الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شرنقة الأوهام

5 ابريل 2011 21:39
سرت في جسدي قشعريرة عندما هبت نسمة باردة في تلك الساعة المتأخرة من الليل، لابد أنها من بقايا نسمات ربيع خجول متلاش سيبتلعه الصيف قريباً، المكان موحش يوغل في أحشاء الصمت، وأنا أقف ها هنا وحيداً بعيداً عن المدينة تحت هذه السماء اللامتناهية التي يكتنفها الغموض والظلام الذي يبتلع كل الأضواء البعيدة، وفي النفس ما بها من أوجاع بعد أن توغلت الأحزان في ثنايا الفؤاد، لدرجة أنني خشيت على قلبي من التآكل حتى الانهيار. شعرت برغبة في الصراخ بعد أن أغراني الصمت بتمزيقه لمجرد العبث الذي يعيدني إلى أيام الشقاوة الطفولية البريئة لكنني أعرف أن صوتي سيتمزق في حدود الزمان والمكان ولن يرتد إلي فلا من مجيب في هذا الزمان العجيب. وجدتني أبحث عن ربيعي الذي فات لأنتشل نفسي من أوهام الماضي وأحلام المستقبل، لأعيش لحظات الحاضر، فكم انشغلت بالصراع من أجل البقاء، وفي البحث عن ذات ضائعة هائمة في صحاري التيه وفيافي النكران والمجون والجنون، حتى فاتتني أشياء كثيرة لدرجة أنني نسيت لذة الحياة وطعم المغامرة وعذوبة الحب والغرام. تمنيت لو أن الحاضر لم يخرج من رحم الماضي ولو أن المستقبل لم يكن حفيداً للماضي، فلا سبيل للخروج من هذه السلسلة العائلية، فهي دوامة تسحبك معها إلى الأعماق، أشباح الماضي تطاردني، تنهشني، تقض مضجعي، حتى استسلمت لأقداري وتخليت عن أفكاري وأحرقت أشعاري وأجلت أسفاري وفتحت حقائبي ورميت أسمالي، لكن ثمة صوتاً يتردد صداه في أوصالي، يطالب بالتغيير وبالخروج من زحام الروتين ورتابة مفردات يومياتي، ثمة صوت يدفعني للثورة على المكان والزمان وعلى مفرداتي وأوهامي وأشجاني، من أجل التحرر من القيود والانطلاق للخروج من أتون حالة السكون والخنوع، من أجل التغيير ومن أجل العثور على المكنون من أسرار السعادة والحبور. الإنسان مفطور على البحث عن السعادة، بل إنه مفطور على البحث والتنقيب عما هو خفي غامض كامن فأين يا ترى تكمن السعادة؟ هل هي في الحب؟ أم في المال أم في التفاصيل الدقيقة التي يكمن بها الشيطان؟ بحثت عن سعادتي في كل مكان وعندما وجدتها كانت مؤقتة زائلة لا تدوم، فأين يا ترى تكمن السعادة! ووجدت نفسي مشغولاً بترميم ذاتي، فالثورات تطالب بالضحايا، وصيحات التغيير تحتاج إلى أنفاس طويلة، ولم أجد سوى ذكر الله ليطمئن قلبي، وعدت إلى أحلامي وأوهامي فهي شرنقتي التي تحميني من واقعي وخيالي. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©