الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المكان.. عندما يصبح تحت سلطة التاريخ

المكان.. عندما يصبح تحت سلطة التاريخ
27 ابريل 2018 00:56
محمد عبدالسميع (أبوظبي) ضمن فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، استعرضت ندوة «المكان بين نظرتي أديب ومؤرخ» دور المكان وأهميته من وجهتي نظر مؤرخ أديب وأديب مؤرخ. واستضافت الندوة التي أقيمت في «مجلس الحوار»، وأدارها الاعلامي تميم هنيدي، الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، والروائي الإماراتي علي أبو الريش. استهلّ الدكتور عفيفي حديثه قائلاً: كمؤرخ المكان في غاية الأهمية بالنسبة للمؤرخ، لدرجة أن البعض قال إن التاريخ يبدأ من المكان أو الجغرافيا في الأساس، لأن المكان هو مسرح التاريخ، لكن تطور علم التاريخ جعل المؤرخ يطرح أسئلة على المكان وتحولاته. وتابع عفيفي: سوف أتطرق لمثال عن ذلك من خلال كتاب لي صدر مؤخرا عن حي شبرا كنموذج، اخترت له عنوان «إسكندرية صغيرة في القاهرة»، بسبب ارتباط المصريين ببعض. ولأن شبرا أشبه بمدينة عالمية مثل الاسكندرية. حاولت في الكتاب تتبع دراسة تحاولات المكان، كيف مكان كحي شبرا بدأ بقرية ثم تحول في القرن 19 إلى منتجع ملكي لأسرة محمد علي عندما بنى قصراً هناك واتبعه أبناؤه ببناء عدة قصور أخرى. ثم تحول هذا المكان من الناحية الطبقية إلى مكان للطبقة الوسطى مع بدايات القرن العشرين نتيجة دخول المواصلات التي غيرت طبيعة للمكان. وأكد عفيفي أن المواصلات ووسائل النقل لها دور أساسي وفاعل في تغيير تاريخ وطبيعة المكان. ولفت عفيفي إلى أن طبيعة المصري حتى القرن العشرين هي حبه الامتداد بالسكن بجوار النيل والابتعاد عن الصحراء، ولم يظهر اهتمامه في الامتداد الصحراوي إلا مع نهاية القرن العشرين. ثم تناول تاريخ تطور حي شبرا، واختلاط الأجناس الأجنبية التي عاشت بتسامح ومحبة في هذا الحي. وانتماء العديد من الفنانين والأدباء لهذا الحي، وتجسيده وتناوله في العديد من الأعمال الفنية والأدبية. وأشار عفيفي إلى أن التاريخ والرواية شيء واحد، وكتابة التاريخ هي رواية لمؤرخ، وأن هناك تداخلاً كبيراً بين الرواية والتاريخ، وأن الناس عرفت التاريخ من خلال الروايات التاريخية. ومناهج البحث التاريخي استفادت من مناهج النقد الأدبي الحديث. وأكد أن علاقة الأدب بالتاريخ مازالت ملتبسة. من جانبه، أشار أبو الريش إلى أن هناك مأثورة تقول، «عندما تهتم بالشيء تدركه وعندما تدركه تحبه، وعندما تحب الشيء تكون أنت وهو في الوجود واحداً». وتابع هذه هي المنطقة التي تكون فيها الرواية، فمكان الرواية هو اللامكان ولو اختصرت الرواية مكانها لماتت وانتهت. وأضاف: عندما نتحدث عن الرواية، فهي كائن سماوي، بينما التاريخ هو كائن حجري. والتاريخ قادم من الماضي، بينما الرواية هي بنت اللحظة، تستدعي الماضي من أجل المناقشة والحوار. كذلك فإن الرواية، بحسب أبو الريش، هي كائن حواري قادم من الروح، قائمة على الحرية على عكس التاريخ القادم من العقل بكل ما يتميز به من جبروت، ودهاء وخيانة للوجود البشري. وتابع: نحن الآن في كثير من حياتنا نستدعي التاريخ والتاريخ فيه أكاذيب كثيرة، بينما الرواية لا تستطيع أن تقول هذه الأكاذيب لأنها بطبيعتها هي السخرية والعفوية. وأشار ابو الريش إلى أن التاريخ استطاع أن يحوّل حياتنا إلى تراكمات من الأحزان والهزائم لأننا انسقنا وراء العقل، بينما الرواية تسعى إلى البحث عن الحقيقة، وتحرير العقل من العقل والتضامن مع الآخر، وأخيراً تحقيق الحب. هذه الشروط التي تعتمد عليها الرواية، بينما التاريخ هو على عكس ذلك قائم على التعلق والإدانة. واختتم: لذلك أستطيع أن أقول كل الديانات وضعية وسماوية تلوثت بفعل التاريخ لأن الإنسان لازال يحمل موروثات التاريخ القديم وهذا نشهده في حياتنا اليومية، وهنا دور الرواية الخروج من هذا المكان والانتقال الى اللامكان حتى يصبح الانسان مثل النهر يفيض بالصفاء والنقاء والمحبة، لذلك أعتقد أن الرواية هي النقيض الآخر للتاريخ، وعندما يدخل التاريخ الرواية يفسدها، بينما عندما تدخل الرواية التاريخ فإنها تضيئه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©