الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا والغرب··· حرب باردة جديدة

روسيا والغرب··· حرب باردة جديدة
29 يوليو 2008 22:21
دفعت الأجواء الملبدة بالغيوم في سماء العلاقات بين الغرب وموسكو المراقبين إلى التحذير من أن العالم على شفى حرب باردة جديدة؛ وللتدليل على قلقهم يشير المراقبون إلى قضيتين حساستين تؤثران على العلاقات بين الطرفين، الأولى تتعلق بتمدد حلف شمال الأطلسي في المجال الحيوي التقليدي لروسيا مثل جورجيا وأوكرانيا؛ أما القضية الثانية التي تزعج موسكو وتغذي مخاوفها، فترتبط بالدرع الصاروخية المزمع إقامتها من قبل الولايات المتحدة في أوروبا الشرقية؛ وإزاء هذه التطورات تعهدت روسيا بالرد من خلال إرسال طائرات مقاتلة تحمل ذخيرة نووية إلى كوبا القريبة من أميركا، حسبما أفادت به مصادر إعلامية غير رسمية نقلاً عن مسؤولين أمنيين في الأسبوع الماضي لم يذكر اسمهم؛ وفي هذا السياق يقول ''ديمتري ترينين'' -المحلل بمركز كارنيجي: ''الأمر ليس مجرد خطابة، بل قد يصبح خطيراً وجدياً للغاية''، مضيفاً: ''إن الرسالـــة التي تريـــد موسكـــو إيصالهـــا، أنه على الغرب أن يعي الخط الأحمر الذي بدأ يقترب منه، وفي حال تخطاه ربما ستندلع مواجهة حقيقية''· ولتجنب هذا الانحدار في العلاقات بين الغرب وموسكو، يبدو أن لدى الرئيس الروسي ''ديمتري ميدفيديف'' خطة بديلة لاستبدال حلف شمال الأطلسي؛ ومع أن الخطة ما زالت في بواكرها الأولى ولم تناقش بعد في الغرب، إلا أنه بعد اقتراحها في الشهر الماضي بالعاصمة الألمانية برلين، تداولها الإعلام الروسي على نطاق واسع وأفرد لها مساحة من النقاش والتعليق؛ وباختصار تقترح الخطة إعادة صياغة النظام الأمني الأوروبي، بحيث تصبح روسيا شريكاً حقيقياً ومؤسساً فعلياً للتكتل الجديد الذي يطلق عليه الخبراء الروس اسم منظمة الحلف الأوروبي الأطلسي، ''إيتو''؛ ومن المتوقع حسب المقترح الروسي أن يحل الحلف الجديد محل الناتو، كما يرجح المراقبون أن يتحول المقترح الروسي إلى أحد العناوين البارزة في السياسة الخارجية للرئيس ميدفيديف؛ ومن شأن إقرار الحلف الجديد أن ينهي الكثير من الخلاف الناشب حالياً بين روسيا والغرب، ويؤسس لعلاقات سليمة قائمة على الثقة والاحترام المتبادلين· وخلافاً للحرب الباردة، يجادل المسؤولون الروس أن الهوة المتنامية اليوم بين موسكو والغرب لا يغذيها العداء الأيديولوجي والسياسي المستحكم بين الطرفين، بل يحركها أساساً عدم إشراك الغرب لروسيا في بناء الأمن العالمي بعد سقوط الاتحاد السوفييتي؛ ويشير في هذا السياق مقربون من الرئيس السابق ميخائيل جورباتشوف إلى أن القادة الأميركيين نكثوا بعهدهم وتراجعوا عن بناء ''نظام عالمي جديد'' تشارك فيه روسيا بعد سحب القوات السوفييتية من أوروبا الشرقية وتفكيك حلف وارسو الذي كان يضم الدول الشيوعية؛ ويعبر عن ذلك أندري جراشيف -مستشار الرئيس السابق جورباتشوف والمتحدث باسمه- قائلاً: ''لقد قدم جورباتشوف تنازلات كبيرة إلى الغرب لوضع حد لدوامة سباق التسلح، لكن لاحقاً وعندما كانت روسيا تمر بضائقة اقتصادية وتعيش مرحلة انتقالية صعبة أدار لنا الغرب ظهره ونحن في أشد الحاجة إلى مساعدته''؛ ويتابع المستشار السابق ''ورغم الوعود التي قطعها الغرب لنا قرر في لحظة ضعف كانت تمر بها روسيا أن يستغل الموقف لتوسيع الناتو شرقاً؛ وأعتقد أن المشاعر المناهضة للغرب في المجتمع الروسي اليوم ترجع إلى معاملة روسيا كعدو منهزم، بدلاً من شريك محتمل''· وتظل القضية الأكثر إزعاجاً لروسيا هي زحف حلف شمال الأطلسي نحو مناطق النفوذ السابقة للاتحاد السوفييتي واحتمال ضم دول قريبة من الحدود الروسية مثل جورجيا وأوكرانيا؛ فرغم المحاولات السابقة لتطوير شراكة بين الناتو وروسيا، إلا أنها لم تصل إلى أي نتيجة، كما أن موسكو تنظر إلى الحلف على أنه صنيعة الحرب الباردة يوحد الدول الأوروبية ضدها؛ وتؤكد هــــذه المخـــاوف تاتيانا بارخالينا -مديرة مركز الدراسات الأوروبية بموسكو- قائلة: ''تعتقد روسيا أن حلف شمال الأطلسي هو السبب في الانقسامات الموجود بأوروبا''؛ وخلافاً للمرحلة الأولى لتوسيع حلف شمال الأطلسي التي شملت دول أوروبا الشرقية الأقل أهمية من الناحية الاستراتيجية بالنسبة لروسيا تأتي المرحلة الحاليـــــة التي تستهـــــدف دولاً شكلـــت عمق الاتحـــاد السوفييتي السابق لتؤجج مخاوف الكرملين تجاه النوايا الحقيقيــــــــة للغــــــــــرب· ويرى ترينين -مركز كارنيجي- أنه في حال انضمام أوكرانيا إلى برنامج العمل الذي يمهد الطريق للالتحاق بالناتو، فإن ذلك ''سيطلق حرباً سياسية داخل أوكرانيا نفسها، وستتوقف روسيا عن احترام سيادة أوكرانيا بعدما سقطت في أحضان أميركا، بل ستتغير النبرة في روسيا ومعها السياسة الخارجية للكرملين''؛ أما القضية الأخرى الحساسة التي تسمم العلاقات بين الغرب وموسكو، فتتمثل في إصرار الولايات المتحدة على إقامة منشآت مضادة للصواريخ في أوروبا الشرقية للتصدي لخطر الصواريخ النووية القادم من الدول المارقة مثل إيران وكوريا الشمالية، الذي تقول إنه يهدد أوروبا· وقد سبق للرئيس الروسي ميدفيديف أن هدد خلال اجتماع قمة الدول الثماني في اليابان بالرد في حال استمرت أميركا في خطة بناء رادار في جمهورية التشيك ونشر أنظمة الصواريخ في بولندا؛ وفيما اعتبره المراقبون تسريبات مقصودة نقلتها الصحف الروسية في الأسبوع الماضي ألمح الكرملين إلى نوع الرد الذي يقصده، بحيث يمكن لروسيا أن تنشر صواريخ نووية متوسطة المدى في ''كالينجراد'' بمنطقة البلطيق التابعة لروسيا قبالة العواصم الأوروبية؛ وربما تلجأ روسيا أيضاً، حسب تقرير مفصل نشرته يومية ''إيزفيستيا''، إلى إحياء قاعدتها الجوية في كوبا وإرسال مقاتلاتها إلى الجزيرة· لكن فيودور لوكيانوف -رئيس تحرير دورية ''شؤون عالمية''- يقول في هذا الصدد ''لا أعتقد أن إرسال المقاتلات الروسية إلى كوبا أمر جدي في اللحظة الراهنة، إلا أن الغرض من التسريبات هو إحداث صدمة نفسية، فهذه القصص تريد أن تقول للغرب؛ من الأفضل أن تعيدوا النظر لأن الأمر بالنسبة لنا في غاية الجدية''· فريد وير كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©