السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تركيا ومبادرات الإصلاح

7 أكتوبر 2009 01:26
عندما أعلنت المفوضية الأوروبية في أكتوبر 2004 أن تركيا حققت شروط البدء في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، شكّل ذلك خبراً للصفحات الأولى لكثير من الجرائد حول العالم. اجتذبت تركيا الاهتمام العالمي بسبب أهميتها الجغرافية الاستراتيجية، ولأنها أول دولة ذات غالبية إسلامية مرشّحة للانضمام إلى أوروبا الموحدة. أحرزت تركيا خلال السنوات الخمس الأخيرة تقدماً مثيراً نحو تقوية مؤسساتها الديمقراطية، ففصلت بشكل بارز الجيش عن السياسة، ورفعت القيود عن حقوق الأقليات وألغت محاكم الطوارئ. ما كان يمكن للعديد من هذه الإصلاحات أن يتصورها أحد، دعك من تطبيقها قبل بضع سنوات. وكما قالت ضيا أونيس، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة كوتش باسطنبول: «جرى إطلاق مدّ من الإصلاحات، وجده التحالف المعارض للاتحاد الأوروبي في تركيا أنه يصعب مقاومته وبشكل متزايد». امتدت الإصلاحات التركية في العديد من الاتجاهات. فثمة قانون جزائي جديد جرى إصداره عام 2004 يتعامل مع القضايا الجنسية للمرأة وللمرة الأولى على أنها قضايا حقوق فردية، وليس شرف العائلة، كما توجد إصلاحات في الدستور التركي، تجبر الدولة التركية على اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لتشجيع المساواة في النوع الاجتماعي، وجرى تأسيس محاكم الأسرة وتعديل قوانين العمالة، وتم استحداث برامج جديدة للتعامل مع العنف الأسري وتحسين سبل وصول الفتيات إلى التعليم. هذه هي التغييرات الأكثر جذرية للوضع القانوني للمرأة منذ أكثر من ثمانين سنة. ورغم القلق المتعلق باحتمالات تباطؤ الإصلاحات، شهد العام 2009 سلسلة جديدة من المبادرات، بما فيها انفتاح سياسي تجاه أقلية تركيا الكردية، وتحديد لسلطات المحاكم العسكرية، وأبرزت جميعها السؤال: «لماذا ما زال هذا العدد الكبير من الدول الأوروبية، في ضوء نجاح قوة الاتحاد الأوروبي الناعمة، يعربون عن القلق تجاه انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي؟» ليست هناك إجابة سهلة، حيث أعرب 69 في المئة من المشاركين ضمن استطلاع أوروبي نصف السنوي، والذي تم إجراؤه في ربيع عام 2006، وهو الاستطلاع الذي يوفر تقريراً عن الرأي العام في كافة أرجاء أوروبا حول قضايا تتعلق بالسوق الأوروبية، ذكروا أنهم يعارضون انضمام تركيا إلى السوق الأوروبية. وضع ذلك ألمانيا في نفس مستوى لوكسمبورغ وثانية بعد النمسا (81 في المئة معارضون). في هذه الأثناء وفي فرنسا، تخاف غالبية النخب السياسية من حجم تركيا وتأثيرها على الآلية المؤسسية للاتحاد الأوروبي. لكن تدعم غالبية واضحة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي انضمام تركيا في نهاية المطاف إلى الاتحاد. فرغم كل المشاكل والخطوات البطيئة، لم يحاول أحد حتى الآن إفشال العملية بشكل واضح، وهذا بحد ذاته مؤشر مثير للاهتمام، إذا أخذنا بالاعتبار المقاومة الشعبية للانضمام التركي، خاصة في ألمانيا وفرنسا والنمسا وقبرص. وناقش أوباما، عند مخاطبته البرلمان التركي يوم 6 أبريل، قائلا: «تكمن عظمة تركيا في قدرتها على التواجد في مركز الأمور. ليس هذا هو المكان الذي ينفصل فيه الشرق عن الغرب، إنه المكان الذي يلتقيان فيه». وبينما تستمر تركيا في متابعة الإصلاحات فسوف تستمر في إفشال قضية هؤلاء الذين يؤمنون أنها لا تستطيع فعلياً أن تتغير. من السهل أن يغمرنا التشاؤم، إلا أن نظرة إلى المدى الذي وصلت إليه تركيا منذ العام 1999 يشجع على الأقل على بعض التفاؤل الحذر بأن قصة «تحويل تركيا إلى الأوروبية» العظيمة سوف تستمر. جيرالد كناوس الرئيس المؤسس لمبادرة الاستقرار الأوروبي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©