الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شرق أوكرانيا.. من يستطيع منع الحرب؟

شرق أوكرانيا.. من يستطيع منع الحرب؟
11 ابريل 2014 23:45
ليونيد بيرشيدسكي كاتب ومحلل سياسي يبدو من المستبعد أن يختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو شرق أوكرانيا أو التدخل هناك على نحو ما جرى في منطقة شبه جزيرة القرم، وعلى رغم ذلك، ربما يكون مفتاح الحل السلمي الآن موجوداً في أيدي أشخاص مؤثرين وذوي نفوذ كبير في شرق البلاد، مثل أثرى أثرياء أوكرانيا «رينات أخميتوف». وبعد يومين من سيطرة انفصاليين مؤيدين لروسيا على مبانٍ حكومية في مناطق شرق أوكرانيا مثل «دونيتسك» و«خاركيف» و«لوجانسك»، تبدو الحسابات السياسية لغزو كامل مختلفة تماماً عما كانت عليه في شبه جزيرة القرم. ويعزى ذلك إلى أن الانفصال، ومن ثم، الانضمام إلى الفيدرالية الروسية هو أمر غير مألوف بالقدر الكافي في جنوب شرق أوكرانيا، كما أن الحكومة الأوكرانية الضعيفة في كييف أحرزت أيضاً بعض النجاحات المبكرة في استعادة السيطرة. وفي «خاركيف»، التي يقطنها ما يربو على 1,4 مليون نسمة، وكانت في الماضي عاصمة لأوكرانيا، نجحت قوات الشرطة الموالية لكييف في استعادة مبنى الإدارة، وألقت القبض على 70 ناشطاً موالياً لروسيا من دون إطلاق رصاصة واحدة. وحذر وزير الداخلية بالإنابة «أرسين أفاكوف»، الذي كان حاكماً لـ«خاركيف»، من أن الانفصاليين في المدن الأخرى، سيواجهون أيضاً «رد فعل قوياً»، وهو وعد سيكون من الصعب الوفاء به من دون إثارة حرب أوسع نطاقاً، إذ إن المتظاهرين في «لوجانسك» و«دونيتسك»، ومركز منطقة «دونباس» الصناعية، مسلحون بصورة مكثفة. وفي «نيكولايف» في جنوب أوكرانيا، تبادل النشطاء الموالون لروسيا وأوكرانيا إطلاق النار بالفعل، وهو ما أسفر عن إصابة أكثر من عشرة أشخاص. وبدأت موسكو إصدار تحذيرات ضد استخدام القوة العسكرية لإجلاء المتظاهرين، وهي تحذيرات يجب على كييف الانتباه لها وأخذها على محمل الجد، بالنظر إلى أن القوات الروسية لا تزال محتشدة على طول الحدود الأوكرانية. ولعل المفاوضات تقدم أفضل سبيل للخروج من الأزمة، وقد اقترحت واشنطن بالفعل إجراء محادثات رباعية تضم أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. والمفاجئ أن روسيا، التي لا تعترف بالحكومة في كييف، ترغب في المشاركة، شريطة أن تشمل المحادثات ممثلين عن جنوب وشرق أوكرانيا، وربما تعني بذلك النخب المحلية المتحدثة بالروسية. وحتى الآن، أصرت وزارة الخارجية الأوكرانية على أن المسؤولين فقط هم من يمكنهم المشاركة في أية محادثات. وفي هذه الأثناء، يبرز دور «أخميتوف»، الذي يتخذ من «دونيتسك» مقراً لإقطاعيته، وهو قطب صناعي يتحدث الروسية، ويعتقد كثير من الأوكرانيين أنه يقف من وراء الكواليس ويلعب دوراً معقداً في المظاهرات المؤيدة لروسيا في «دونيتسك». وفي الساعات الأولى من يوم الثلاثاء، خرج «أخميتوف»، المعروف عادة بالانعزال، يتحدث إلى المتظاهرين في «دونيتسك»، ويعلن باللغة الروسية للمتظاهرين أنه يشعر بهواجسهم، ولكن «دونباس في أوكرانيا». ووعد «أخميتوف» بأن القوات الحكومية لن تجتاح مبنى الإدارة، واصطحب بعض النشطاء لإجراء محادثات مع نائب رئيس الوزراء المرسل من كييف. وتختلف أجندة «أخميتوف» عن الأجندة الحكومية، فعندما اشتكى أحد المتظاهرين من الحاكم المعين من «كييف»، أجاب أخميتوف قائلاً: «عندما يكون منصب الحاكم بالانتخاب، سينتخب الشعب حاكماً، ولكن للأسف هناك الآن وضع مختلف، ولذا نحتاج إلى تغيير الدستور». ويريد الملياردير، الذي لا يزال عضواً في «حزب الأقاليم»، الذي كان يترأسه حتى وقت قريب الرئيس المعزول «فيكتور يانوكوفتيش»، حكما ذاتياً موسعاً لمنطقته، وهو الأمر الذي تدعمه فيه روسيا، بينما تكرهه حكومة أوكرانيا على الإطلاق. وتعتبر كلمة «فيدرالية» عبارة غير مرغوب فيها في كييف، لأنها ستسمح لموسكو بإبقاء وضع سياسي غير مستقر عبر إبرام صفقات انفصالية مع نخب محلية يتهمها البعض بالفساد. وعلى رغم ذلك، ربما يكون تقديم تنازلات لأشخاص مثل «أخميتوف» هو الطريقة الوحيدة لتفادي اندلاع حرب صريحة، وهو أمر غير مرغوب فيه بدرجة كبيرة. ولا يريد بوتين إرسال قوات للغزو، ولذا ستساوم موسكو وتقبل بأية تنازلات تمكنها من الاحتفاظ ببعض النفوذ في شرق أوكرانيا. وعلى الغرب أيضاً أن يهتم بتحفيز التوصل إلى تسوية تحافظ على سلامة أوكرانيا ووحدتها الوطنية وتسد الأبواب أمام أية نزعات انفصالية قد تفاقم الأحوال غير المستقرة الراهنة. لأن التوصل إلى تسوية تقبلها جميع الأطراف من شأنه أن ينزع فتيل التوتر، بكيفية تسمح لحكومة كييف ببدء الإصلاحات الاقتصادية مع تدفق المساعدات الغربية. وفي النهاية، تقع على عاتق كييف مسؤولية إقامة علاقات ودية مع شرق البلاد الذي ينتشر فيه المتحدثون باللغة الروسية، بحيث يمكنها تدريجياً تقويض نفوذ موسكو هناك. ينشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©