الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجتمع التوت البري

4 أكتوبر 2009 00:49
بعض الحمقى سألوا رجلاً: هل عندك بيبي؟ فقال: نعم عندي ولد وبنت. فنظر بعضهم إلى بعض يتساءلون: نقول له بيبي، فيقول ولد وبنت! وأخذوا يتضاحكون ويعيدون السؤال: هل عندك B.B، يعني بلاك بيري؟ فقد وضعوا لهذا الجهاز اختصاراً لا يعرفه إلا مجتمع كمبيوترهم الهاتفي المحمول. كان يفترض أن ينحصر أفراد هذا المجتمع في النخبة الممتازة من الناس، الذين تتطلب طبيعة عملهم وإيقاع حياتهم التواصل إلكترونياً مع موظفيهم وعملائهم 24 ساعة/ 7 أيام، كمديري الشركات العابرة للقارات، وجماعات الاتصالات وتقنية المعلومات ومندوبي المبيعات، وقلة قليلة من المراسلين والصحافيين العاملين في أقسام الأخبار والتحرير. لكن الذي حصل أن مجتمع التوت تلوّث بالطفيليين، وهم أشخاص يكفيهم التليفون المنزلي، وبعضهم يكفيه التواصل مع أصحابه من خلال علب كولا معدنية موصولة بعضها ببعض بواسطة حبل. فما هي المهام الكبرى الملقاة على عاتق مدخّل البيانات أو سكرتيرة المدير أو الجندي في الجيش لاقتناء هذا الجهاز؟ لا شيء سوى اللعب واللهو والتفاخر وإرسال الكلام الفارغ. ومن عجائب الدهر أن رئيس أهم دولة في العالم باراك أوباما، اضطر إلى التخلي عن توته البري لاعتبارات أمنية وقانونية، لكن ثلاثة أرباع المتسكعين والمتسكعات في السناتر والمولات يملكون «بيبي» لاعتبارات غير معروفة. وحين تسأل أحدهم عن سبب اقتنائه الجهاز، يقول لك من دون أن يرفع رأسه لينظر إليك مثل «الأوادم»: لتنظيم جدول أعمالي، أو يقول بعد أن أمضى 4 ساعات في الشيشة: لاستثمار وقتي. حسناً، هل أقول قولي هذا حسداً لهم؟ نعم، فأنا بعكس هؤلاء العباقرة لا أستوعب التكنولوجيا، ولا زلت أتعامل مع الكمبيوتر بالبركة، لكن ليس هذا هو السبب الوحيد، فأنا أعاني منهم وفي الوقت نفسه لا أستطيع أن أعبّر عن غضبي تجاههم وجهاً لوجه، لأن رؤوسهم لا تتزحزح من أمام أجهزتهم اللعينة. حين أجتمع بأصدقائي، ويكون بيننا أحد «البلاك بيريين»، فإنه يقعد مثل الحمار، لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم، مجرد حيّز من الفراغ يملأه بجسده. وإذا كانت نسبة الحمورية في عقله أقل، فإنه بين الحين والآخر يرفع رأسه ويسأل عن بداية الموضوع الذي كنا نتحدث به قبل نصف ساعة، وما أن نأخذ في شرح ما قيل يطأطئ رأسه وينظر في جهازه. وإذا كانت حموريته معقولة، فإنه يتفاعل معنا ولكن باله يكون مشغولاً بما يصله على جهازه. أما إذا كانت حموريته خفيفة، فإن يشاركنا كل شيء إلا أنه يشوّش علينا برنين الرسائل التي يبعثها له أفراد مجتمعه. أحمد أميري
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©