الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا اللاتينية: موسم سباق التسلح

أميركا اللاتينية: موسم سباق التسلح
5 أكتوبر 2009 01:59
عاد الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز مؤخراً من موسكو بعد أن عقد صفقات جديدة لتزويد بلاده بالدبابات القتالية والمنظومات الدفاعية الصاروخية، في نوبة شراء أسلحة أثارت اتهامات أميركية ضد الزعيم اليساري بأنه يطلق شرارة سباق تسلح إقليمي. أما شافيز، فيقول إن خطوته الأخيرة تأتي في سياق سياسته لتكديس الأسلحة تحسباً لأي هجوم تشنه الولايات المتحدة على بلاده مستقبلا، والوصول إلى احتياطيات النفط الفنزويلية الغنية. وأشار الزعيم الفنزويلي في معرض التدليل على صحة رأيه، إلى الخطة التي أعدتها كولومبيا -التي تدهورت علاقة بلاده بها- للسماح للقوات الأميركية باستخدام سبع قواعد عسكرية داخلها، وهي القواعد التي يرى أنها آخر تجسيد للتمدد الإمبريالي الأميركي في أميركا اللاتينية. لم يقتصر سباق التسلح على هذين البلدين الإنديزيين (فنزويلا وكولومبيا) فحسب، بل أثارت البرازيل استغراب الكثيرين عندما عقدت صفقة ضخمة بمليارات الدولارات لشراء طائرات حربية وغواصات من فرنسا. ولا يقف الأمر عند ذلك، حيث ارتفع الإنفاق العسكري في مختلف أنحاء أميركا اللاتينية إلى مستويات فاقت بكثير تلك التي كانت سائدة خلال العقود الأخيرة. ويرجع السبب إلى أن دول أميركا اللاتينية تحاول اللحاق بتقنيات العصر، وتحديث قواتها المسلحة بعد أن توقفت أو كادت عن الاستثمار في المجال العسكري بعد انتهاء الحرب الباردة. تقول «جوهانا مندلسون فورمان»، الخبيرة في الشؤون الأمنية وشؤون أميركا الجنوبية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إلى ذلك بقولها: «الاتجاه المقلق فيما يتعلق بهذه الموجة من التسلح يرجع إلى شراء أسلحة هجومية متطورة من قبل دول ليست معرضة لتهديد كبير». وقد حاول اتحاد أمم أميركا الجنوبية (UNASUR) في الاجتماع الذي عقده منذ مدة قصيرة في «كويتو»، عاصمة الإكوادور، أن يدعو إلى انتهاج درجة أكبر من الشفافية فيما يتعلق بالأسلحة التي تمتلكها كل دولة. وحاول الاتحاد تخفيف درجة القلق تجاه الاتفاقية الأميركية مع كولومبيا، والذي لم يقتصر على شافيز وحلفائه اليساريين فحسب، بل شمل أيضاً حكومات من يسار الوسط في أميركا اللاتينية؛ مثل البرازيل وشيلي اللتان عبرتا عن قلقهما من أن تؤدي الأهداف المعلنة للاتفاقية، وهي تعزيز إجراءات محاربة التمرد وعمليات مكافحة المخدرات، إلى زعزعة استقرار القارة. ووفقاً للبيانات التي نشرتها «آي إتش إس جينيس»، وهي مجموعة بريطانية متخصصة في الشؤون الدفاعية، فإن الإنفاق العسكري الحالي في القارة لم يسبق له مثيل خلال العقود الماضية، وخصوصاً في البرازيل وشيلي وكولومبيا وفنزويلا. وأشارت المجموعة إلى أن كولومبيا التي تلقت مساعدات قيمتها 6 مليارات دولار من الولايات المتحدة خلال العقد الماضي، تنفق مانسبته 5.7 في المئة من دخلها القومي على التسلح، وهي نسبة تفوق مثيلتها في الدول الثلاث الأخرى المذكورة. ورغم ذلك، اختصت الولايات المتحدة صفقة الأسلحة الفنزويلية مع روسيا بانتقاداتها حيث قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في تصريح لها عقب إعلان شافيز عن عقد هذه الصفقة في موسكو، إنها «تفوق صفقات التسلح الأخرى في معظم دول أميركا اللاتينية، كما تؤدي إلى إثارة أسئلة حول ما إذا كانت ستكون بداية لسباق تسلح في المنطقة». وقد شجب المسؤولون الفنزويليون الانتقادات الأميركية على الفور ووصفوها بأنها «تفتقد إلى الأساس السياسي أو الأخلاقي». ويصر شافيز على أنه يشترى الأسلحة كرد فعل على الاتفاقية الأميركية الكولومبية، وهو ما يؤكده «مايكل شيفتر»، الخبير في شؤون أميركا اللاتينية، وعضو «ملتقى الحوار بين الأميركيتين»، وهي مجموعة غير ربحية للسياسات مقرها في واشنطن، يقول: «بهذه الصفقة يحمي شافيز نفسه بذكاء حيث يقول -وهو محق في ذلك- إذا كان الجميع يبنون قواتهم، فلماذا لا أبني أنا أيضاً». والحقيقة أن مخاطر الصراع داخل القارة حقيقية؛ ففي مارس الماضي وصل التوتر إلى مداه بعد أن شنت كولومبيا غارة على الإكوادور لأسر وقتل زعيم القوات الثورية المسلحة في كولومبيا «الفارك». ومنذ ذلك الحين انتقدت كولومبيا شافيز مراراً، لاسيما بعد أن هدد بمعاقبتها لتجرؤها على هذا العمل، واتهمته بدعم منظمة «الفارك» اليسارية. وفيما بعد رددت الولايات المتحدة هذه التهم والتهديدات ذاتها، حيث حثت هيلاري فنزويلا على أن تكون أكثر شفافية بشأن صفقات الأسلحة التي تبرمها. ورغم أن كل دولة تدافع عن حقها في شراء أسلحة لتحديث وتطوير قواتها، فهناك أسئلة كثيرة تثار حول أولوية شراء الأسلحة في قارة يكتنفها الفقر. وقد عبر رئيس أوروجواي «تاباري فازكيز» عن رأيه بشأن هذا الأمر، خلال زيارة قام بها إلى واشنطن مؤخراً، عندما قال: «إن بلادنا ليست قلقة بشأن تلك الصفقة فحسب، بل بشأن أمر آخر. فقد عبرنا مراراً وتكراراً عن قلقنا من بدء سباق تسلح في القارة، وقلنا إنه شيء خطير تفاقم من خطورته حقيقة أنه يتم في قارة معروفة بأنها الأسوأ توزيعاً للثروة على مستوى العالم. فأسوأ ما يمكن عمله في أوضاع مثل هذه أن نخصص مواردنا لشراء أسلحة». سارة ميلر ليانا - مكسيكو سيتي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©