الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشرق الأوسط بين مطرقة نقص الغذاء وسندان شح المياه

31 يوليو 2008 22:06
يبدو أن مشكلة النقص العالمي في الأغذية أدخلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ورطة خانقة بحيث أصبح يتعين عليها مواجهة خيار زراعة المزيد من الحبوب والمحاصيل لتوفير الغذاء لتعدادها السكاني المتنامي أو السعي عوضاً عن ذلك الى المحافظة على مواردها المائية الشحيحة أصلاً· ولطالما ظلت دول المنطقة ولعقود طويلة تعاني من شح الموارد المائية وهي تحاول جاهدة إزالة الأملاح من مياه البحر أو تحويل مجرى النيل من أجل ازدهار المنطقة الصحراوية الممتدة القاحلة· إلا أن هذه المشاريع اتسمت في معظمها بالتكلفة الباهظة واستهلاك كميات كبيرة من المياه في أحيان أخرى لدرجة أنه أصبح من العملي استيراد الأغذية عوضاً عن السعي لإنتاجها· والآن فهنالك بعض الدول التي تستورد 90 في المائة من احتياجاتها من السلع الأساسية· بيد أن الأزمة الغذائية التي اجتاحت العالم مؤخراً جعلت العديد من الدول في هذه المنطقة التي تعاني من الاضطرابات السياسية تعيد مراجعتها لسياستها المعتادة· وفي هذه الأثناء استمر التعداد السكاني في المنطقـــة يشهد المزيــــد من النمـــو والى أكثر من أربعة أمثاله منذ عـــام 1950 الى مستوى 364 مليون نسمـة وبـــات من المتوقـــع أن يصل الى 600 مليون نسمة بحلول عام ·2050 لذا فإن المياه المتوفرة لكل شخص والتي تتسم بالندرة أصلاً سوف تنخفض الى النصف بحلول ذلك الوقت· إذ يقول آلان ريتشارد أستاذ الاقتصاد والدراسات البيئية في جامعة كاليفورنيا في سانت كروز: ''إن دول المنطقة أضحت واقعة بين سندان ارتفاع أسعار الأغذية ومطرقة انخفاض كميات المياه المتوفرة لكل فرد، ولا يبدو أن هنالك حلاً سهلاً لهذه المعضلة''· وبعد أن فقدت الثقة في الأسواق العالمية يبدو أن هذه الدولة بدأت تتجه لتبني برامج جديدة أكثر تكلفة من أجل المحافظة على تمويناتها من الأغذية· فدولة جيبوتي على سبيل المثال شرعت في زراعة الأرز داخل مزارع الصوبات الزجاجية التي تعمل بالطاقة الشمسية وتتغذى بالمياه الجوفية ويتم تبريدها بواسطة مياه البحر في مشروع ينتج ما وصفه روسلان يمتسوف الاقتصادي في البنك الدولي بأنه ''ربما الأرز الأغلى من نوعه في الكرة الأرضية''· وهنالك العديد من الدول المنتجة للنفط بما فيها المملكة العربية السعودية شرعت في البحث عن أراض زراعية خصبة ولكنها في دول أقل استقراراً من الناحية السياسية مثل باكستان والسودان بهدف زراعة المحاصيل الغذائية ثم شحنها الى الوطن· أما مصر، فقد أدى النقص في الخبز المدعوم الى إشعال الاضطــرابـــات وأعـــمال العنف في ابريل الماضي، وذكر المسؤولون الحكوميون أنهم يتطلعون الى زراعة القمح في مساحـــة بحـــوالى 800 ألف هكتار أو ملـــيوني فدان في منطقة تمتد عبر الحدود مع السودان· ويشير الاقتصاديون وخبراء التنمية الى أن الاكتفاء الذاتي من الغذاء في هذا الجزء من العالم ينطوي على تحديات لا يسهل تجاوزها والقفز فوقها، حيث كانت السعودية قد عمدت الى تجميع المياه من الطبقات الصخرية حتى تحقق الاكتفاء الذاتي من إنتاج القمح في حقبة الثمانينينيات· وبحلول فترة التسعينيات سرعان ما أصبحت المملكة أحد كبار المصدرين، ولكن وعلى كل ففي العام الجاري ذكرت السعوديــــة أنها لن تســـتمر في هذا البرنامج لأنــه يستهلك كميات هائلة من المياه، وكما يقول علي الحاج، الكاتب السوري المولد الذي ألف كتاباً في هذا الموضوع ''بإمكانك أن تجلب الأموال والمياه لكي تصبح الصحراء يانعة ومخضرة الى أن تفقد كامل مخزونك من المياه أو الأموال''· وظلت مصر أيضاً تحلم ولعقود طويلة بتحويل مناطق صحراوية شاسعة الى مساحات زراعية مخضرة يانعة· إذ يعتبر مشروع توشكى الأكبر طموحاً من نوعه في إحدى الواحات الصحراوية التي تحيط بها التضاريس الصخرية والرملية، وهو المشروع الذي وضعه الرئيس المصري حسني مبارك منذ بداياته في عام 1997 بأنه ليس أقل عظمة من بناء الأهرامات حيث سينطوي على حوالي 200 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في منطـــقة كان من المتوقــع أن يؤمـــها عشرات الآلاف من المقيمين الجدد، إلا أن القليل فقط من السكان انتقل الى توشكي، كما لم تتم زراعة سوى 12 ألف هكتار فقط· ويقول محمد ناجي محمد مدير إحدى المزارع إن هذه الأراضي الصحراوية صالحة للزراعة متى ما توفرت الأسمدة والمياه، وهو الأمر الذي يحتاج الى كميات كبيرة من المال حسب اعتقاده· ولكن المشكلة الأكبر في مصر ظلت تتمثل في كبر حجم التعداد السكاني والتي وصفها الرئيس حسني مبارك بأنها مشكلة ''مستعجلة'' أدت الى تفاقم أزمة الغذاء· ويشير الاقتصاديون الى ضرورة أن تتجه دول المنطقة الى التخصص في زراعة المحاصيل المناسبة لكل منطقة على حدة وتلك التي يمكن أن تحقق لها ميزة تنافسية عوضاً عن أن تبحث عن تحقيق الاكتفاء الذاتي في الأغذية· وذلك عبر إنتاج أو زراعة الزهور على سبيل المثال والتي لا تحتاج عادة الى كميات كبيرة من المياه ويمكن تصديرها لتحقيق كميات مقدرة من الدولارات بحيث يمكن بالـــتالي استغلالها في استيراد مختلف أنواع الأغذية· ويوصي الخبراء أيضاً بضرورة تبني تكنولوجيات الري الجديدة المتقدمة مثل عمليات الرش أو استغلال مياه الصرف الصحي بعد معالجتها بكفاءة وفعالية قبل استخدامها في ري المحاصيل الزراعية· عن انترناشيونال هيرالد تريبيون
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©