الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعليم العالي العربي على الإنترنت.. فراغ كبير على جميع المستويات

التعليم العالي العربي على الإنترنت.. فراغ كبير على جميع المستويات
13 ابريل 2014 21:03
قطعت العلاقة بين الإنترنت والتعليم العالي في العالم الأكثر نمواً أشواطاً واسعة، كماً ونوعاً، كما خرجت إلى النور في العديد من الدول الأقل نموا مبادرات ومشاريع للتعليم المتخصص والمفتوح عبر الإنترنت. واليوم أصبح هناك عشرات الآلاف اليوم ممن استفادوا من هذه الأشكال الجديدة في التعليم وتخرجوا من جامعات الإنترنت التي تعتبر امتدادا للتعليم عن بعد، عبر الفضائيات، أو عبر المراسلة الذي ما زلا معتمداً في بعض الجامعات الكبرى. دفع إلى الأمام منذ بضع سنوات أخذت تتأسس مؤسسات وشركات متخصصة بالتعليم الإلكتروني، كما ظهرت الكثير من البرمجيات والتطبيقات المعلوماتية والرقمية التي أعطت دفعاً متقدما لبعض الصعوبات التي كانت تواجهها جامعات الإنترنت في بدايته. وأصبح بوسع الطالب، مثلا، متابعة المحاضرات مباشرة على شاشة الإنترنت، كما هي جارية في القاعات أو المختبرات، وفي الوقت الحقيقي، أو خارجه، أي عبر استعادة الحصص والدروس والتطبيقات ومتابعتها في جميع الأحوال وفي أي وقت شاء، بالصوت والصورة– والرسوم البيانية والهندسية. وبرزت القفزة الجديدة في هذا القطاع مع إمكانية التفاعل بين الطالب وأستاذه عن بعد بفضل تقنيات جديدة، بشكل قرب أكثر فأكثر هذا النوع من التعليم الواقعي، حيث أصبح بوسع الطالب طرح أسئلة وتلقي الإجابات عليها بأكثر من شكل. ولكن تجربة العالم العربي مع التعليم العالي على الإنترنت لا زالت متواضعة، إن لم نقل فقيرة، ويبدو أنها بحاجة لوقت طويل قبل أن تصبح مُدمجة في العصر الرقمي. والمؤسف أن عمق المشكلة يبدو أكبر بكثير من هذا المستوى لتطال كل مستويات حضور التعليم العالي على شبكة الإنترنت حتى بأبسط صورة من أخبار وروابط. ومن الدلالات المخجلة على ذلك، ما كتبته مؤخرا الصحفية رشا فايق عن عدم وجود أخبار عن البحوث العلمية أو الدراسات الأكاديمية العربية على شبكة الإنترنت و”لا تقارير عن الواقع التعليمي وتقييم الأداء وخطط التطوير ولا لقاءات مع أساتذة جامعيين… لا معلومات عن فعاليات أو نشاطات جامعية باستثناء الترفيهية منها”، واصفة كيف أن معظم ما وجدته لدى بحثها على الشبكة تحت عنوان “جامعات” هو أخبار من قبيل “مصرع طالب… تحرش… مظاهرات طلابية… إضراب أساتذة… وتأجيل موعد الامتحانات”، مؤكدة أن معظم ما تنشره وسائل الإعلام العربية عن هذا القطاع الحيوي والمصيري “لا يتعدى أخباراً عن نشاطات جامعية أو إعلاناً عن منح وجوائز وفي أحسن الأحوال متابعات لتقارير دولية عن واقع التعليم المتردي في معظم الدول العربية”. مشروع نادر رشا فايق من العاملين النادرين في صحافة التعليم العالي في العالم العربي، وهي الآن كبيرة محرّري المجلة الإلكترونية “الفنار للإعلام”، التي تقوم بتغطية معمّقة للحياة الأكاديمية في العالم العربي، وتتابع أحوال العاملين في الجامعات العربية والمهتمين بقضايا التعليم العالي والتدريب المهني في المنطقة. وعلى موقعها على الإنترنت تقول “الفنار للإعلام”: إنها تسعى لتكون مدافعاً عن الحرية الأكاديمية، والتأكد من أن النساء والأقليات والفقراء لديهم حق الوصول الكامل إلى التعليم، إضافة إلى دعم الجامعات. كما تسعى الفنار للإعلام إلى تشجيع الصحفيين في المنطقة على تغطية قضايا التعليم. وتقول “الفنار للإعلام”: إنها تتلقى دعمها من “وقف الإسكندرية”، وهي منظمة غير ربحية مقرها لندن تكرّس جهودها للنهوض بالتعليم في المنطقة العربية، كما تتلقى دعما من مؤسسة فورد. ومؤسسة كارنيجي، وصندوق الأمم المتحدة للديمقراطية. ورغم حداثة سنّها لكن هذه التجربة تؤكد أهمية قيام مبادرات مشابهة لملء فراغ كبير في الاهتمام المتخصص بالتعليم العالي على شبكة الإنترنت، وهذا ما تشي به على الأقل محتوياتها المهنية والنادرة والحديثة. وبدأ عمل موقع هذه المجلة الإلكترونية قبل عام بثلاثة أبواب فقط وعدد قليل جداً من القصص لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. وإلى أن وصل عدد القصص والتقارير إلى أكثر من 350 موضوعا معظمها مشغول بطريقة مهنية وموضوعية، توجب على رشا فايق “البحث عن مراسلين وإيجاد مصادر جديدة، وانتقاء موضوعات للكتابة، وقبل كل شيء فهم الأنظمة والسياسات التعليمية لكل بلد عربي، ومن ثم متابعة اتجاهات التعليم الحديث حول العالم وانعكاساتها على المنطقة”، كما كتبت على الموقع نفسه. وتوضح “إلى جانب متعة هذه المهمة وزوال الشكوك حول مصادر التمويل والتيقن من وصولنا لجمهور متعطش”، انفتحت أبواب نقاشات لا تنتهي حول مشكلات التعليم العالي في المنطقة العربية، التي تصل نسبة الأمية بين سكانها لنحو 19 في المئة، منها 60 في المئة بين النساء؛ بحسب أحدث تقارير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليكسو)”. (أبوظبي الاتحاد) نواة مرجع مهني متخصص يمكن القول إن موقع «الفنار للإعلام» أصبح الآن نواة مرجع مهني متخصص للمعلومات العصرية عن أوضاع التعليم الجامعي والعالي في العالم العربي، والتحديات التي تواجه مؤسساته في مختلف الأقطار بدءاً من سياسات القبول الجامعي المعتمدة، إلى سياسات تحديد أجور الأساتذة في الجامعات، ومروراً بمعضلة ضعف الاهتمام بالأبحاث العلمية، وغياب الاستقلالية الإدارية، وازدياد القيود على الحرية الأكاديمية. ولعل ما يرشحه للعب هذا الدور قريبا إذا استمر على هذا القدر من التخصص الصحفي والأداء الجاد هو أن الموقع ليس مجرد ناقل ومحرّر لبيانات نادرة ودقيقة عن أحوال القطاع، إلى جانب الاهتمام بكيفية استخدام التقنيات الإعلامية الجديدة في التعليم العالي، بل إنه صانع لكثير من المعلومات والمعطيات الحصرية، مثل بعض الأبحاث والمسوح الميدانية التي يقوم بها أحيانا. ومنها كذلك أنه لا يتردد في إصدار تقييم ومؤشرات باتت ضرورية للغاية من أجل تصحيح أوضاع هذه الجامعات، وحضورها ليس فقط على الإنترنت بل في الحياة الواقعية أساسا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©