الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تنظيم المنافسة... بين التشريعات وفعالية التطبيق

تنظيم المنافسة... بين التشريعات وفعالية التطبيق
18 يوليو 2016 18:32
ربما يكون أبرز ما ميز التجربة التنموية الإماراتية هي أنها لم تكن منفصلة عن روح المجتمع الإماراتي، القائم على المشاركة والتعاون والتنافس الإيجابي، إذ كان لموقع الدولة على مفترق مسارات تجارية إقليمية ودولية من الشرق والغرب والشمال والجنوب، أثره في تعزيز ثقافة المنافسة والانفتاح الاقتصادي والعمل وفق مبادئ السوق الحر، الذي يتمتع فيه كل من البائع والمشتري بحرية الاختيار وتتحكم آلية السوق بتحديد الأسعار طبقاً لقوى العرض والطلب. فجاءت التجربة العملية للدولة منذ بداياتها لتؤكد أن فتح المجال أمام منافسة عادلة ومنضبطة يضمن بناء اقتصاد وطني قوي، بخلاف ما ذهبت إليه العديد من الدول الأخرى من المغالاة في فرض سياسات حمائية ومعوقات تجارية أملاً في تقوية اقتصاد داخلي، وهو ما ظهر، حديثاً، ضعف جدواه في ظل التطورات الاقتصادية المتلاحقة، وما أثبتته سياسات الانفتاح الاقتصادي من كفاءة عالية في توليد الفرص التجارية والاستثمارية ودفع عجلة النمو وتعزيز القدرات التنافسية للاقتصادات الوطنية. وقد كان الإدراك المبكر لدولة الإمارات، لأهمية هذا التوجه، انعكاساته على مجموع الأعمال والإجراءات والسياسات التي تبنتها لتحفيز المنافسة في السوق، بما تشمله من سياسة تجارية وضوابط الملكية الفكرية وقوانين الاستثمار، وغيرها من السياسات المحفزة للقطاع الخاص، إذ راعت تلك السياسات أن تدعم في مجملها آليات اقتصاد السوق الحر. فجاء تطور التشريعات بالدولة انعكاساً لتلك التوجهات، ما ساهم في تعزيز سهولة ممارسة الأعمال التجارية، وتحقيق مرونة الاقتصاد الوطني وتمكين تنافسيته محلياً وخارجياً. ومن هذا المنظور تمت صياغة نظام عمل المنافسة بالدولة ليشمل تنظيم سلوكيات المنافسة بأوجه متعددة، بمعنى أنه تناول تنظيم الممارسات على مستوى الشركات، من الاتفاقيات والعقود والترتيبات والتحالفات والممارسات وأي تعاون بين المنشآت من شأنه فرض وضع مهيمن لإضعاف المنافسة في قطاع معين.. ثم على مستوى المعاملات بين التجار والموردين والموزعين في عملية إعادة البيع داخل السوق لمراقبة أي نشاط احتكاري أو غيره من الممارسات الضارة بالمنافسة... وأخيراً على مستوى منع ممارسات الاتجار غير العادلة كالغش أو التقليد أو غيره من ممارسات ضارة بحماية المستهلك، وهي إجراءات تهدف في مجملها لضمان التوازن العام للأسواق وتكريس حرية المنافسة بها. وكان الرهان على تحقيق تطبيق فعال لهذا النظام بالاعتماد على مسارين أساسيين، أولاً المسار التشريعي من خلال إصدار القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2012 بشأن المنافسة، ولائحته التنفيذية، وتشكيل لجنة تنظيم المنافسة وفق قرار من مجلس الوزراء، وما تلاها من قرارات منظمة بشأن الضوابط والنسب المرتبطة بتطبيق القانون. وفي مسارٍ موازٍ، لعبت العلاقة القوية التي تجمع بين القطاعين الحكومي والخاص بدولة الإمارات والقائمة على مبدأ الشراكة، دوراً رئيسياً في تعزيز الأثر المستهدف من تطبيق القانون وتحقيق مزيد من التوازن بالأسواق، إذ نجحت الدولة في تحويل القطاع الخاص من مستثمر يهدف للربح إلى شريك استراتيجي في التنمية وخلقت نموذجاً استثنائياً للشراكة يخدم مصلحة الطرفين ويحقق متطلبات النمو الاقتصادي للدولة. وربما يكون الجمع بين إدارة ملفات حماية المنافسة وحماية المستهلك تحت مظلة وزارة الاقتصاد، والتي تعد بالأساس الجهة المنوط بها العمل على تعزيز مناخ الأعمال واستقطاب الاستثمارات، أثره في استيفاء أركان معادلة ناجحة لتوفير بيئة محفزة للشركات، تهدف إلى ترسيخ مبدأ قواعد السوق وحرية الأسعار وحرية الدخول والخروج في الأسواق، وفق الضوابط المنظمة لحرية المنافسة والهادفة إلى ازدهار النشاط الاقتصادي في الدولة، مع تحقيق الحماية لمصلحة المستهلك ونزاهة المعاملات التجارية. دولة الإمارات اليوم أرض خصبة لنمو الأعمال ووجهة أولى لاستقطاب الاستثمار بين دول المنطقة، وبيئة مريحة للعيش، وهي الحالة الاستثنائية التي نجحت الدولة في صياغتها وحجزت من خلالها موقعاً مميزاً لها على خريطة الاقتصاد العالمي. *وكيل وزارة الاقتصاد للشؤون الاقتصادية  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©