السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صراع الشرق الأوسط ليس لضعاف القلوب!

صراع الشرق الأوسط ليس لضعاف القلوب!
13 ابريل 2014 00:48
ستيفين شبيجل أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا ما كان ينبغي لوزير الخارجية الأميركي جون كيري أن يسعى أبداً لإبرام اتفاق إسرائيلي فلسطيني، فقد ضيع قدراً كبيراً من الوقت، كما أنه كان ليّن الجانب تجاه الإسرائيليين أو الفلسطينيين أو كليهما، وعليه أن يخوض في قضايا أخرى.. لعل هذه هي النبرة السائدة في الوقت الراهن في كل من واشنطن وتل أبيب ورام الله. ولكن لماذا هذا الانتقاد؟ فكيري أعاد عملية السلام إلى دائرة الاهتمام، وجمع الطرفين لإجراء محادثات، حتى وإن كانا كارهين لتقديم تنازلات، وعدّل مسار الحوار، وربما حصل أيضاً على بعض التنازلات من وراء الكواليس، ثم انهار كل ذلك بسبب امتناع إسرائيل قبل أيام قليلة عن الوفاء باتفاق إطلاق سراح الأسرى ولجوء الفلسطينيين المفاجئ للأمم المتحدة. وقد أثار إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن السعي إلى الانضمام إلى 15 وكالة دولية ـوهو ما يعني خرق الالتزامات من وجهة نظر إسرائيل وربما تصدع المحادثات- شماتة بعض المنتقدين، الذين توقعوا انهيار المحادثات منذ البداية، ولكن لا يبدو الأمر بهذه السرعة، فثمة شعور قوي هنا بأن كيري يتمتع بالمهارة الكافية لإدراك ذلك. ولو أن الإسرائيليين كانوا قد لعبوا فقط دور الطرف المجني عليه -بإبداء استعدادهم للتعاون- لأبدت غالبية الدول الغربية تعاطفاً معهم، ولكانت أمام كيري فرصة ضئيلة للمناورة. وفي الحقيقة، ربما كان الفلسطينيون سيقولون إنهم حققوا انتصاراً مؤزراً، وسط دهشة الإسرائيليين، وخوف الأميركيين من التراجع، وربما كانوا سيعتقدون أن لديهم طريقاً ممهداً لإقامة الدولة الفلسطينية من دون الإسرائيليين والأميركيين، عبر الأمم المتحدة. ولكن هذا المسار غير الملائم، ربما بدا ممكناً لبرهة من الوقت، بسبب عجز إسرائيل الكبير وخيبة أمل كيري. ولكن مثلما يحدث دائماً، ربما منح اليمين الإسرائيلي كيري، دون قصد، فرصة لإنقاذ المفاوضات في المستقبل، فلا ريب في أن هذه الحكومة الإسرائيلية تجيد التصعيد أكثر من التفاوض، وفيما بدا أنه تحرر من أعباء مجرد التفكير في تقديم تنازلات، كان رموز السياسة في إسرائيل يتبارون لرؤية من يمكنه ابتكار أساليب أشد إيذاء للفلسطينيين عبر فرض عقوبات اقتصادية وحرمان من الحقوق. وقد أظهر الإسرائيليون أن كلا الجانبين يمكنهما خوض نفس اللعبة، وأن إسرائيل لديها أساليب أكثر إحداثاً للضرر من الفلسطينيين في مثل هذا النوع من المنافسة. وعليه، ربما أصبح الطرفان الآن على أساس متساو، فكلاهما تصرف بشكل غير ملائم، وسيتعين عليهما التراجع عن شفا الكارثة، وإذا كان كيري سيقوم بالشيء الصحيح، مع استمرار فريق التفاوض بقيادة المبعوث الأميركي مارتين إنديك في مسرح الأحداث، فلا يزال الباب مفتوحاً أمام إنقاذ الاتفاق الذي كان على وشك التحقيق عندما تراجع الإسرائيليون عن إطلاق الأسرى وقرر الفلسطينيون نقل مساعيهم إلى الأمم المتحدة. ويمكن إبرام اتفاق ينهي عباس بموجبه مساعيه في الأمم المتحدة، بينما يسحب الإسرائيليون خطط الثأر الاقتصادي، ويطلقون سراح الأسرى المفترض إطلاق سراحهم، وتعفو الولايات المتحدة عن الجاسوس المدان جوناثان بولارد، وربما يدلي الإسرائيليون بتصريحات مهدئة أيضاً بشأن تقييد البناء في الأراضي الفلسطينية في المستقبل. وعلى كلا الجانبين الاعتراف بأنه لولا أفعالهما لأمكن التوصل إلى اتفاق. وإذا ما حدث مثل هذا السيناريو، فسيقدم ذلك دعماً مفاجئاً وقوياً لطريقة وزير الخارجية الأميركي، ولكن لنتخيل أن كيري عجز عن إنقاذ المحادثات، عندئذ ستبدأ أزمة طويلة. ولكن الوزير يعرف، وكذلك فريقه، أنه لم يتم إبرام أية اتفاقيات في الشرق الأوسط من دون أزمات كبرى، فعلى سبيل المثال، عندما تعثرت محادثات فك الارتباط بين المصريين والإسرائيليين في مارس 1975، بدا أنه ما من طريق سهل يلوح في الأفق، وبحلول نهاية أغسطس، وقعت مصر وإسرائيل اتفاقاً. وبالمثل، بعد زيارة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات إلى القدس في نوفمبر 1977، حدثت أزمات مصرية إسرائيلية متكررة حتى إبرام اتفاقية «كامب ديفيد» في 1978، واستمرت الأزمات تظهر وتتراجع من حين لآخر حتى توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في مارس 1979. وبالطبع، لا تصلح المحادثات العربية الإسرائيلية لضعاف القلوب، والمفتاح هو قوة الإرادة والصبر، فالتخلي الآن عن المفاوضات سيكون كمن استسلم للهزيمة من بداية المباراة. وأياً كان ما يقوله الإسرائيليون والفلسطينيون فهم المتضررون الحقيقيون من هذه الأنواع من المواجهات، وكذلك كيري. وعليه، فليس الآن وقت الرحيل عن المفاوضات، وإذا كان كيري يريد أية فرصة للنجاح، فعليه أن يدرك أن هذه مجرد بداية، وأن مسار التسوية ما زال طويلاً، وأكثر من هذا أن العالم لا يمتلك ترف ترك الباب مفتوحاً للتصعيد، وتفاقم الصراع في الشرق الأوسط، لأن تحقيق السلام الآن أو على الأقل قطع شوط ملموس على طريق إنهاء هذا الصراع ليس فقط حاجة محلية أو إقليمية، وإنما هو هدف دولي يريده الجميع أيضاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©