الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عدسات فنان هولندي تؤرخ للحياة الأفغانية المعاصرة

عدسات فنان هولندي تؤرخ للحياة الأفغانية المعاصرة
9 أكتوبر 2009 00:16
من قلب المأساة يتولد الإبداع وتشدو أهازيج الأمل، هذا ما شهدته صالة الغاف للأعمال الفنية ليلة الأحد الماضي، حين أُفتتح معرض الصور الفوتوغرافية للفنان الهولندي هانز ستاكلبيك، والذي يستمر حتى 19 أكتوبر الجاري، وتمحورت الأعمال المعروضة حول رؤيته الخاصة كفنان لواقع الحياة التي يعيشها الإنسان الأفغاني في هذه المرحلة القلقة من تاريخ بلاده. جهود عديدة سعى ستاكلبيك من خلال الصور المعروضة إلى استكشاف الطرائق التي ينتهجها أبناء الشعب الأفغاني محاولين من خلالها إعادة بناء بلدهم، وذلك بالاشتراك مع مجهودات أخرى تبذل من جهات ودول عديدة، منها مملكة هولندا التي ينتمي إليها الفنان، والتي تشارك في كثير من المشاريع التنموية القائمة في أفغانستان في هذه الحقبة المشهودة في تاريخ ذلك البلد. بعد افتتاح المعرض ألقى هانز كلمة قصيرة تحدث فيها عن الفكرة الرئيسية من إقامة معرض لتلك الصور، وأعرب في كلمته عن امتنانه لاحتضان دولة الإمارات لهذا المعرض، وكذا لما لمسه بنفسه من جهود كبرى تبذلها دولة الإمارات في إعادة نشر السلام والأمن في ربوع أفغانستان. مسيرة فنان وفي حديث خاص لـ «الاتحاد» تطرق هانز إلى استعراض مسيرته في عالم التصوير، التي بدأت في سن الرابعة عشرة، حين اشترى كاميرته الأولى، وعمل بعدها مصوراً في ميناء روتردام الهولندي، وهناك تعلم مبادئ التصوير. وأشار إلى أن السنوات الأولى من حياته الأولى كمصور، تمكن فيها من التقاط العديد من الصور لشوارع المدينة التي كان يقيم فيها، وكانت على مستوى فني عالٍ، استحقت أن تعرض في ما بعد في أكبر معارض التصوير في هولندا. وأضاف، أنه في عام 1984، تابع دراسته حتى أصبح معلماً في الجغرافيا الاجتماعية، إلا أنَّ اهتمامه الرئيسي كان منصرفاً إلى التصوير. حيث ترك التدريس، وعمل كمساعد للمصور الشهير «نوت ستين كامب»، وبمرور السنوات بدأ هانز العمل كمصور مستقل ومحترف. الكاميرا الفضية ولفت إلى أنه في عام 1993، بدأ باستغلال نشاطه وإبداعاته تجارياً حتى حلول عام 2004، حيث أسس بالتعاون مع زملاء له وكالة أنباء خاصة لبيع الصور. أما في عام 2005، فقد نجح هانز في احتلال المرتبة الثانية في منافسة الصور الفوتوغرافية التي نظمت في هولندا تحت عنوان (الكاميرا الفضية)، وكانت تعنى بجمع الصور الوثائقية المتميزة، وفي ذلك الحين أيضاً قام بنشر أول كتاب له يضم صوراً لمناطق سكنية في مدينة ديلفت الهولندية. وفي سياق الحديث عن مسيرته ذكر هانز، أنه في عام 2006 بدأ بالاشتراك مع المهندس مايكل هيسن، في سلسلة من المشاريع المشتركة، تحت اسم (كالين كامين). تصاميم إبداعية من خلال تلك المشاريع عبر كلاهما عن اهتمامه بالتغيرات الطارئة على المناطق والضواحي الريفية من الناحية البنائية، كما اتسع اهتمامهما ليشتمل على متابعة التصاميم الابداعية للمناطق الصناعية في انحاء هولندا، وفازا عن ذلك بالعديد من الجوائز في هولندا. وما زال هانز ومايكل يعملان سوياً في مشروعات طموحة، ومنها مشروع ضخم يتعلق بإعادة تصميم الطرق السريعة داخل القارة الأوروبية. وفي مرحلة أخرى هامة من مسيرة هانز الفنية، ذكر أنه في عام 2007، حظيت صور كان التقطها للفنان ألفيس بريسلي، بشرف احتلال مكانة مرموقة و واجهة متميزة في مهرجان «الأراضي المنخفضة للموسيقى»، الذي نظمته بلدة دورنتس الهولندية آنذاك. إعادة السلام أما عن رحلته إلى أفغانستان والتي أفرزت هذا المعرض الذي نحن في صدد الحديث عنه، قال هانز، إنه في عام 2007 سافر عدة مرات إلى أفغانستان، لتوثيق الحرب الدائرة هناك، وكان من نتيجة هذه الجهود أن أضاف إلى رصيده صوراً ذات قيمة فنية بالغة الرقي، مكنته من إقامة معرض لها جاب العديد من مدن العالم، منها برلين، لندن، براتسلافا، واشنطن، بيرث، ويلنجتون، وأخيرا أبو ظبي، إدراكاً منه لأهمية مكانة أبوظبي الثقافية والفنية في محيطها الجغرافي والإقليمي، خاصة وأن الإمارات صارت اسماً يتردد بقوة في الأوساط الثقافية والفنية في العالم، باعتبارها من الدول التي تولي اهتماماً خاصة بالأنواع المختلفة من الفنون، وهو ما نلحظه من ذلك الزخم الذي لا ينقطع طوال العام من المعارض والمهرجانات الفنية والثقافية المختلفة التي تقام على أرض الإمارات. من الذين شهدوا افتتاح المعرض سعادة السفير الهولندي، خيلاس بسخور بلوخ، الذي رأى أن أهمية المعرض تتمثل في إبراز الجهود المختلفة المبذولة في سبيل إعادة إعمار أفغانستان، والتي تقوم دولة الإمارات بدور كبير ومحوري فيها. إضافة إلى توضيح الكيفية التي تتم بها مساعدة الشعب الأفغاني في تأمين شروط الحياة الكريمة، والتغلب على المصاعب الحياتية الموجودة هناك. كما اعتبر سعادته أنَّ الطريقة التي يمارس من خلالها الفنان رؤيته الإبداعية تمثل الطريقة المثلى لمساعدة الشعب الأفغاني. اهتمام شخصي عن المستوى الفني للصور الفوتوغرافية المعروضة، ذكر بلوخ، أنها ذات مستوى راق، وأهم ما يميزها أن الصور تعبر وبشكل قوي عن الشعب الأفغاني والحياة التي يحياها الإنسان هناك.ولفت بلوخ إلى أنه يهتم بشكل شخصي بالفن التشكيلي، وإنه زائر لمعظم المعارض الفنية التي تشهدها أبو ظبي، ومن خلال عمله يسعى لدعم الفنانين وحفزهم على الإبداع، ويأتي تواجده المستمر في مثل هذه المعارض ضمن هذا السياق. صور وقصص بين زوار المعرض التقينا الفنان التشكيلي الإماراتي محمد كانو، الذي أشاد بالصور المنجزة، موضحاً أنها على مستوى فني وجمالي متناهٍ، وهو ما يشي بموهبة وقدرة إبداعية متميزة لدى هانز. وأكد كانو، أن كل صورة من الصور المعروضة تروي قصة مستقلة بذاتها، ومن أهم الصور التي لاقت إعجابه، الصورة التي تعبر عن جلوس والي إحدى المدن الأفغانية مع رعيته، وتوضح مدى البساطة والكرم والأريحية التي يتسم بها الأفغاني العادي، وهو ما ينعكس على تعامله مع أبناء المدينة التي يتولى شؤونها، وتلك الأمور يعيها المتأمل للصورة بكل بساطة. عمق وجمال من الصور المميزة أيضا كانت صورة لمجموعة من الفتيات الصغيرات في إحدى المدارس، وقال عنها كانو، إنَّ المصور كان محظوظاً للغاية عند التقاطه إياها لأنَّ الإضاءة كانت مناسبة بشكل كبير وهو ما أعطي الصورة عمقاً وجمالاً. وفي النهاية دعا كانو عشاق الفن التشكيلي إلى زيارة المعرض لمشاهدة هذه الصور، ومعرفة أعمال هذا الفنان الهولندي المتميز عن قرب، بالإضافة لرؤية الواقع الذي يعيشه الإنسان الأفغاني، ولكن بعدسة وعيون فنان هولندي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©