الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التفاعل والتواصل الاجتماعي أساس نجاح دمج أطفال «التوحد»

التفاعل والتواصل الاجتماعي أساس نجاح دمج أطفال «التوحد»
2 ابريل 2013 00:39
أعلنت الأمم المتحدة منذ عام 2007، الثاني من أبريل يوماً عالمياً للتوحد. ويحتفل العالم بالمناسبة اليوم، للتذكير وللتوعية والتضامن مع أصحاب متلازمة التوحد وأسرهم، ولفت الانتباه إلى هذه الفئة التي منها ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، باعتباره أبرز الاضطرابات النمائية التي تصيب الإنسان في عمر الطفولة. ومنذ ذلك التاريخ، عكفت الدوائر الصحية والمراكز البحثية المتخصصة لدراسة التوحد، وبادرت الأمم المتحدة على تعزيز ودعم تلك البحوث، وتوسيع نطاق الدراسات والخدمات المقدَّمة في مجال الصحة والتعليم والعمالة وغيرها من الخدمات الأساسية، ولا سيما على صعيد التدخلات العلاجية والتأهيلية في مرحلة مبكرة، بما يساعد أصحاب حالات التوحد، ودمجهم في المجتمع، وتسليط الضوء على مواهبهم، وتوفير فرص العيش الكريم والعمل لهم واستثمار طاقاتهم، وتنمية مواطن قوتهم والتصدي لما يواجهونه من تحديات. ما من شك أن الطفل التوحدي يحتاج لرعاية خاصة من ذويه، وهم أنفسهم في حاجة ماسة أيضاً إلى الدعم والمساندة. وليس من المنطق أن ننتظر من الطفل التوحدي أن يتساوى في ذكائه والطفل السوي، ومن ثم اجتهد الباحثون نحو إكساب هؤلاء الصغار المهارات الأساسية وتنمية حصيلتهم اللغوية، وزيادة معلوماتهم وخبراتهم الاجتماعية التي تمكنهم من التواصل مع البيئة التي يعيشون فيها، وتباينت وجهات النظر حول تجارب دمج الطفل التوحدي مع غيره من الأسوياء ما بين مؤيد ومعارض، إلا أن هذه الجهود انصبت نحو استخدام وتطوير أساليب التواصل غير اللفظية مع الأطفال التوحديين الذين لا يستطيعون الكلام، وظهرت نظريات عديدة تتبناها مراكز تأهيلية مختلفة في كافة أنحاء العالم. «الأوتيزم» تتفق الأوساط الطبية على تسمية اضطراب التوحد بـ “الأوتيزم”، باعتباره “متلازمة سلوكية” تظهر لدى بعض الأطفال خلال الأشهر الثلاثين الأولى من العمر. وقد تم اكتشافه للمرة الأولى عام 1943. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية أن نسبة انتشار التوحد لا تتعدى 15 حالة من بين كل عشرة آلاف حالة ولادة حية. إلا أن التطور الكبير للتشخيص الطبي والإكلينيكي تؤكد أن التوحد يحدث بنسبة تتراوح ما بين 2-4 حالات بين كل ألف حالة ولادة حية، ويشيع بين الذكور أكثر من الإناث بنسبة 4 الى 1 من بين كل 500 حالة إعاقة. ويعزو الباحثون سبب اللغط واللبس الذي يقترن بالتوحد إلى التأخر في حسم وتوصيف وتشخيص الإعاقة تشخيصا نهائياً ومحدداً، مقارنة بغيره من الاضطرابات أو الأمراض النفسية والسلوكية الأخرى، بل يمكن القول بأن العلم لم يقل كلمته الأخيرة بشكل قاطع حتى اليوم، ولا يوجد سبب معروف لهذا النوع من الإعاقة، لكن الأبحاث الحالية تربطه بالاختلافات البيولوجية والعصبية للمخ. لكن الأعراض التي تصل إلى حد العجز وعدم المقدرة على التحكم في السلوك والتصرفات يكون سببها خلل ما في أحد أجزاء المخ. أو أنه يرجع ذلك إلى أسباب جينية، لكنه لم يحدد الجين الذي يرتبط بهذه الإعاقة بشكل مباشر. كما أن العوامل التي تتصل بالبيئة النفسية للطفل لم يثبت أنها تسبب هذا النوع من الإعاقة. ماهية التوحد؟ أشارت الدكتورة نجوى عبدالمجيد محمد أستاذ الوراثة البشرية، ورئيس قسم بحوث الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة، إلى أن التوحد هو إحدى حالات الإعاقة التي تعوق استيعاب المخ للمعلومات وكيفية معالجتها، وتؤدي إلى حدوث مشاكل لدى الطفل في كيفية الاتصال بمن حوله واضطرابات في اكتساب مهارات التعليم السلوكي والاجتماعي. ويعتبر من أكثر المتلازمات شيوعاً التي تصيب الجهاز التطوري للطفل، ويظهر التوحد عادة خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل، ويستمر مدى الحياة، وتقدر نسبة الإصابة العالمية بها بنحو 5 إلى 10 حالات لكل 10.000 آلاف طفل. وتضيف: “التوحد بلا شك يؤثر على النمو الطبيعي للمخ في مجال الحياة الاجتماعية ومهارات التواصل، وعادة ما يواجه الأطفال المصابون بالتوحد صعوبات في مجال التواصل غير اللفظي، والتفاعل الاجتماعي، وكذلك صعوبات في الأنشطة الترفيهية، حيث يمكن أن يظهر المصابون بهذا الاضطراب سلوكاً متكرراً بصورة غير طبيعية، كأن يرفرفوا بأيديهم بشكل متكرر، أو أن يهزوا جسمهم بشكل متكرر، كما يمكن أن يظهروا ردوداً غير معتادة عند تعاملهم مع الناس، أو أن يرتبطوا ببعض الأشياء بصورة غير طبيعية، كأن يلعب الطفل بسيارة معينة بشكل متكرر وبصورة غير طبيعية، دون محاولة التغيير إلى سيارة أو لعبة أخرى مثلاً، مع وجود مقاومة لمحاولة التغيير وفي بعض الحالات، قد يظهر الطفل سلوكاً عدوانياً تجاه الغير، أو تجاه الذات. ويلاحظ وجود العجز في الاتصال واللعب والارتباط مع الآخرين، أو القدرة على تعلم المهارات، ويتصفوا بالانغلاق والانسحاب، لكن مع تطور أساليب التأهيل والعلاج يمكن التخفيف من آثار المرض وتدريبهم على المهارات والمعرفة بحيث يستطيع التكيف كراشد في المجتمع مع إمكانية الحصول على وظيفة أو عمل. صعوبات وشروط يشير محمد وجدي، أخصائي التخاطب في مؤسسة زايد العليا الإنسانية لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى أن من الأهمية أن ندرك، ويدرك العاملون في مجال التربية الخاصة أن طفل التوحد ضعيف في الخيال وبالتالي هو غير قادر على ابتكار ألعاب بشكل عام، وألعاب رياضية بشكل خاص وبالتالي لابد من وجود شخص يقوم بابتكار الألعاب الرياضية وتصميمها ليس على مستوى المادة فقط ولكن على مستوى الأداء وطريقته، ولابد أن تكون مناسبة للطفل وقدراته. فمن الملاحظ أن طفل التوحد طفل عنيد وفى غالب الأوقات يرفض الجديد لأنه أيضا نمطي روتيني وبالتالي عند محاولة تدريبه على ممارسة اللعبة الرياضية لابد من مراعاة ذلك. ويجب أن تكون البرامج الرياضية المقدمة لطفل التوحد ضمن مشتقات برنامج تنمية المهارات المصمم للطفل ولا تكون بصورة عشوائية حتى تصل إلى أهدافها الحقيقية التي قام مصمم البرنامج بوضعها من أجله، ويجب أن تكون برامج التربية البدنية لها أهداف محددة مثل ضبط بعض السلوكيات لدى الطفل، ويمكن معرفة نجاح هذه البرامج من معرفة مدى التقدم في قدرة الطفل التوحدي في القدرة على ضبط هذه السلوكيات. ويمكن استخدام برامج أخرى مساعدة مع برامج التربية البدنية أو بمعنى أدق دمج جزئيات البرنامج العام للطفل لتحقيق أهداف مشتركة، على سبيل المثال استخدام الموسيقى وهى جزء من البرنامج العام للطفل في مساعدة الطفل على القيام بحركات على أنغام هذه الموسيقى وبالتالي نستطيع تحقيق هدف موسيقي وهدف عام وهدف رياضي في نفس الوقت. الطفل التوحدي لا يتجاوب مع أمه قد لا يستطيع الأهل اكتشاف ما إذا كان أطفالهم مصابون بالتوحد أم لا، فقد يبدو للأهل أن طفلهم لا يتواصل معهم بالنظر، الابتسامة والبهجة. ويبدو أنه يعيش في عالم خاص به، هذا ما تشير إليه عائشة سيف المنصوري، مدير مركز أبوظبي للتوحد، موضحة أن الطفل الطبيعي يبتسم لأمه في الشهر الثاني، ثم يبادلها النظرات وخاصة خلال الرضاعة، يبتهج عند رؤية وجه أمه يبكي إذا ابتعدت عنه ويفرح لظهور وجهها. أما الطفل التوحدي لا يبتسم، لا ينظر لوجه أمه و يبدو وكأنه ينظر من خلالها أو إلى السقف، لا ينفعل عند ذهاب أمه أو عند عودتها. فالطفل التوحدي لا يميل إلى المداعبة وملامسة جسمه ويبدي الانزعاج عند اقتراب جسد أمه من جسمه يلاحظ عليه انشغاله بنشاط معين كأن ينظر إلى يديه فترة طويلة، أو يهز نفسه أو رأسه، ولا يميل إلى المناغاة والضحك العالي، في الأشهر الأخيرة، فنجد التطور اللغة بطيئاً، وقد لا تتطور بتاتاً، ونراه يستخدم الكلمات بشكل مختلف عن الأطفال الآخرين، والتواصل عن طريق الإشارات بدلاً من الكلمات، والانتباه والتركيز لمدة قصيرة. ويبدي اهتماماً أقل بتكوين صداقات مع الآخرين، وتكون استجابته أقل للإشارات الاجتماعية مثل الابتسامة أو النظر للعيون. ويفتقد مهارة اللعب التلقائي أو الابتكاري، كما أنه لا يقلد حركات الآخرين، ولا يحاول أن يبدأ في عمل ألعاب خيالية أو مبتكرة”. وتكمل المنصوري: “الطفل التوحدي قد يكون نشطاً أو حركياً أكثر من المعتاد، أو تكون حركته أقل من المعتاد، مع وجود نوبات من السلوك غير السوي ـ كأن يضرب رأسه بالحائط، أو يعض ـ دون سبب واضح، ونراه يصر على الاحتفاظ بشيء ما، أو التفكير في فكرة بعينها، أو الارتباط بشخص واحد بعينه، قد يكون هناك نقص واضح في تقدير الأمور المعتادة، وقد يظهر سلوكاً عنيفاً أو عدوانيا، أو مؤذياً للذات. وتختلف هذه الأعراض من شخص لآخر، وبدرجات متفاوتة. ويعرف أن الطفل التوحدي يتسم بنمطية السلوك، وتظهر على شكل حركات آلية وتكرارية، ومقاومة التغيير، واعتماد روتين خاص به يثور ويغضب لمحاولة التغيير، وعدم الوعي بالمخاطر، ولا يدرك نتائج سلوكه”.أما عن كيفية التصرف مع طفل التوحد، تقول المنصوري: “عادة ما تتراوح شدة الإصابة بالتوحد من البسيطة إلى الإعاقة القوية، لذلك تكون الأعراض مختلفة في شدتها من طفل إلى آخر، لذلك يختلف التعامل من فئة إلى أخرى، كذلك يوجد عند الطفل التوحدي إيجابيات تطورية أي مهارات قد تكون أفضل من الأطفال الطبيعيين، وهذه المهارات قد تكون بصرية أي لديه استعداد وقابلية لاستقبال المعلومات عن طريق الحاسة البصرية ولا يرغب في أن يكتب أو يقرأ من الكتاب لذلك يتم الإفادة من الوسائل المرئية مثل الصور والأشكال المرسومة أو بواسطة الحاسوب، واحيانا تكون لديهم مهارات سمعية متفوقة يتم استغلالها للتعلم وإدخال الإرشادات بواسطة برامج معدة، وأحيانا تكون لديهم مهارات عالية في مجالات رياضية يتم استغلالها بشكل جيد”. معالجة العجز والاضطراب اللغوي يشير المتخصصون في علوم النطق واللغة في مجال المعاقين، أنه يمكن معالجة العجز أو الاضطراب اللغوي عند الطفل التوحدي، حيث يعتبر العجز اللغوي من المشكلات الأساسية، فهو يفقد ما اكتسبه من مهارات لغوية سواء كمفردات أو مفهومها واستعمالاتها، ويؤثر العجز اللغوي بشكل كبير في التواصل الاجتماعي والسلوكي وقدرته على تعلم المهارات الأخرى. فشدة العجز اللغوي عند الطفل التوحدي متفاوتة، كذلك أوجه هذا العجز المختلفة مثل المفردات والقواعد والوظيفة اللغوية متفاوتة، فالعلاج المبكر يتيح فرص نجاح أكبر، كلما كان البدء مبكرا كلما كانت النتائج أفضل. كما أن دمج الأطفال التوحديين مع الآخرين في الصفوف المدرسية مع مراعاة ظروفهم الصحية من قبل الكادر التربوي، واشتراك أهل الطفل التوحدي في برنامج المعالجة مهم جدا لإنجاح المعالجة بالاستعانة باللعب والأنشطة المختلفة، وعن طريق الدمج مع الأطفال الآخرين من نفس الفئات العمرية بإشراف تربويين متخصصين، وحيث يستطيع الطفل أن يكتسب المفردات واللغة من أقرانهم من اجل التواصل في النشاطات المختلفة واللعب، واستخدام الوسائل البصرية والسمعية والإشارات المكتوبة على شكل مفردات وجمل على لوحات، وترمز إلى الأشياء التي يستعملها أو يراها يوميا، ولها معنى في حياته اليومية، وتتطور أساليب بشكل مطرد، وخصوصا مع التقدم التكنولوجي على المرء متابعة هذه المستجدات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©