الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تسليم «باروان» للأفغان... وعدالة ما بعد «الانسحاب»

31 مارس 2013 23:15
كيفن سيف باجرام - أفغانستان بعد مرور أيام على تسليم معتقل «باروان» رسمياً للسيطرة الأفغانية، كانت قاعة المحكمة الملحقة به مكتظة بالمحُضَرين الأميركيين، والمستشارين والمحامين الأميركيين. والمنشأة ذاتها- التي أعيد تسميتها لتصبح «المعتقل الوطني الأفغاني» مقامة داخل واحدة من أكثر القواعد الأميركية تحصيناً في البلاد. وعندما بدأ محام ووكيل نيابة أفغانيان المرافعة في قضية «عبد الشكور»، وهو قائد من قادة «طالبان» -حسب زعم القوات الأميركية- محجوز منذ عام 2009، فإن كافة الأدلة التي استخدماها في المرافعة، جاءت من تلك القوات. وقد بات المعتقل يمثل تجسيداً لتعهدات كرزاي، التي تزداد تأكيداً على الدوام، بتأمين السيادة الأفغانية. ورغم أن التسليم الرسمي للمعتقل، قد حول مسؤولية جميع السجناء إلى الجانب الأفغاني، فإنه لم يقدم نظام عدالة أفغانياً مستقلاً، لديه القدرة على محاكمتهم. فضلًا عن ذلك، حافظت أفغانستان على تقليد أميركي مثير للجدل يتمثل في الاستمرار في اعتقال عدة عشرات من السجناء، من دون تقديمهم للمحاكمة. ويقول كبار القضاة والمحامين الأفغان العاملين في محكمة المعتقل إنهم لا يستطيعون العمل من دون الحصول على مساعدة أجنبية. ويشرح رئيس القضاة في المحكمة، و يدعى «حياة الله» ذلك بقوله» من دون التحالف ليس هناك طريقة يمكن بها للمحاكم الاستمرار في العمل»، ويضيف قائلاً: «فالقوات الأفغانية لا تقدر حتى على نقل المعتقلين من زنزاناتهم إلى هنا لمحاكمتهم». مع اقتراب موعد انسحاب معظم القوات الأميركية من أفغانستان، تعتبر المحكمة مثالاً واحداً من ضمن عدة أمثلة على هشاشة مؤسسات أفغانية حيوية، تشمل المستشفيات كما تشمل جيشاً حديث النشأة يكافح من أجل البقاء بصعوبة، بل وقد يتعرض للانهيار من دون الحصول على دعم أميركي. وإذا لم تستطع أفغانستان تقديم الخدمات الاجتماعية والحكم الرشيد، ناهيك عن المحاكم، التي توفر محاكمات عادلة ونزيهة، وتبقي المسلحين الخطيرين خلف القضبان، فإن هناك مخاوف حقيقية، من احتمال تفكك الأمن. وتقوم المحكمة الأفغانية في «باروان» الآن بالفعل بالإفراج عن أكثر من سجين من بين كل أربع سجناء تحاكمهم. ويُشار إلى أن حكومة كرزاي قد رفضت تقديم ضمانات للجانب الأميركي بأنها لن تقوم بالإفراج عن المساجين الذين يمثلون خطراً كبيراً؛ وقللت من شأن المخاوف الأميركية بأن مثل هؤلاء المعتقلين سيعودون مجدداً لساحات المعارك، وأصرت على عدم وجود مواد في القانون الأفغاني تسمح باحتجاز أفراد في المعتقل من دون محاكمة. والاتفاقية الموقعة الأسبوع الماضي، لم يكن ممكناً إتمامها دون موافقة «البنتاجون»، على قبول ما يطلق عليه «التطمينات الخاصة» من الجانب الأفغاني التي تفيد بأن هؤلاء المعتقلين سيظلون محتجزين إلى أن تنسحب القوات المقاتلة الأميركية من أفغانستان- على أقل تقدير. وقضية «عبد الشكور» تبرز المشكلات المتعلقة بالفترة الانتقالية، علاوة على أن استمرار الحضور الأميركي قد أثار مزيجاً من الاستياء والقبول على مضض، من جانب الأفغان. وكان «عبد الشكور» قد قبض عليه في ولاية «لوجار» عام 2009 بواسطة القوات الأميركية، التي قادتها المعلومات الاستخبارية التي حصلت عليها للاعتقاد أنه كان أحد قادة «طالبان». والمشكلة أن الأميركيين يعتبرون أن معظم المعلومات الاستخباراتية التي حصلوا عليها سرية، ولن يقوموا بالكشف عنها أمام القضاة والمحامين الأفغان. بدلاً من تلك المعلومات «السرية»، قدم الأميركيون فقط صوراً لأسلحة في البيت الذي يقولون إنهم قبضوا على عبد الشكور فيه- والتي ادعى أنها خاصة بصديق- بالإضافة إلى وصف مكتوب لاختبارات المختبر الجنائي، التي تؤكد أنه قد تم العثور على متفجرات مخبئة في جسمه. أما باقي الأدلة المادية الأخرى، فقد تم إتلافها أو التغاضي عنها، كما لم يكن هناك شهود. أثناء نظر قضية «عبد الشكور» صاح «كريم الله كريمي» محامي الدفاع بصوت غاضب في قاعة المحكمة المليئة بالمسؤولين الأميركيين:»ما الذي يدفعنا إلى الثقة في تقارير ومعلومات قوات التحالف....هذه التقارير لا تمثل أدلة في نظر القانون الأفغاني». بعد ذلك قدم المحامي وثيقة موقعة من العشرات من الأفراد من الولاية التي ينتمي إليه» عبد الشكور» تثبت أنه بريء. بعد اطلاع هيئة المحكمة على الوثيقة، غادرت القاعة لغرفة المداولة، وعندما عادت نطقت بالحكم، وهو أنها وجدت عبد الشكور مذنباً في تهمة المشاركة في التمرد، وبريئاً من تهمة محاولة القتل، أو القتل. وكان مؤدى هذا الحكم أن عبد الشكور سيعاقب بثلاث سنوات سجناً، قضاها بالفعل في انتظار محاكمته، مما يعني أيضاً أنه سيتم إطلاق سراحه. ولم يكن المستشارون والمحامون الأميركيون الموجودون في قاعة المحكمة مندهشين من الحكم الصادر، لأنهم يعرفون أنه قد بات حكماً نمطياً في المحاكم الأفغانية- بالنظر لنوعية الأدلة المقدمة. في الوقت الذي يتم فيه تسليم منظومة العدل للأفغان، يتعين تحديد الكيفية التي سيصوغون بها أحكامهم في محكمة لا يزال الأجانب موجودين بها. «فرصة عقد هذه المحاكمات يرجع الفضل فيها بالكامل لقوات التحالف»...كان هذا ما قاله القاضي»حياة الله»، الذي أضاف: «لقد قلت لرئيس السجن أننا بحاجة لأن نكون قادرين على أداء الوظيفة بنفس الطريقة، التي كان الأميركيون يقومون بها». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©