التأشيرات·· اختراعات! (2)

تناولنا الأسبوع الماضي قواعد الحصول على تأشيرات الدخول إلى الدول الأوروبية منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 وما تلاها من أحداث مؤسفة·· وقلنا: إن الأمل كان أن تصلح السنوات ما أفسدته الأحداث·· وأننا انتظرنا طويلاً حتى تتفهم الحكومات الأوروبية أن هناك ملايين من السياح ليس لهم علاقة بأي مخاوف أو مخاطر·· وأنهم لا ناقة لهم ولا جمل في تلك الأحداث المريرة التي مرت على العالم· وتحدثنا عن الاختراعات التي صاحبت الإقبال الشديد على السفارات الأوروبية مع بداية الصيف·· وقلنا: إن أحدث الاختراعات فهو شركات تجارية خاصة تعاقدت معها السفارات لإصدار التأشيرات··! فقد قررت السفارات أن تبعد عنها وجع الرأس وأن تعطي شركات خاصة مسألة التعامل مع الناس وتلقي الطلبات وإجراء المقابلات··! واستغلت بعض الشركات الفرصة الذهبية·· وعينت موظفين بمرتبات متواضعة واستأجرت شققاً حولتها إلى سفارات·· وليست الشقة كلها بل الغرف·· هذه غرفة الدولة الفلانية·· وهذه غرفة الدولة العلانية·· وهكذا وكأنها نقلت الاتحاد الأوروبي إلى هذه المساحات الصغيرة··! البعض وجد في هذه الطريقة حلاً لمشكلات كثيرة منها الزحام وصغر حجم السفارات·· ولكن تلك المكاتب أصغر حجماً من أي سفارة·· خاصة أنها تحولت إلى ثلاث أو أربع سفارات في الوقت نفسه·· والمشكلة الأكبر أن الموظفين أصبح لهم الحق - وهم لا يحملون أي صفة - في الاطلاع على أدق التفاصيل والمعلومات والبيانات·· الاسم والعنوان وأرقام التليفونات·· وأرقام الحسابات المصرفية·· وكشوف دقيقة من الحسابات تظهر الدخل والراتب·· كل المعلومات الشخصية تقريباً·· والتي نعطيها للسفارات على اعتبار أنها تحمل الصفة الدبلوماسية·· وتلتزم بمواثيق تحمي هذه المعلومات الشخصية، فماذا سنفعل مع موظف ضعيف الضمير يمكنه أن ينقل هذه البيانات لآخرين·· سواء بحسن أو سوء نية·· وهذا أخطر ما في الموضوع··! ربما لجأت بعض السفارات لكي تحل مشكلة الزحام وزيادة الإقبال·· وأصبحت أكثر بيروقراطية من جهات حكومية في دول شديدة التخلف·· واضطرت هذه الدول أمام الضغوط لأن تتخلى عن حقوق الإنسان وآدميته واحترام الإنسان·· وهي الشعارات التي تحلو لهذه الدول أن ترفعها· المشكلة يبدو أنها ستتكرر العام المقبل·· وبعد المقبل·· إن لم تكن الأمور ستصبح أكثر صعوبة في المستقبل·· والحل ليس في الشركات والاختراعات التي تكلمنا عنها اليوم والأسبوع الماضي·· ولكن الحل في التعامل مع الأمر بعقلية أكثر تفتحاً· وحياكم الله·· إبراهيم الذهلي رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية