الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الطلاق الصامت» يجمع أزواجاً غرباء تحت سقف واحد

«الطلاق الصامت» يجمع أزواجاً غرباء تحت سقف واحد
1 ابريل 2012
هناء الحمادي (أبوظبي) - نبهت لقاءات مع متزوجين إلى خطورة غياب الحب وكثرة الخلافات والمشاحنات بين حين وآخر، خاصة مع تدخل الأهل وغياب الثقافة الزوجية وضعف اللغة المشتركة، مما يؤدي إلى ما يعرف باسم الطلاق الصامت الذي يقتل علاقات الطرفين. وقال عدد من المتزوجين إن ذلك ينتشر في كثير من البيوت بعد أن غيب الصمت دفء عواطفها وانعدمت المشاعر بين الأزواج فيها، فظهر التباعد والتقوقع داخل الذات، بعد أن ُسمح للوحدة والانعزالية أن تعشش على أبوابها خلافات قد تكون تافهة تُرك لها المجال لتشتعل فبخرت العواطف ليحل محلها الجفاف والملل والرتابة. قال كثير من الأزواج إنه بعد وصول علاقتهم الزوجية إلى طريق مسدود غالبا ما تلجأ الزوجات إلى الصمت خوفاً من تخريب حياتها وتدمير أسرتها، في حين البعض الآخر يلجأ إلى المواجهة، الأمر الذي يؤدي لخلق فجوة هي الأخرى من شأنها إن لم تُدمر الزواج، تؤدي به إلى ما يسمى«الطلاق الصامت»، فيعزف كل منهما عن التحدث بشكل عادي مع الآخر، ليعيش الزوجان تحت سقف بيت واحد سنين عديدة. لكن بلا مودة أو رحمة، ويصعب التفاهم والتلاقي بينهما، وهنا تدور علامات استفهام حول أسباب هذا الانفصال العاطفي أو الوجداني بين الأزواج، وهو ما يسميه المتخصصون الطلاق السيكولوجي. زوجة بالاسم فقط عاشت معه على الحلوة والُمرة ولديها منه 5 أبناء، تحملت زوجا لا يعرف مسؤولياته بل السهر مع أصدقائه خارج المنزل لساعات الليل، كانت له الأب والأم في الوقت نفسه، لكن كل هذه التضحيات ذهبت هباء حيث تقول سلمى إبراهيم: طوال فترة زواجي منذ 6 سنوات أعيش معه زوجة بالاسم فقط. فهو لا يعرف حتى حقوقه الزوجية وواجباته اتجاه أبنائه، ولم يشعرني قط بحبه وعطفة بل كان نفوري منه يزداد يوما عن آخر، إلى أن وصل الحال بنا إلى أن نعيش زوجين، لكن بلا مودة وحب واتفاق، لافتة إلى أنه من أجل تربية الأبناء وخوفا من الضياع، ونظره الناس المتدنية للمطلقة، فضلت البقاء مع زوجها مهما كانت حالته. وحالة ع.ع 40 عاماً، تشبه الحالة السابقة، فعلى الرغم من أنه يعيش مع زوجته في بيت واحد، لكن كلاًّ منهما في غرفته الخاصة، وكل ما يريده يقوم بعمله وحده، لأن زوجته عصبية وأيضًا استفزازية وذلك على حد قوله. ويضيف: حرصا على أبنائي فضلت أن تكون علاقتي بزوجتي مستمرة، لكن حولتها إلى صمت وجمود، وبالنسبة لبناتي الأربع فهن يعرفن طبيعة العلاقة الحالية مع أمهن، لأنهن يدركن إن ما وصلن له الآن هو أفضل حالا من السابق. ويتابع: على الرغم من عمر زواجي الطويل إلا أن هذا الطلاق العاطفي بدأ بعد تراكم مشاكل تفاقمت ولم يتم حلها، ونتج عنها الكبت بسبب عدم المصارحة والمكاشفة، وهذا هو العامل الرئيسي لهذه المشكلة كما يصفها عوض. ولدى سؤاله عن سبب عدم الانفصال التام والطلاق قال إن الخوف على البنات وحاجة المرأة لوجود من ينفق على الأسرة في كثير من الأحيان والخشية من مسمى الطلاق في المجتمع، كلها أسباب وراء عدم اللجوء لقرار الانفصال النهائي. إلى ذلك قالت ش. ع 27 عاماً: محكوم على المرأة أن تتحمل وتصبر على تعنت الزوج باعتباره رجلا ولا يعيبه شيء، وأن تتغاضى عن سعيه الدائم للعيش حياة خاصة بعيداً عن بيته، بينما الزوجة مهما حصل لها من مشاكل زوجية تفضل البقاء في البيت من أجل أبنائها، حتى لا تكثر الألسنة عليها باعتبارها امرأة مطلقة، وحتى لا تحاط بنظرة غير جيدة، فتتحمل تبعات فشل الزواج. الزوجة الأولى أعيش الآن حالة نفسية صعبة، فلا أنا مطلقة ولا أنا متزوجة ولا أعيش حياة ثابتة، وإن كان لا يرغب في الحياة معي فعليه أن يطلقني ويتركني أواجه مصيري، بهذه الكلمات تفوهت م. س 22عاما. وتقول، أنا الزوجة الأولى في حياة زوجي، ولم يحالفني الحظ أن أنجب البنين لذلك تزوج على امرأة ثانية انجبت له البنات والأولاد أما أنا فقد جعلني مجرد اسم زوجة. وتتابع تركني عند أسرتي ومع بداية كل شهر يرسل نفقاتي وكأنه لا يعرف إنني بحاجة لاهتمامه وحبه الذي منحني له في بداية حياتي الزوجية أكثر من المال، واصفة الحالة التي تعيش فيها الآن بأنها حالة غريبة، فهي لا مطلقة ولا متزوجة. عدم اقتناع أما هشام سليم فتجربته لا تختلف عن معاناة الآخرين حيث انفصل عن زوجته على الرغم من صغر سنه بعد أن انجبت له طفلة، وهما الآن يعيشان في منزل واحد، وذلك لأن الأهل أنفسهم يعيشون في المنزل نفسه. ويسرد هشام قصته: عندما قبلت الزواج بها كان من أجل إرضاء والدي وخالي، وكنت أحاول أن أقنع نفسي بهذا الزواج، إلا أنني لم أستطع، لأنها هي الأخرى كانت تحمل لي المشاعر نفسها، التي أحملها لها، فكلانا لم يستطع تحمل الأحاسيس الكاذبة التي كنا نظهرها أمام الأهل، فقررنا الانفصال وبقينا في بيت واحد، حيث أصبحت منطوية على نفسها، وكثيرة الجلوس في غرفتها، وإذا ما خرجت والتقيتها ألمح الخجل في عينيها، لكن في هذه اللحظة طلبت مني أن أطلقها، لأنها لم تعد تطيق العيش بهذا الشكل، خصوصاً بعد أن علمت أنني سأتزوج للمرة الثانية قريباً. أما فتحية عبد الله، فتؤكد أن قبولها للمكوث في بيت واحد مع طليقها، كان بسبب الظروف التي أجبرتها على ذلك، كما أن أولادي أيضاً طلبوا مني البقاء معهم، وهم سيتكفلون بإيجاد منزل آخر لأبيهم، إلا أن والدهم رفض الخروج من البيت رغم محاولاتهم المتكررة معه، ما اضطرهم إلى بناء بيت مستقل له، وتزوج بامرأة أخرى. وتضيف: لكنه لم يعش مع الزوجة الثانية سوى ستة أشهر، ثم انفصل عنها، وعاد هذه المرة إلى البيت لإرجاعي إلى عصمته، وبعد إلحاح أبنائي وافقت على الرجوع إلى عصمته، ولكن بعد مضي أربعة أشهر انفصلنا مرة أخرى، انفصالاً نهائيا، وهذه المرة تركت أنا البيت وذهبت للعيش مع ابني البكر المتزوج. حواجز نفسية حينما تزداد الخلافات بين الزوجين وتصل إلى طريق مسدود ويشعر الطرفان بأن هناك حاجزا نفسياً تصعب إزالته، تبدأ مرحلة أخرى من الحياة الأسرية، وهو ما أشار إليه الدكتور جاسم محمد المرزوقي اختصاصي الإرشاد والصحة النفسية بقوله إن هذه المرحلة تتحول تدريجيا إلى بغض ثم هجر، ولا يكتفي الطرفان بهذا البعد، بل يتجاوزان أحيانا كل الحدود المألوفة ويبتعدان عن بعضهما بعدا جغرافيا، مما يزيد المشكلة، كأنها مرضاً مزمناً، أو تصفية حسابات، يتمنى الزوجان عبرها الطلاق الشرعي على خطورته، إذ برأيهما يبقى أسهل من الطلاق العاطفي، بما أن حياتهما على هذا النحو «ميتة». وأضاف المرزوقي: من أسباب هذا الطلاق القاتل كما اسميه عدم تفهم كلا الزوجين طبيعة الاختلاف الفسيولوجي بين المرأة والرجل، مع انعدام التوافق بين الزوجين والذي جاء نتيجة لسوء الاختيار. ويضيف: قد يكون انعدام الحوار وعدم تفهم كل زوج لمتطلبات واحتياجات شريك حياته مع غياب التسامح بين الزوجين وانعدام مبدأ التنازل بينهما، وعجز أحد الزوجين عن أداء المسؤوليات المترتبة عليه، مع الإهمال في صياغة وتقوية العلاقات الأسرية وتراكم الضغوط المهنية والنفسية وإهمال الذات فترة من الزمن، قد تكون كل هذه الأسباب الشرارة الأولى للفجوة والانشقاق العاطفي والوجداني بين الزوجين لحصول هذا الطلاق الصامت الذي يكون مؤلما أكثر بكثير من الطلاق الفعلي. نصائح زوجية وعن كيفية استعادة التوازن العاطفي بين الزوجين ولمعالجة هذا الخلل، قال المرزوقي، إن هذا الأمر قد يكون ذا أثر مدمر على نفسية الزوج والزوجة، لأن الزواج ليس فقط منزلاً وأطفالاً، لافتاً إلى أن كثيرا من الخيانات الزوجية تعود أسبابها لهذه المشكلة، حيث يبحث أحد الزوجين عن الإشباع العاطفي خارج إطار العلاقة الزوجية، ونتيجة لذلك تحدث حالة من الاكتئاب والاضطرابات النفسية وتكون مقدمة لكثير من المشاكل. الاعتراف بالمشكلة بداية الطريق لحلها ينصح الدكتور جاسم محمد المرزوقي اختصاصي الإرشاد والصحة النفسية بأن يتم الاعتراف من قبل الزوجين بوجود مشكلة بينهما، من خلال المكاشفة والمصارحة وفتح باب النقاش والحوار حتى لا تصل الأمور لنهاية العلاقة الزوجية بشكل نهائي إلى الطلاق القانوني. ويقترح أن يبادر أحد الزوجين ويحاول كسب الطرف الآخر من خلال المبادرات اللطيفة أو خلق هدف مشترك جديد دائما دون استرجاع أو استذكار أي خلافات سابقة وبهذا يعيدان الاعتبار إنسانيا لبعضهما البعض.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©