السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا وأميركا وإيران

5 أكتوبر 2009 02:00
لو سمعتم وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، تتحدث يوم الأحد الماضي عن أن الروس بدؤوا يميلون إلى الموقف الأميركي بشأن إيران، فعليكم الرجوع قليلا إلى كل تلك التعليقات التي أدلى بها وزراء الخارجية الأميركيون في السابق حول نفس الموضوع، فقد صرحت وزيرة الخارجية السابقة كوندليزا رايس في التاسع من نوفمبر 2007 قائلة: «لا يوجد لدي أدنى شك في المخاوف الروسية من النشاط النووي الإيراني، ولا أشك أيضاً في رغبتهم الصادقة في القيام بشيء إزاء هذا الموضوع». وفي الرابع من مايو 2004 أدلى وزير الخارجية وقتها، كولن باول، بتصريح مشابه قال فيه: «سيشدد الرئيس على قناعتنا القوية بأن أي تعاون نووي مع إيران يمثل خطراً حقيقياً بالنسبة لروسيا، بل يشكل تهديداً لعملية السلام في الشرق الأوسط... لذا فإنه من مصلحة روسيا التوقف عن التعاون مع إيران». ولم تخرج وزيرة الخارجية الأخرى، مادلين أولبرايت» عن النص عندما قالت: «هناك العديد من الأصوات داخل روسيا تريد نقل التركيز في التعامل معنا ومع حلفائنا من حديث الشراكة إلى حديث المعارضة والتحدي، ولو استمر ذلك فسيمثل كارثة بالنسبة لروسيا... ففي جميع الحالات تحتاج روسيا لنظام فعال لعدم الانتشار النووي لأنها ليست في حاجة لرؤية بلدان مثل إيران تملك صواريخ باليستية وأسلحة نووية قادرة على إيصالها إلى أراضيها». أما نائب وزير الخارجية لمراقبة الأسلحة وشؤون الأمن الدولي، جون بولتون، فقد سار في نفس الخط قائلا: «أعتقد أن الطريقة التي تقيم بها روسيا الأخطار لا تختلف عن تقييمنا، فنحن لا مصلحة لنا بتاتاً في أن تمتلك إيران الأسلحة النووية كما يقول محاورونا الروس». فلأكثر من عقد من الزمن انخرط المسؤولون الأميركيون بصبر وأناة في تفسير خطورة «إيران نووية» على الأمن الروسي، وبأنه من مصلحة روسيا ومصلحتنا منع إيران من امتلاك الأسلحة النووية. وبنفس الصبر أيضاً أقنع المسؤولون الأميركيون أنفسهم بأن روسيا بدأت فعلا في إدراك مصلحتها والميل إلى المواقف الأميركية، وقد ينجح الأمر هذه المرة لأن المنطق الأميركي يبدو دائماً على حق، فالمكانة النووية لروسيا تضعف كلما دخلت دولة أخرى النادي النووي، والحالة بالنسبة لإيران أخطر مادامت قريبة من الحدود الروسية، هذا فضلا عن الاضطرابات التي تعرفها مناطق المسلمين في القوقاز، إذ لن يكون من مصلحة موسكو أن يطور نظام إسلامي القنبلة النووية بالقرب من حدودها. لكن مع ذلك لا أحد يفهم لماذا تصر روسيا على التعاون مع إيران، فحتى لو كانت روسيا تعرف الفائدة من إبقاء إيران بعيدة عن السلاح النووي، فإنها ترى مصلحة أكبر في علاقاتها التجارية والعسكرية مع طهران، وقد يكون الأمر غير ذلك إذ ربما تعتقد روسيا بأن الوضع الحالي والطريق المسدود الذي وصلته العلاقات الإيرانية الغربية يخدم المصلحة الروسية لأنها بذلك تمنع إيران من التفاهم مع الغرب دون أن يعني ذلك بالضرورة حيازتها لأسلحة نووية، فطالما ظلت العلاقات متوترة بين إيران والغرب فإن هذا الأخير لن يشتري الغاز الإيراني وستبقى أوروبا تحت النفوذ الروسي لتحكمها في الإمدادات. وربما هناك قناعة روسية مفادها استحالة ردع إيران ومنع وصولها إلى القنبلة النووية، وفي هذه الحالة تبقى السياسة الأفضل بالنسبة لموسكو مواصلة إيهام إدارة أوباما بوجود الأمل في التعاون حول الموضوع الإيراني، وبهذه الطريقة أيضاً يستمرون في الحصول على تنازلات أميركية حول الصواريخ الدفاعية ومراقبة الأسلحة وغيرها من القضايا، وفي نفس الوقت عدم إزعاج إيران، بل السعي إلى الحصول على موقع متقدم في طهران ما أن تدخل هذه الأخيرة النادي النووي. فريد حياة كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©