الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل وفلسطين··· والحاجة إلى أوروبا

إسرائيل وفلسطين··· والحاجة إلى أوروبا
1 أغسطس 2008 22:58
أظهرت السنوات الخمس عشرة الماضية، أنه ليس بمقدور إسرائيل ولا الفلسطينيين التوصل إلى السلام وحدهم، لأسباب داخلية وخارجية معقدة بالنسبة لكل منهمــــا، برأيي أنــــه لا يمكن إلا لمؤتمر سلام إقليمي دائم برعاية دولية أن يوقـــف حالة الجمـــود، وأنـــه يتحتـــم على بريطانيـــا وفرنسا وألمانيا أن تلعـــب دوراً مركزيــــاً فــــي هــذه العملية· هذه هي النتيجة التي وصل إليها بحث أجرته عبر سنوات لجنة الرقابة الدائمة حول الإرهاب للاتحاد العالمي للعلماء، وأنا عضو فيه، وتضم هذه اللجنة عدداً من كبار الباحثين في مجالات ذات علاقة ويرأسها اللورد ''جون ألدرديس'' الذي يطبق خبرته في عملية السلام في ايرلندا الشمالية على عدد من النزاعــات حـــول العالم، وقد حـــان الوقـــت لتطبيق هذا النموذج في الشرق الأوسط، كما تشير بعض الأحداث التي جرت مؤخراً· وقد سبقت زيارة ''جوردون براون'' إلى إسرائيل -في الأشهر الأخيرة- زيارتان للمستشارة الألمانية ''أنجيلا ميركل'' والرئيس الفرنسي ''ساركوزي''، وقد عبّروا جميعاً أمام الكنيست عن تضامنهم القوي مع إسرائيل والتزامهم ببقائها وأمنها، إلا أنهم رغم ذلك انتقدوا سياسات إسرائيل في الضفة الغربيــــة، وقد أكدوا جميعاً أن جدار الفصل وحواجز الطرق تخلق ظروفاً لا يمكن قبولهـــا مــــن طرف الفلسطينيين، وأوضحوا جميعاً أنهم يؤمنون أنه يتوجب أن تصبح القدس الشرقية عاصمة لفلسطين· يشكّل هذا الخليط من التضامن والانتقاد أمراً مهماً جداً بالنسبة للنفسية الإسرائيلية، وخطوة إيجابية أولى، ولكن الوقت قد حان لأن تدرك أوروبا أنه يتوجب عليها أن تذهـــب إلى ما وراء هذا، وأن تبدأ بلعب دور نشط في نزاع الشرق الأوسط، وهو دور هناك حاجة ماسة إليه لتسكين مخاوف إسرائيل وإعطاء الأمل للفلسطينيين· يشعر الإسرائيليون بشكل كاسح، أنه لا يوجد لديهم دعم يمكن الوثوق به باستثناء الولايات المتحدة، معظم الأوروبيين ينتقدون إسرائيل بشدة، ولأسباب صحيحة أحياناً، ونتيجة لذلك لا يشعر معظمهم بأي تعاطف معمـــق تجاه مخاوف إسرائيل الوجودية، أسمع أحياناً أنهم يعتقـــدون أن هـــذه المخــاوف هـــي مجرد اختراعات تهكمية لتبرير الاحتلال المستمر للأراضي الفلسطينية· ليـــس هنـــاك ما هـــو أبعـــد عن الحقيقة، فالمخاوف حقيقية جداً من الناحية النفسية، ولها أسس واقعية، أفكار الرئيس الإيراني ''أحمدي نجاد'' للمحرقة ومقارنته إسرائيل بسرطان يجب استئصاله من الشرق الأوسط، إضافة إلى توجـــه إيران نحو الحصول على سلاح نووي، تخلق جميعها هلعاً في إسرائيل، أضف إلى ذلك أن ''حماس'' تستشهد ببروتوكولات حكماء صهيون في بيانها التأسيسي، وستحصل على خليط يجري فيه إعادة إحياء جميع صدمــات التاريخ اليهـــودي المعاصر· لا يبرر أي من هذا، حتى دقيقة أخرى من الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية أو توسيع مستوطنة واحدة، المشكلة هي أن صدمات متواصلة، مثل تفجيرات انتحارية بُعَيْد توقيع اتفاقيات أوسلو أو قصف صاروخي بعد إخلاء غزة أدت إلى نقطة لم يعد معظم الإسرائيليين فيها يؤمنون أن الأمر يستحق المخاطرة من أجل السلام· وبسبب عزلتها وانعـــدام دعم أوروبي حقيقي، اتكأت إسرائيل بشكل كامل على الولايات المتحدة، شكّل اختراع الولايات المتحدة ''للحرب على الإرهاب'' و''محور الشر'' تفاعلاً مضاعفاً مدمراً مع عقلية إسرائيل الخائفة والشكاكة بشكل أساسي، إضافة إلى ذلك قامت الولايات المتحدة ببناء جهود استمرت عقوداً طويلة نحو السلام في الشرق الأوسط استناداً على استراتيجية عقد القمة، وقد أدت المفاوضـــات وراء الكواليس إلى مؤتمرات قمـــــة ذات تغطيــــة واســــعة، أدى أسلوب العمل هذا خلال العقد الأخير من فشـــل إلى فشــل، كما قوّض الإيمان بالسلام على الجانبين· ممكن لبريطانيا وألمانيا وفرنسا أن يلعبوا دوراً حاسماً في تشكيل ورعاية مثل هذا الإطار، لأن الولايات المتحدة قد فقدت وضعها كصانع سلام صادق بسبب أخطاء عهد ''بوش'' الفادحة، رغم أنه من المأمول أن تكون الإدارة الأميركية القادمة منفتحة نحو التوجه متعدد الجوانب، وأن تصلح بعض الأضرار التي وقعت خلال السنوات السبع الماضية، قد يتساءل البريطانيون والألمان والفرنسيون، ''ولكن لماــذا يتوجب علينا التدخل في أكثر النزاعات مشاكسة وصعوبة على هذا الكوكب؟''· أعتقد أن هناك إجابة كاسحة، التوتر بين الغرب والإسلام السياسي هو على الأرجح المشكلة السياسية الجغرافية الأولى في العالم، ولأسباب جغرافية وتاريخية تعتبر أوروبا غارقة حتى أذنيها فيه، ورغم أن للتوتر بين العالم الإسلامي والغرب جذوراً تاريخية عميقة، وأن السبب وراءه ليس هو النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن هذا النزاع أصبح شعار الصدام بين الغرب والإسلام، ونموذجاً في طريقه لأن يصبح نبوءة ذاتية التحقيق· فحلّ هذا النزاع هو في صالح أوروبا الوجودي وهو بالتالي يستحق العناء إلى درجة بعيدة· كارلو سترنجر أستاذ في دائرة علم النفس بجامعة تل أبيب ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©