الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيش الياباني... وجهود ما بعد «تسونامي»

الجيش الياباني... وجهود ما بعد «تسونامي»
4 ابريل 2011 22:08
بعد مرور ما يزيد على 3 أسابيع على تعرضها لموجات المد البحري العاتية (تسونامي) التي سوتها بالأرض، باتت المواد التموينية الأساسية لـ"ريكوزينتاكاتا" هذه القرية المنكوبة، تصلها في شاحنات عسكرية تابعة للفيلق التاسع لقوات الدفاع الذاتي البري اليابانية. وتلك الشاحنات قامت بجلب الوقود من الجانب الغربي من اليابان، ونقلت المياه إلى القرية في براميل سعة الواحد منها 5000 لتر، كما أحضر الجنود عربة محملاً عليها ماكينة ضخمة لطبخ الأرز من النوع الذي يستخدم في المعسكرات. وفي أحد مراكز الإخلاء أقام هؤلاء الجنود مجموعة من الحمامات المغطاة بالخيام التي يستخدمها الناجون من الكارثة للاستحمام وتنظيف أجسادهم من التراب الذي تلبد عليها. وهذه الحمامات الوحيدة العاملة في البلدة الآن، وهي تقدم راحة يومية للناجي الذي يدعى "رايوكو اوهتسوبو"، الذي فقد سبعة من أقاربه، دفعته للقول إن هذه الحمامات قد غيرت حياته، وأنها الشيء الوحيد الذي يذكره بالحمام الذي كان في منزله الذي غمرته الأمواج. على الرغم من بساطة الشيء الذي ما يزال متبقياً لدى"أوهتسوبو"، فإنه يذكر، بالعديد من الاحتياجات الأساسية الأخرى التي لم يعد من السهولة بمكان الحصول عليها في اليابان، بعد كارثة الزلزال والتسونامي وانفجار المفاعل النووي. ولكن تلك الكوارث، مع ذلك، أتاحت فرصة جديدة لهذه الأمة المسالمة، وهي فرصة الاعتماد على جيشها في توفير العديد من احتياجاتها الناقصة بمستويات، لم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية. فبعد الشلل الذي أصاب الحكومات المحلية في المناطق التي ضربتها الكوارث، وعجز شركة طوكيو للطاقة الكهربائية عن التعامل مع آثار تلك الكوارث، برزت قوات الدفاع الوطني(الاسم الرسمي للجيش) باعتبارها الدعامة الرئيسية التي تقوم عليها سياسة إدارة الأزمات للبلاد. والشيء الذي بعث الاطمئنان في نفوس اليابانيين، هو أن الجيش قد قام بالأدوار الجديدة المنوطة به بكفاءة كبيرة، استحق عليه الثناء من جانب الخبراء في مختلف التخصصات، حيث شارك الجنود في عمليات الإنقاذ، وفي البحث عن الجثث وسط الركام، وتوفير الإسعافات الأولية العاجلة، وفي عمليات الحد من آثار التلوث الإشعاعي من مفاعل"فوكوشيما"، وهي عمليات على درجة كبيرة من الخطورة. وفي الحقيقة إن الأداء المتميز للجيش في أثناء هذه الأزمة قد قلل من حدة السخرية التي كان الجيش يتعرض لها من قبل الشعب الياباني، الذي كان يقلل باستمرار من الدور الذي يلعبه ويصفه بأنه جيش من دون عمل، وأنه لا حاجة حقيقية إليه. وعلى الرغم من الدور المهم الذي اضطلع به الجيش فيما يتعلق بإدارة الأزمة الحالية التي تمر بها اليابان، ليس من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى إجراء تغيير على الدستور السلمي للبلاد. والتأثير الوحيد الذي قد يقود إليه ذلك الدور، هو الحصول على المزيد من الدعم الشعبي للاقتراحات الخاصة بزيادة المخصصات الدفاعية في الميزانية العامة للبلاد، خصوصا ًفي الوقت الراهن الذي تواجه فيه تهديدات متزايدة من جانب الصين وكوريا الشمالية. ويتوقع كثيرون أن يؤدي أداء الجيش الجيد في الكوارث الأخيرة، إلى تعزيز المشاعر الإيجابية نحوه، وزيادة حماس الجيل الجديد من الشباب للالتحاق بصفوفه خصوصاً بعد أن ظلوا يشاهدون على مدى ثلاثة أسابيع صور الجنود الشجعان، وهم يقومون بجهود خارقة. ويشار إلى أن اليابان قد أرسلت 107 آلاف جندي من مجموع قواتها البالغ 230 ألفاً في المجمل للمشاركة في جهود الإنقاذ في منطقة الكوارث، وقامت للمرة الأولى في تاريخها، بإنشاء قيادة مستقلة للجيش مهمتها تنسيق تحركات القوات البرية والبحرية والجوية في تلك المنطقة، وتنسيق تلك التحركات مع جهود المساعدة التي قام بها ما لا يقل عن 20 ألف جندي أميركي. وهذا الموقف من جانب الحكومة اليابانية الحالية، يختلف كثيراً عن الموقف الذي اتخذته حكومة رئيس الوزراء الاشتراكي"توميتشي موراياما"إبان زلزال كوبي عام 1995 وذلك عندما رفضت استدعاء "قوات الدفاع الوطني" للمشاركة في جهود الإنقاذ، وهو ما وافقتها عليه الحكومات المحلية أيضاً. وكما يقول "ساتوشي موريموتو" خبير الأمن القومي في جامعة" تاكوشوكو":" في هذه المرة تقوم قوات الدفاع الوطني بجميع الأدوار والوظائف التي يفترض أن تقوم بها الحكومة المحلية.. وهو ما يرجع إلى أن خطة الكوارث التي كانت موجودة لدى تلك الحكومة كانت مبنية على افتراض أن الجميع (سواء في البيوت أو في المكاتب) سوف ينجون في حالة وقوع أي كارثة.. بيد أن ما حدث في الواقع هو أن معظم هؤلاء قد ماتوا، ولم يكن هناك خيار أمام الحكومة المحلية سوى الاعتماد على قوات الدفاع الوطني". يشار إلى أن الجيش الياباني قد انشئ عام 1954، واشتهر منذ إنشائه بامتلاكه لمعدات متقدمة وباستعداده للمشاركة في مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، بيد أنه لم يسبق له أن تعامل مع كارثة بحجم تلك التي تعرضت لها اليابان في العام الحالي والتي تعد هي الأضخم والأكثر تعقيداً في تاريخه. وكان وزير الدفاع الياباني "توشيمي كيتازاوا" قد قال في خطابه بمناسبة العام الجديد إن الجهود التي قام بها الجيش في العام السابق لمعالجة آثار الفيضان الذي حدث في باكستان، ومهمة الإنقاذ والتعامل مع آثار الكارثة التي قام بها في هايتي، والجهود التي قام بها لمساعدة سلطات مقاطعة ميازاكي على مواجهة آثار وباء الحمى القلاعية قد ساعدت هذا الجيش على إظهار قدراته الكاملة". وعلى ما يبدو، أن ذلك قد ساهم في تغيير الصورة التي كانت قد التصقت بالجيش في أذهان العامة والتي كانت تدفعهم للتهكم عليه. على الأقل هذا ما تعتقده شيلا سميث" الخبيرة في شؤون اليابان في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي عند تعليقها على أداء الجيش الياباني في الأزمة الأخيرة حيث قالت:" إن قوات الدفاع الوطني قد باتت محلاً للفخر وهو شعور جديد يسود الشعب الياباني وينبغي الاعتراف به وبما يمثله من أهمية". تشيكو هارلان ريكوزينتاكاتا - اليابان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©