الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هجوم «نيس» الإرهابي.. لا مفاجآت!

17 يوليو 2016 22:45
إذا تراءى للبعض أن الاعتداء الإرهابي الذي شهدته مدينة نيس الفرنسية يوم الخميس الماضي عمل مثير للشعور بالمفاجأة والصدمة، فإن هذا الظن ليس له ما يبرره لأنه سبق لنا أن تلقينا تحذيراً بشأنه قبل وقوعه. ويبدو وكأن خطة الهجوم هذه مستقاة من صلب قواعد اللعبة التي يمارسها تنظيم «القاعدة» الإرهابي. ففي عام 2010، نشر الإرهابيان الأميركيان أنور العولقي وسمير خان سلسلة من المقالات في المجلة التي يصدرها التنظيم تمحورت كلها تحت عنوان جامع اختاره الإرهابيان هو «الجهاد ذو المصادر المفتوحة». ووصفوا تلك المقالات بأنها تمثل «كتيّب المصادر» اللازمة لتنفيذ الهجمات الإرهابية ضد الغرب، والتي تسمح للمتطرفين الإسلاميين «بالتدريب في أوطانهم بدلاً من المجازفة الخطيرة التي ينطوي عليها أداء هذه المهمة في الخارج». وقالا إن كل ما يتطلبه الأمر «هو الرغبة الصادقة في التضحية بروح واحدة من أجل الفوز برضى الله»! وحمل أحد تلك المقالات، وهو الذي نشر في خريف عام 2010، وبقلم المدرّب العسكري الإرهابي يحيى إبراهيم، عنواناً تفوح منه رائحة الوحشية والقسوة هو: «الآلة العظمى لحصد الأرواح»، وهو الذي يفسر بدقة لا نظير لها ما حدث في مدينة نيس. وقد ورد في ذلك المقال المقطع التالي: «نعرض فيما يلي لفكرة بسيطة واحدة تشرح كيف يمكن لمسلم منفرد أن ينال ثواب الجهاد! الفكرة بسيطة ولا تتطلب مشاركة عدد كبير من الناس في التحضير لها، وتتلخص في استخدام شاحنة ثقيلة كآلة للقتل الجماعي، ولكن ليس لتقطيع الأعشاب، بل لحصد أرواح أعداء الله»! ولا ينسى المقال أن يضيف رشّة من «النصائح» حيث يقول: «إن المكان المفضل هو الذي يحتشد فيه أكبر عدد من المارّة وأقل عدد من السيارات والعربات. وفي الحقيقة، لو تمكنت من الوصول إلى شارع مخصص للمشاة فقط، ويوجد عادة في مركز المدينة، فسيكون هذا رائعاً! وانتبه إلى أن هناك بعض الأماكن والساحات التي يتم إغلاقها أمام حركة السيارات بسبب ازدحامها الكبير بجحافل البشر». ويتابع المقال: «وإذا كان في وسعك أن تمتلك أسلحة نارية، فاحملها معك لأنك قد تحتاجها من أجل استكمال مهمتك لو تم إيقاف شاحنتك أثناء الهجوم». ولا تفوت كاتبي المقال الإشارة إلى البلدان المفضلة التي يمكن تنفيذ هذه العملية فيها حيث جاء فيه: «يمكن لهذه الفكرة أن تكون مناسبة لبلدان مثل إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا وفرنسا». أليس هذا هو بالضبط ما حدث في نيس مساء الخميس الماضي؟ ولقد تم التعرف على سائق الشاحنة البالغ 31 عاماً، وهو التونسي محمد لحويج بوهلال الذي استقل الشاحنة وعثر على المكان المحتشد بالناس في وسط المدينة المخصص للمشاة، والذي تجمع فيه الآلاف لمتابعة حفل إطلاق الألعاب النارية. وانطلق بشاحنته بأقصى سرعة ممكنة ولمسافة تزيد عن 1600 متر وراح يحصد ما أمكنه من أرواح الأبرياء. وما لبث أن هبط من شاحنته وراح يطلق النار على الناس قبل أن يتلقى رصاص رجال الشرطة. وكانت النتيجة، 84 قتيلاً وعشرات الجرحى. وليس من المعلوم حتى الآن ما إذا كان «بوهلال» يتبع تعاليم تنظيم «القاعدة» أو ما إذا كان ولاؤه هو لتنظيم «داعش»، أو أي فصيل إرهابي آخر، إلا أن الإرهابيين جميعاً، مهما اختلفت مشاربهم وانتماءاتهم، يتبعون هذا الكتيّب ذاته المتعلق بمفاهيم «الجهاد ذو المصادر المفتوحة» بكل دقة. فما هي أنواع الهجمات الأخرى التي يقترحها هذا المخطط الرهيب؟ في عدد مجلته الصادر في شتاء عام 2010، عرض تنظيم «القاعدة» لدليل آخر حمل العنوان الخطير «تدمير المباني»، يتضمن شرحاً حول «أفضل المواد الحارقة التي يمكن استخدامها». وتضمن العدد الصادر في ربيع عام 2013، دليلاً مفصلاً حول أفضل الأساليب «لإحراق السيارات المركونة على جوانب الطرق» وزيادة عدد «حوادث المرور». وتضمن عددها لربيع العام الجاري 2016، دليلاً لتنفيذ عمليات «الاغتيالات المنزلية»! والسؤال الآن: ما هي الطريقة المناسبة للتصدي لهؤلاء القتلة؟ قد يرى البعض أن حظر أو مراقبة حمل الأسلحة يمكن أن يفي بالغرض، إلا أن من المعروف أن فرنسا تنتهج أكثر القوانين تشدداً فيما يتعلق بحيازة واستخدام الأسلحة الفردية، وعلى رغم هذا تمكن «بوهلال» من حيازة «السلاح الآخر» الذي استخدمه. ومعظم أولئك الذين قتلوا في فرنسا لم يموتوا بطلقات الرصاص. وذلك لأن الإرهابيين يعتمدون خططاً وأفكاراً متنوعة للقتل والتدمير. والحل الوحيد يكمن في القضاء على الأسس التي تقوم عليها «خلافتهم» المزعومة. * محلل أميركي متخصص بالسياسات الخارجية والوطنية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©