السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جامع «الجانبكية».. باكورة تطوير عمارة المساجد المملوكية

جامع «الجانبكية».. باكورة تطوير عمارة المساجد المملوكية
3 يونيو 2017 18:30
مجدي عثمان (القاهرة) اشترى السلطان الملك الأشرف برسباي الدقماق مملوكاً، وقت أن كان نائباً للشام، ولما تقلد السلطنة أعتقه ورقاه إلى أمير طبلخانة في المحرم سنة 826 هـ، ثم خازنداراً، فـ «داوداراً»، وترك له التصرف في أمور مملكته، وأرسله إلى الشام لتقليد النواب، وتوفي وهو في سن الخامسة والعشرين سنة 831 هـ - 1428م، إنه الأمير جاني بك الحمزاوي الأشرفي، أو جانبك المولود في سنة 805 هـ، وقد سُمي قديماً أحد الشوارع المتفرعة من شارع المعز بـ «الجنباكية»، وكان يُعرف أيضاً بالسروجية، حيث تباع تجهيزات الخيول للفرسان من سروج مطعمة بالذهب والفضة غيرها. وقد سميت المنطقة بالجنباكية بهذا الاسم، حيث كان يقع بها كفر جاني بك الأشرفي، والذي بنى مدرسة ملحقة بداره كانت منارة للعلم، كما بنى مسجداً، ذكره على مبارك في الخطط التوفيقية وأسماه «جامع الجنابكية»، الاسم الشائع على لسان العامة، بعد اختصار وهو دمج اسم جاني بك، وإنه كان مقام الشعائر وبداخله قبر مُنشئه، وبه سبيل كان يُملأ من النيل، وعليه أوقاف تحت نظر ديوان الأوقاف. يقع الجامع حالياً بمنطقة المغربلين بشارع المعز بالدرب الأحمر في القاهرة، بدأ الأمير في إنشائه سنة 828 هـ، وفرغ منه سنة 830 هـ - 1427م، وقد تناولت لجنة حفظ الآثار العربية هذا الجامع بالإصلاح والترميم سنة 1919. هناك اختلاف في تأريخ إنشاء الجامع فهو في سنة 830 هـ - 1426 - 1427م، كما هو منقوش على باب المدرسة بالمذكرة التاريخية، بينما أرخ على مبارك للبناء في خططه في سنة 828 هـ - 1425م. ولعلَّ ما يميز عمارة الجوامع في الفترة المملوكية الثانية، التي ينتمي إليها هذا الجامع، هو تصغير مساحة الصحن ليصبح أقرب إلى المربع بعد أن كان مستطيلاً، وقد استتبع هذا، تغطيته بسحابة من القماش السميك لحماية المصلين من حرارة الشمس أو مطر الشتاء، والحال كذلك في صحن مدرسة القاضي عبدالباسط. وللمسجد من الخارج ثلاث واجهات تتميز الواجهة الشمالية الشرقية بأنها معلقة على صف من المحلات السفلية وتطل على حارة الجنسكية، والواجهة الجنوبية الشرقية تطل على حارة الجامع، أما الواجهة الرئيسة، فهي الشمالية الغربية وتشتمل على المدخل، وتقوم المئذنة على يمينه، وواجهة المدفن ذو القبة، اشتملت على إيوان صغير، ويزين القبة الزخارف الزجزاجية الشكل «الدالية». وواجهة المسجد الرئيسة بها المدخل، وهو باب مكسو بالرخام الأسود والأبيض - الأبلق - يطل على أربعة إيوانات في وسطها صحن مكشوف، وأكبرها إيوان القبلة بصدره دخلة المحراب، وتطل الإيوانات بأسقف خشبية مزخرفة بزخارف هندسية ونباتية. وفوق المدخل المطل على الشارع كتابة نصها: «بسملة...أمر بإنشاء هذا الجامع المبارك المقر الشرفي السيفي جاني بك الدوادار المكلف الأشرفي عز نصره بتاريخ شهور سنة ثلاثين وثمانمائة»، ويؤدي باب المدخل إلى دركاه لها سقف خشبي له مقرنصات بدلايات، وتصميم المسجد من داخله هو تصميم المدرسة أي أربع إيوانات يتوسطها صحن مكشوف فرشت أرضيته بالرخام الملون، كما فرشت أرضيات تلك الإيوانات بالرخام بأشكال متنوعة، وقد اشتمل المسجد على مجموعة من الشبابيك الجصية تمتاز بدقتها والكتابات حولها. ويعد منبر مسجد جاني بك من التحف الفنية الرائعة، ويعتبر بما يحويه من مطعمات صدفية ووحدات زخرفية من العاج والأبنوس وزخارف نباتية حفرت بدقة وجمال، أكثر منابر المساجد إتقاناً وجمالاً في مصر، ويوجد أعلى المنبر نصه التأسيسي. وقد عنيت لجنة حفظ الآثار بإصلاح وتجديد المسجد، وفي عهد الملك فاروق الأول أصلحت الأرضيات الرخامية. اقتصر على أرجح الأقوال الخطيب الشربيني.. صاحب «السراج المنير» أحمد مراد (القاهرة) فقيه بارع، ومفسر ماهر، أجمع المؤرخون على سعة علمه، وصلاح عمله، فضلاً عن أنه عرف بالزهد والورع. هو شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني، ولد في مدينة شربين في دلتا مصر، وتلقى العلم على أيدي كبار علماء عصره أمثال: الشيخ عميرة، ونور الدين المحلي، وناصر الدين اللقاني، ونور الدين الطهواني، وبدر الدين المشهدي، وناصر الدين الطبلاوي، والقاضي زكريا الأنصاري، وقد تبحر في العلوم على أيدي هؤلاء العلماء، وأجازوه بالإفتاء والتدريس. أجمع أهل مصر على صلاحه وزهده وورعه، مع كثرة النسك والعبادة والتواضع، وشدة الحياء، وكان من عادته أن يعتكف من أول رمضان فلا يخرج من الجامع إلا بعد صلاة العيد، وكان إذا حج لا يركب إلا بعد تعب شديد حيث كان يمشي كثيراً، وإذا وصل مكة أكثر من الطواف. ويعد كتابه «السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير»، أحد أبرز كتب تفسير القرآن الكريم، وقد طبع في أربعة مجلدات كبيرة سنة 1285هـ، ثم تكرر طبعه، ويعرف بتفسير الخطيب الشربيني، وقد كتبت دراسات عن منهج الشربيني في هذا التفسير. وفي هذا التفسير اقتصر الشربيني على أرجح الأقوال وإعراب ما يحتاج إليه عند السؤال، وترك التطويل بذكر أقوال غير مرضية وأعاريب محلها كتب اللغة العربية، وقد ذكر فيه شيئاً من القراءات السبع المشهورة. واهتم الشربيني اهتماماً كبيراً بالأسلوب الموضوعي في التفسير، واهتم بتفسير البسملة، حيث يفسرها في كل سورة بنمط جديد يتناسب مع موضوع السورة ومقاصدها وأهدافها حسبما يتراءى له، وذكر أسماء أخرى لتسعة عشرة سورة، بعضها يذكر الأسماء الأخرى دون التعليق عليها، وبعضها يتلمس الحكمة من تسميتها بهذه الأسماء، أما باقي سور القرآن الكريم فقد وقف عند أسمائها المذكورة في المصحف الشريف. كما اهتم بالأحكام الفقهية، ولكن دون توسع، ولم يستفض في عرض ومناقشة الاختلافات بين المذاهب الفقهية إلا قليلاً، ولم يذكر من المسائل الفقهية سوى ما يعين على فهم المراد من الآية. وإلى جانب تفسيره للقرآن، ألف الشربيني مجموعة قيمة، مثل: «الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع»، وهو شرح مطول حافل على متن الغاية والتقريب في الفقه الشافعي لأبي شجاع وقد فرغ من تأليفه سنة 972 هـ، وطبع في مجلدين سنة 1291هـ. ومن مؤلفاته «مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج»، ويعد من أهم شروح كتب الفقه على المذهب الشافعي. توفي الشربيني عام 977 هـ الموافق 1570م. الزبد غثاء يذهب بلا فائدة الحق يبقى وينتفع الناس به.. والباطل يزول ولا قيمة له القاهرة (الاتحاد) تناولت الأمثال القرآنية كثيراً من القضايا التي تحيط بالإنسان في هذه الحياة، كقضايا الكفر والإيمان والنفاق، والهدى والضلال، والعلم والجهل، والخير والشر، والغني والفقر، والدنيا والآخرة، وغير ذلك من القضايا، ومن بينها قضية الحق والباطل، قال تعالى: (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ)، «سورة الرعد: الآية 17». وبلغت الأمثال القرآنية ذروة الإعجاز والبلاغة من حيث استكمال الوضوح وتوصيل المعنى المراد وتقريبه للأفهام، فهذه الآية الكريمة تبين أن الذي يصح، ويبقى في هذه الحياة، وينتفع به الناس غاية الانتفاع إنما هو الحق، وبالمقابل، فإن كل ما كان خلاف ذلك من الباطل لا وزن له ولا قيمة، والآية تضمنت مثلين حسيَّين، يراد منهما إيصال فكرة واحدة، مفادها أن الحق هو المنتصر في النهاية، وهو صاحب الكلمة الفصل في معركة الحياة، وأن الباطل هو الخاسر والمنهزم. قال ابن القيم في «إعلام الموقعين»، ومن لم يفقه هذين المثلين ولم يتدبرهما ويعرف ما يراد منهما فليس من أهلهما، الأول، أنزل الله من السماء ماء، فسالت في الأودية، فإذا نزلت الأمطار انحدرت إلى أسفل، وجرت في الأودية، وهي محل الخصب، فتترسب تربة خِصبة تنبت أطيب الزروع، ينزل المطر ليغسل التربة من الخبث والعناصر القذرة، فهي غثاء، يضمحل، فيصير جفاء لا ينتفع به ولا تُرجى بركته، فكذلك الباطل يتبدد، فلا تظن أن الزبد له فائدة، أو أن ارتفاعه علو في القدر، وكذلك فورة الباطل حين يعلو في لحظة طارئة من غفلة أهل الحق. ويبقى الحق صافياً ثابتاً، أما الباطل فيعلو ليتجمع على الجوانب ليذهب بغير فائدة، وهو مثل واقعي نراه في حياتنا، فالأرض والناس وكل المخلوقات تنتفع بالمياه، لكنها لا تنتفع أبداً بالزبد، وزبد المياه في هذا المثل يقابله على أرض الواقع، الزبد في القلب والزبد في الأرض، فأما الذي في القلب، فهو الشبهات والشهوات، وأما الذي في الأرض، فهو الباطل الذي يحارب الحق ويتصارع معه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©