة والملل. - اليوم الذي طال انتظاره كان أتعس يوم في حياته .. وهو يوم ظهور نتيجة البكالوريوس .. لينطلق بعدها للعمل وكسب المال، ولكنه لا يدرك حكمة الأيام.. يجمع أوراقه في حافظة بلاستيكية، ويبدأ رحلة البحث الشاقة بين إعلانات الصحف المملة، وأبواب الشركات والفنادق.. قد يهلك هذا الحافظ البلاستيكي من البحث والشمس ويجرى تبديله بآخر.. وآخر. له سيرة ذاتية يلقيها هنا وهناك .. باللغتين العربية والإنجليزية، ولو أراد لجعلها بجميع لغات العالم. ما زال يمشي، ويمشي، حتى بلي الحذاء من المشاوير وسخونة الأسفلت، والسير به أياماً وشهوراً.. يسعى برغم يأسه وانتهاء أمله .. برغم ما يحمله من ألم وتعب لكنه يبتسم ويبتسم. يتعب من البحث وتنهار الأحلام ويتبدد الأمل، حتى يدرك أن لا جدوى ولا فائدة. - يقرر الاعتكاف في هذه الغرفة التي شهدت أيام طفولته ومراهقته وجميع مراحل حياته، ليسترجع ذاته التي فقدها .. سئم الجلوس مع الناس والأصدقاء .. يجلس وحيداً يسترجع جميع الذكريات والأماني .. عقله لا يتوقف عن التفكير، حزن فرح، أيام جميلة، ذكريات حزينة .. يهرب منه ظله .. يهرب من التفكير بالنوم، حتى هذا لا يخلو من الأحلام التي تسترجع ما يفكر فيه .. كل شيء حوله أصبح صامتاً .. أثاث الغرفة صامت وهاتفه صامت .. بداخله صرخة صمت لا يسمعها أحد .. الملل اللعين جعله يغير موضع الأريكة أكثر من مرة .. أصبح رجلاً ميتاً في غرفة سكنها كقبر له بلا حساب .. تغيرت ملامح وجه .. فهناك عذاب نفسي يعانيه .. الكذب يحيط به وبين وظائف خالية في إعلانات الصحف اليومية، ووعود بتوفير وظيفة له. اصبر، اصبر، هذه الكلمة التي يسمعها دائماً من المحيطين به أصبحت رفيقة حياته .. جزء من هواء ممزوج بأمل الحياة يتمناه ليتنفسه ليطرد الرجل الميت بداخله ويحيا من جديد. عمرو أبوالعطا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©