السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التلوث يضع صناعة السيارات العالمية في مأزق

التلوث يضع صناعة السيارات العالمية في مأزق
3 يناير 2008 00:51
تتفاقم يوماً بعد يوم المشاكل التي تعاني منها صناعة السيارات العالمية، فيما عدا اليابانية، بسبب النشاطات المحمومة للمدافعين عن البيئة· وفيما يبدو بوضوح أن الجهود المثمرة التي بذلها مهندسو صناعة السيارات في اليابان في مجال ابتداع طرز جديدة أقل استهلاكاً للوقود وتلويثاً للبيئة، فإن هذه المشكلة وضعت بقية صناع السيارات في العالم في مأزق كبير· إذ تصاعدت في الفترة الأخيرة الشكاوى والاحتجاجات التي يقودها المدافعون عن البيئة في إطار التصدي لظاهرة الازدياد الهائل في عدد السيارات في مدن العالم أجمع وما يتبع ذلك من تلوث للهواء بالغازات الضارة· وكانت منظمة الصحة العالمية أصدرت سلسلة من التقارير في هذا الشأن تخلص إلى إبراز حقيقة مخيفة تفيد بأن 3 ملايين إنسان يموتون في العالم سنوياً بسبب تلوث الهواء بغازات عوادم السيارات· وهذا الرقم أكبر بثلاث مرات من عدد ضحايا حوادث المرور في العالم والذي يبلغ مليون ضحية سنوياً· وقال تقرير نشرته مجلة (لانسيت) الطبية إن التلوّث الجوي بغازات عوادم السيارات في فرنسا والنمسا وسويسرا يسبب أكثر من 40 ألف حالة وفاة سنوياً في الدول الثلاث· وفي الولايات المتحدة، يزيد عدد ضحايا حوادث السيارات عن 40 ألفاً سنوياً فيما يبلغ عدد الذين يلقون حتفهم بسبب تلوث هواء المدن بغازات عوادم السيارات أكثر من 70 ألفاً· وأشارت إحصائيات أخرى إلى أن ضحايا تلوث الهواء في الولايات المتحدة يساوي عدد ضحايا مرض سرطان الثدي والبروستاتا معاً مما يعني أن مئات الملايين من سكان المدن المكتظة يعيشون تحت الخطر المحدق للموت بسبب غازات عوادم السيارات· وفيما عمدت المؤسسات الحكومية المختصة في العالم للعمل على الحد من حوادث المرور باتباع أحدث أساليب التوعية المرورية والتنبيه المتكرر لسائقي السيارات من أخطار الإفراط في السرعة والقيادة غير الواعية، إلا أن هذه المؤسسات كانت ولا تزال تبدي الكثير من القصور حيال ظاهرة موت الناس لمجرّد أن أعداد السيارات التي تجوب المدن أصبحت كبيرة· وتتضمن غازات عوادم السيارات الكثير من الغازات الخانقة ومن أخطرها على الإطلاق (غاز أول أوكسيد الكربون) ذو الصيغة الكيميائية CO التي تدل على أنه يتألف من ذرة كربون وذرة أوكسيجين؛ وهو مركب شديد الميل للاتحاد بالأوكسيجين الموجود في الرئتين فينتزعه منهما حتى يتحول إلى مركب ثابت وغير خانق هو ثاني أوكسيد الكربون ذو الصيغة CO2· وخلال الحرب العالمية الثانية كان غاز أول أوكسيد الكربون يستعمل على نطاق واسع في الحرب الكيميائية التي شنها النازيون ضد القوات الحليفة على جبهات عريضة في أوروبا وشمال أفريقيا· ومن الغازات الخطيرة الأخرى التي تنتج عن احتراق الوقود في السيارات، أكاسيد النتروجين (الآزوت) التي تؤدي إلى تشكل غاز الأوزن على مستوى سطح البحر، وهي تنتج بصفة خاصة عن احتراق زيت الديزل· ويمتلئ جو المدن العالمية الكبرى بخليط من غازات ضارة يكفي كل منها لتهديد مرتادي الشوارع بأنواع معينة وخطيرة من الأمراض· ومنها غاز ثاني أوكسيد النتروجين الذي يعد أحد أهم أسباب مرض (الأثما) أو (ضيق التنفس)· ولعل الأهم من كل ذلك أن غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يعد الغاز الأكثر انبعاثاً من عملية احتراق الوقود، هو المتهم الأول بظاهرة احترار الأرض بالنظر إلى خاصية مفعول البيت الأخضر التي يتميز بها· وكان لهذه الظاهرة الخطيرة أن تدفع الحكومات والمنظمات الدولية للبدء في اتخاذ إجراءات صارمة ترمي إلى الحد من انطلاق الغازات الضارة عن طريق تحديد المعدل الأقصى المسموح لأي سيارة جديدة إطلاقه من الغازات الضارة بالبيئة· وعمدت العديد من شركات صناعة السيارات في العالم إلى العمل على بناء السيارات الكهربائية أو المدفوعة بالمحركات الهجينة وذلك في إطار العمل على تخفيض معدل انبعاث هذه الغازات في الجوّ· ومن جهة أخرى، عمدت الحكومات المحلية في المدن الألمانية الثلاث برلين وكولونيا وهانوفر إلى منع حركة السيارات القديمة في شوارعها الرئيسية من دون وضع ملصق في الزجاج الأمامي للسيارة يدل على أن عوادم هذه السيارات في الإطار الطبيعي للانبعاثات الاحتباسية وذلك بعد أن تم اعتماد أكثر من ''حزام بيئي'' وسط هذه المدن· ويهدف هذا الإجراء الجديد إلى تخفيض تلوث الهواء في محيط هذه المناطق بالغبار الضار بالبيئة· وحسب بيانات السلطات المختصة في برلين فإن نحو مليون مالك سيارة سارع إلى شراء هذا الملصق فيما يسرع بقية أصحاب السيارات لاستغلال فرصة السماح التي تنتهي في نهاية شهر يناير الجاري وذلك قبل فرض غرامات مالية على السيارات التي تمر بهذه المناطق من دون هذا الملصق· ومن المتوقع أن تتبع عدة بلديات ألمانية أخرى هذا النموذج خلال العام الجاري حرصاً منها على نظافة البيئة حيث ستبدأ على سبيل المثال ثماني مدن في ولاية بادن فورتمبرج جنوبي ألمانيا تطبيق هذه الخطوة بدءاً من شهر مارس المقبل من بينها شتوتجارت ومانهايم وتوبينجين· وستبدأ مدينة فرانكفورت في فرض هذا الملصق رسمياً على السيارات التي تدخل منطقة وسط المدينة اعتباراً من الصيف المقبل· وتدرس مدن ألمانية أخرى اتخاذ خطوة مشابهة، من بينها لايبزيج وماجدبورج وهاله وجيرا· ومن المقرر أن تغرم السيارات المخالفة بمبلغ 40 يورو مع حساب نقطة سلبية في السجل الاتحادي للمخالفات المرورية بمدينة فلينسبورج· غير أن النادي الألماني للسيارات يعتزم إقامة دعوى قضائية على حظر استخدام هذه الأحزمة البيئية على السيارات التي لا تضع الملصق المطلوب· وقال متحدث باسم النادي في حديث مع صحيفة ''أيورو زونتاج'' الاقتصادية الأسبوعية التي تصدر الأحد المقبل: ''نعتزم رفع قضية بهذا الخصوص في جميع المناطق وعلى رأسها برلين''· ونقلت صحيفة ''زود دويتشه تسايتونج'' في عددها أمس عن رئيس الهيئة الألمانية للبيئة أندرياس تروجه قوله إن حظر مرور عدة آلاف من السيارات في هذه الأحزمة البيئية في مدينة تضم الملايين من السكان مثل برلين لن يجدي الكثير من النفع في البداية·· إلا أن من المتوقع أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تخفيض انبعاث الغازات الضارة والغبار بنسبة خمسة إلى عشرة بالمئة''· وأضاف تروجه قوله: ''نحن نحتاج بالفعل إلى تخفيض معدل حركة مرور السيارات وتشجيع حركة المشاة وراكبي الدراجات الهوائية ووسائل النقل العامة· ولن يكون في وسعنا تجنّب اللجوء إلى هذه الإجراءات في المستقبل''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©