الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فرانكشتاين والوحش

19 يناير 2008 22:49
يوافق هذا الشهر الذكرى الـ190 لصدور رواية ''فرانكشتاين'' للكاتبة ''ماري شيللي''، وهي رواية تدور حول عالم يدعى ''فرانكشتاين'' يحلم بخلق إنسان وفق هواه، ولكن الأمر ينتهي به إلى خلق وحش؛ وأرجح أنكم تتساءلون الآن: كيف سأحتفل أنا بشهر فرانكشتاين؟ على ما يبدو فإن العلامات المميزة للعيد آخذة في التقلص هنا حيث لم يتسن لي أن أعثر على بطاقة ملونة واحدة للاحتفال بالذكرى الـ190 لصدور الرواية، ولكني أدركت -لحسن الحظ- أنني ما زلت قادرة على الاحتفال من خلال تصفح صحف الأسبوع الماضي، التي لم تخل من عبارات يمكن اعتبار أنها تندرج في إطار تلك الاحتفالات مثل: ''ويلاه! لقد خلقنا وحشاً بأيدينا!''، أو حتى من خلال قراءة قصص من عالم السياسة الخارجية التي تلعب فيها الولايات المتحدة دور ''فرانكشتاين'' العصر الحديث· فلنبدأ بقصة هذا الأسبوع الكبرى من ''باكستان'' حيث تبين، كما ورد في عدد ''نيويورك تايمز'' الصادر الثلاثاء الماضي، أن الجماعات الإسلامية المقاتلة التي مولتها الاستخبارات العسكرية الباكستانية ورعتها -بدعم من الولايات المتحدة- قد خرجت تماماً عن نطاق السيطرة الآن، وانقلبت ضد من صنعوها، ونفذت عدداً من الهجمات الانتحارية العام الماضي، كانت إحداها موجهة مباشرة إلى وحدات الجيش والاستخبارات· ما يفاقم من خطورة الأمر هو أن الاستخبارات العسكرية الباكستانية، تمتلئ في الوقت الراهن بالكثير من العملاء، الذين يساندون المسلحين وأجندتهم المتطرفة، ومع ذلك ما زالت الولايات المتحدة تغدق المساعدات على الجيش والاستخبارات العسكرية الباكستانية، في ذات الوقت الذي تغوص فيه باكستان في الفوضى· هل هناك استراتيجية أميركية لمواجهة ذلك؟ لا توجد استراتيجية· والنتيجة هي كما يلي: الوحش 100- ''فرانكشتاين'' صفر· أما في أفغانستان المجاورة، فبعد مرور ست سنوات على تحرير الشعب من نير طالبان، فإننا نرى الآن عملية إعادة تفعيل لدور وحش فرانكشتاين يمكن معرفة تفاصيلها في الخبر الرئيسي الذي نشرته ''الواشنطن بوست'' الثلاثاء الماضي، عن صعوبة الموقف الذي تواجهه قوات الناتو، وسيطرة أمراء الحرب على معظم المناطق في البلاد، والزيادة القياسية في زراعة الخشخاش، واستعادة طالبان لسيطرتها على الأوضاع، وتوقع إقدامها على شن هجوم في الربيع المقبل، وأخيراً ارتفاع الهجمات الانتحارية بنسبة 30 في المائة؛ هل لدى الولايات المتحدة استراتيجية خروج من هناك؟ ليست لديها· هنا أيضاً النتيجة كما يلى: الوحش يتقدم ويقلص من المكاسب السابقة التي كان ''فرانكشتاين'' قد حققها· ننتقل بعد ذلك إلى العراق: على الرغم من أن أعداد القتلى بشكل عام قد انخفضت نوعاً مَّا، إلا أن عدم حدوث تقدم سياسي ذي شأن، قد أدى إلى خلق حالة من الجمود الذي يتخلله العنف، والذي يتوقع له الاستمرار، إذا ما قررت الولايات المتحدة البقاء لفترة غير محددة هناك، وهو ما يمكن استشفافه من التصريح الذي أدلى به وزير الدفاع العراقي والذي قال فيه إن بلاده لن تكون قادرة على توفير الأمن الداخلي قبل عام ،2012 وعلى حماية حدودها قبل عام ·2018 كان من المفترض أن يتحول العراق إلى منارة للسلام، والديمقراطية والاستقرار، ولكنه تحول بدلاً من ذلك إلى منارة لتجنيد المقاتلين الإسلاميين، وإلى ثقب أسود يبتلع دولارات دافعي الضرائب الأميركيين، ومستنقع لقواتنا· أما النصر الواضح الذي حققناه فيه فقد خلق مشكلات جديدة، فتسليح القبائل والزعماء الدينيين بهدف تقويض نفوذ القاعدة، أدى في الوقت ذاته إلى تقويض جهودنا الرامية إلى مساعدة الحكومة المركزية الهشة في باكستان· هاكم اقتراحي: هيا نضع أيدينا في أيدي بعض، لنحتفل بشهر'' فرانكشتاين'' بشرط أن نحوله إلى مناسبة للتأمل والتفكير في سياستنا الخارجية بعد أن أدت إلى نتائج لم تكن متوقعة، إن العالم ''فرانشكتاين'' في قصة ''شيلي'' خلق الوحش مستعيناً بأجزاء مسروقة من جثث الموتى، والوحوش التي خلقناها بسبب سياستنا الخارجية الطائشة تفوح منها أيضاً رائحة المشرحة؛ بيد أن ما حدث في قصة ''شيلي'' هو أن ''فرانكشتاين'' وبعد أن فقد سيطرته على الوحش عانى طويلاً من تأنيب الضمير بعد أن أدرك خطورة الوحش الذي أطلقه على العالم، وحاول جاهداً أن يصلح خطأه، وهنا تحديداً يمكن للبيت الأبيض أن يجد عبرة وعظة ومناسبة لاستخلاص الدروس· أستاذة في مركز القانون بجامعة جورج تاون ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©