الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أوباما إندونيسيا» .. والقضاء على الفساد

13 ابريل 2014 00:50
ويليام بيسك جاكرتا تكاد جموع الشعب في إندونيسيا لا تستطيع إيجاد وجوه سياسية جديدة كافية ممن يتمتعون بشخصية كارزمية وحضور قوي، ومن ثم، يسعى ناخبون شباب لم يدلوا بأصواتهم من قبل إلى التماس القادم الجديد الذي يجسد لجيلهم ذلك الزعيم الذي يتمنوه.. فهو ذكي ونزيه ومدرك لطموحاتهم في التغيير. وربما تبدو هذه الأجواء المفعمة مألوفة بالنسبة للأميركيين الذين عانقوا باراك أوباما في عام 2008، ولكنها لا تزال جديدة في إندونيسيا. وما لبثت وسائل الإعلام الإندونيسية أن وصفت المرشح الذي يأتي في طليعة المتسابقين على الرئاسة «جوكو ويدودو»، والبالغ من العمر 52 عاماً، بأنه «أوباما إندونيسيا»، لكن ليس فقط لأن الرئيس الأميركي قضى جزءاً من طفولته في هذه الدولة الجنوب شرق آسيوية. وكحاكم لجاكرتا منذ أكتوبر 2012، أدى «ويدودو» واجباته ومهامه كمنسق مجتمعي، إذ دأب على القيام بزيارات مفاجئة إلى الأحياء الفقيرة، من دون موكب ضخم، والخوض في مياه الفيضانات، والجلوس مع أصحاب المتاجر المحليين، وتسوية النزاعات مع زعماء الأحياء الإندونيسية. ولعل السمعة الناصعة التي يتمتع بها «ويديدو» تعزز شخصيته التي رسمها لنفسه كإنسان عادي غير متكلف. وعلى رغم أن إندونيسيا ثالث أكبر دولة ديمقراطية بعد الهند والولايات المتحدة، لكن الدولة لم تعتمد نظام المساواة في التمثيل الانتخابي إلا قبل خمسة عشر عاماً فقط. وقبل عام 1998، عندما تم إقصاء رجل إندونيسيا القوي «سوهارتو»، كان نظام الحكم في الأرخبيل المكون من 17 ألف جزيرة، فاسداً بصورة مخزية. وقد حاول الرئيس المنتهية ولايته «سوسيلو بامبانج يودهويونو» اجتثاث الفساد منذ عام 2004، لكنه ما لبث أن اكتشف تورط حزبه في بعض التجاوزات، ومن ثم، يبقى الأمل في قادم جديد يمكنه إحداث تغيير في النظام السياسي بلا خوف أو محسوبية. ولكن الشيء الغريب الذي حدث الأسبوع الماضي على الطريق المؤدي إلى انتخاب «أوباما إندونيسيا» هو ضعف مشاركة الناخبين الذين يفترض أن يحرك «ويدودو» عاطفتهم ومشاعرهم، في الانتخابات البرلمانية يوم الأربعاء الماضي التي تسبق الانتخابات الرئاسية في يوليو. ومرة أخرى، أربك الأداء الضعيف والمفاجئ لـ«حزب النضال الديمقراطي الإندونيسي»، الذي ينتمي إليه «ويدودو» الحسابات الانتخابية مرة أخرى، ومن ثم، تبدو هذه أخبار سيئة لأكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا. وإذا كان «ويدودو» سيمثل التغيير الذي يريده الإندونيسيون، فلا ريب أنه يحتاج إلى تفويض قوي وواضح، ولكن يبدو أن حزبه فاز بأقل من عشرين في المئة من الأصوات. وبموجب القوانين الإندونيسية، سيحتاج «ويدودو» إلى تشكيل تحالفات ليتمكن من مجرد المنافسة في انتخابات يوليو. وبدلاً من تشكيل حكومة صغيرة تتجه بشكل سريع نحو الإصلاح، سيضطر الرئيس المرتقب إلى تشكيل ائتلاف تعددي ضعيف مشابه للحكومة في الهند، ومن ثم عليه التأهب لأشهر من التسوية والتنازل عن مناصب وزارية لمنافسيه وكثير من المفاوضات. ويزعم المطلعون أن حزب «ويدودو» كان سيحتاج ما يتراوح بين 35 و40 في المئة من الأصوات كي يتمكن من إحداث تغيير حقيقي في النظام السياسي. ولكن بهذه الطريقة التي تتشكل بها الأحداث، سيكون من الصعب على «الرئيس ويدودو» أن يتجرأ على مهاجمة الفساد والقضاء على الروتين وتنفيذ مشروعات بنية تحتية ضخمة بمليارات الدولارات، تحتاج إليها إندونيسيا لمواكبة كل من الصين والفليبين. وعلى رغم الفرحة العارمة حيال تجاوز المحسوبية التي تفشت في الماضي، لكن لا يزال في السلطة الإندونيسية بقايا خطرة من نظام «سوهارتو» الذي بناه على مدار 32 عاماً. وعلى سبيل المثال، يوجد حزب «هانورا» الذي يقوده جنرال سابق في الجيش، ويقدم لمؤيديه قروضاً للأعمال الصغيرة تصل إلى خمسة ملايين روبية (443 دولاراً)، ويمنح الأعضاء الجدد تأميناً صحياً مجانياً لمدة عام، وتقدم أحزاب أخرى كل شيء من الفحوص الطبية إلى البذور للمزارعين، إلى جانب سحوبات على جوائز حج وعمرة إلى السعودية، وبالطبع، يمكننا القول إن هناك أموالاً نقدية توزع لشراء الأصوات. وعلى الرغم من أن إندونيسيا لا يوجد فيها احتكار للأصوات المكتسبة بصورة غير شرعية، لكن سياسات النظام القديم تعقد مهمة «ويدودو». وعلاوة على ذلك، أنشأ كثير من الأحزاب الـ 12 التي تنافست على الانتخابات بيئة غريبة باستقطاب مجموعة من ملكات الجمال وعارضات الأزياء والجميلات للترشح إلى المناصب استناداً إلى أشكالهن وليس كفاءتهن. ويعني كل ذلك، أنه على أقل تقدير سيتعين على «ويدودو» بذل كثير من الجهد لترجمة شعبيته إلى نفوذ حقيقي. ومن الآن وحتى شهر يوليو، يجب على المرشح الرئاسي وضع رؤية أكثر قوة للطريقة التي يعتزم بها التعامل مع هذه التحديات والعقبات الأخرى، وعليه أن يوضح بالتفصيل كيف سيمكنه وضع نهاية للفساد وتعزيز تنافسية إندونيسيا ودعم التعليم والرعاية الصحية من دون مفاقمة الدين الوطني. وعندما كان «ويدودو» يظهر في حملته الانتخابية في عام 2012، كثيراً ما كان يركب دراجة، وكل ما كان يتعين عليه فعله هو التلويح والابتسامة، ولكن الآن عليه أن يقدم مقترحات محددة وقابلة للتنفيذ. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©