الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

منعم الفقير يجمع الشوق والحنين في النظر إلى الماء

منعم الفقير يجمع الشوق والحنين في النظر إلى الماء
31 يوليو 2008 22:28
في مجموعته الشعرية ''النظر إلى الماء''، والصادرة عن منشورات ''أدب وفن'' بالقاهرة وتقع في 187 صفحة، أعاد الشاعر العراقي المقيم بالدنمارك منعم الفقير نشرَ أبرز قصائده التي كان قد نشرها بين 1983 و2000 في عشر مجموعات شعرية· وكتبت مقدمة الكتاب الشاعرةُ الدنماركية نينا مالينوسكي، والتي أثنت على التجربة الشعرية الطويلة لمنعم الفقير، وأشادت بنزعته الإنسانية العالمية، وقالت إن إبداعه الشعري له أهمية كبيرة بالنسبة للتطور الأدبي في الدنمارك منذ التسعينات إلى الآن، فهو يستطيع أن يحدِّث المقيمين بالبلد عن العالم الكبير وعن المنافي والمهاجر، ويتحدث عن الحنين والشعور بالإقامة في الذات والعالم في آن واحد· غربة وحنين تتفجر ''مختارات'' الفقير شوقاً وحنيناً إلى الوطن وإلى الأهل والأصحاب، وانعكس ذلك حزناً وكمداً وقلقاً وحيرة في الكثير من قصائده، في إحداها: يا أبي/ كم شمعة أطفأت/وكم شمعة لم تطفئ/أي ضوء خان وجهك/فأسلمك إلى العتمة الأبدية/أنا أبنك المشرد/ورثت عنك/بشرتك الصفراء/آمالك المغدورة/أنا الحاضر/وسط من غابوا· وحتى الفرح سرعان ما يعكر صفوَه الحزن؛ الفرح والحزن يعيشان معاً، ولا وجود لأي منهما دون الآخر· يقول: يا فرحي/مهما /بعدت أو دنوت/لن أنساك أبداً/من أجلك فقط/حزنت /كل هذا الحزن· ولاشك أن السبب الأول لحزن الشاعر هو مغادرته العراق في بداية الثمانينات لغياب الحريَّة فيه، يقول في قصيدة ''صناعة وطن'': مرة أخذتُ/ قليلاً من التراب/ قليلاً من الأعشاب/ قليلاً من المياه/ وكثيراً من الأسلاك/ وصنعتُ منها وطناً/ فهل أسميه ''عراق''؟ ويقول في قصيدة أخرى عن الوطن الأسير: لي وطن/ فيه قبر جدتي/ آثار طفولتي/ وأطلال رجولتي/ فيه أسمالي/ أرصفة للتوسل/ أغانٍ مبحوحة/ فيه نهران عظيمان/ جسور وشاحنات/ وفيه لجميع الأحياء قبور! ويتشرب الشاعر الحزن حتى الثمالة من وطأة المنفى، يقول في قصيدة ''العين وطن الدمعة'': أنا الدمعة المسفوحة/ على خدِّ المنفى/ الدمعة التي تغادر/ لا تعود أبداً/ عيني تضحي بآخر دمعة/ لأجل حزن لا آخر له· لكن الشاعر يفضل احتمال هذا الحزن الذي لا آخر له على السكوت والخضوع للاستبداد: لن تجعلوا/ من فمي زنزانة/ يقضي فيها/ مدى حياته/ لساني· حزنٌ وفلسفة الحزن والألم جعلا الشاعر ينطق بالفلسفة والحكمة في أكثر من موضع، فنجد الكثير من مختاراته تنضح بهما: العالم/ نصفه فجيعة/ والآخر منه ملهاة/ ترشو الألمَ بالضحك· ويقول عن الوحدة والملل: في الغرفة القديمة/ ذات الجدران المتآكلة/ أنفض/ جسدي كل يوم/ كيلا يغطيه الغبار· ثم يعود الشاعر إلى قصائده التأملية الفلسفية، فكتب قصيدة طويلة من 54 مقطعاً ''العقل هفوة الجنون'' تحدث فيها عن العقل وماهية الجنون والموت والروح والخلود والفناء··· يقول في أحد المقاطع: القلب وطن/ والحب والعقل/ منفاه/ الألم/ هبة الطبيعة/ اليأس/ هبة البشر· كما خص الشاعر الموتَ والروح بمقاطع متفردة بطريقة كتابتها، إذ يتكون كل بيت منها من كلمة واحدة، يقول في إحداها: الروح/ عقيدة/ الكائن/ يجحدها/ الكون/ بالموت· وبرغم قسوة الموت لا ينسى الشاعر الفرح والحب ويجعل لهما نصيباً مهماً في مختاراته، يقول في إحدى القصائد: أنوثتك تصلب العالم لليونة/ أنتِ ثناء الكون عليّ· إلا أن نداء الموت سرعان ما يجذب الشاعر ويفسد عليه متعة الحب، فختم ''النظر إلى الماء'' بقصيدة ''الحياة رهينة الموت''، ويحاول أن يجعل لموته الحتمي معنى واستمراراً لرسالته: في الطريق إلى وليمة الموت قلتَ لي: ''كنْ خطراً عليهم في مماتك لا في حياتك'' في منتصف الطريق اعتذرتَ عن الدعوة·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©