الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناعة القرار (2/2)

صناعة القرار (2/2)
5 أكتوبر 2009 23:50
نكمل اليوم حديثنا حول صناعة القرار، والذي قلنا إنه من أصعب الأمور على الإنسان حيث تترتب عليه أمور وعواقب والتزامات وغيرها. فخوف الإنسان من الفشل في مثل هذه الأمور أمر طبيعي، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه لا أحد يريد أن يخفق في الوصول إلى ما يريد ويخسر معه أشياء أخرى لمجرد أنه قرر فعل كذا وفشل. فقد يغير الموظف طبيعة عمله ويلتحق بقسم آخر؛ لأن فرصته كبيرة في الحصول على منصب في ذلك القسم خلال فترة زمنية قصيرة. ولكن إن انتقل هذا الموظف ولم ينل هدفه الذي كان يتوقع أو الذي خطط له فإنه يكون بذلك قد خسر العمل في المجال الذي يعرفه لأجل هدف لم يتحقق له. وقد يتخذ الإنسان قراره بالتضحية بشيء ثمين مادياً مقابل شيء مادي أقل منه قيمة ولكنه ثمين معنوياً، وبالعكس. وقد ضحى أحدهم بمنصب مدير إدارة في الشركة التي يعمل فيها منذ زمن، والتحق بشركة أخرى تقع في المدينة التي يعيش فيها والده ليشغل منصب رئيس قسم، ليكون قريباً من والده الذي أصبح في حاجة ماسة لوجوده إلى جانبه. فالإنسان قد يُضطر أو يُجبر حسب ما تملي عليه الظروف أن يوافق على أمور قد تكون فيها خسائر عليه، مقابل الحصول على هدف ثمين جداً، ولولا أن الهدف يعني له الكثير لما تقبل المغامرة أو التضحية. ما من إنسان في هذه الحياة سواء كان رجلاً أم امرأة، شاباً أم شيخاً كبيراً، متعلماً أم أمياً إلا ويسعى بشتى الطرق إلى اتخاذ القرار السليم؛ لأن فيه مصلحته ومنفعته. فإن أصابه هم أو كرب من جراء مشكلة ما فإنه سيبحث عن القرار المناسب الذي يؤمن له الخروج مما هو فيه. وإن كان صاحب هدف يشغل تفكيره فإنه سينحت في الصخر لإيجاد القرار الذي يجب أن يعمل به ليتم له النجاح والتفوق فيما يرغب في تحقيقه. فالكل يبحث بقدر الإمكان عن القرار الذي يحمل في طياته أقل الخسائر. عزيزي القارئ، يتوقف اتخاذ القرار على أمرين أساسيين: أولهما الأخذ بالأسباب وهذا يتم عن طريق السّؤال والبحث وجمع المعلومات وتحليلها، ثم يأتي ثانيهما وهو التّوكل على الله حق توكله قال تعالى: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (الطلاق:3). وفي هذا الأمر يقول علماء الدّين: «إن ترك اتخاذ الأسباب معصية والتّوكل على الأسباب شرك». ومن صور الأخذ بالأسباب السعي والاتصال والتفكير والبحث والسؤال والتخطيط وغيرها. وهذه طريقة سهلة تساعد في اتخاذ القرار ينصح بها أهل الاختصاص، وهي أن يسأل الإنسان نفسه هذين السؤالين ويجيب عليهما بكل أريحية: السؤال الأول: ما هي أسوأ نتيجة يُمكن أن تكون إذا أنا فعلت كذا؟ السؤال الثّاني: ما هي أفضل نتيجة يُمكن أن تكون إذا أنا فعلت كذا؟ وبناء الإجابات تبحث وتناقش نفسك لتخرج بنتيجة تقول لك افعل أو لا تفعل. فقوة مثل هذه الأسئلة تكمن في أنها تجعل الإنسان في مواجهة مع نفسه من الداخل، تلك النفس التي تحمل الخبرات والآلام والمخاوف والرغبات والأماني والقرارات وغيرها، الأمر الذي يجعله يمحص الأمور ويفحصها بشكل جيد دون خوف أو عجلة. وأخيراً اجعل منهجك التفكير الصحيح قبل أن تقرر؛ لأن للقرارات عواقب ونتائج. د. عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©