الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكاية محضر

حكاية محضر
3 يناير 2008 00:42
ألف: أصحو فزعة، يعلو حاجبيّ امتعاض·· يعلو رنين المُنبّه المتسارع، أجول بنظري المُغبّش ابحث عني في نهاية الظلام، وبما يشبه التماعة الضوء·· أفيق· جيم: جدول أعمال مزدحم باللاجدوى·· بدءً من حمقى الشوارع، وانتهاءً بلقاء غريبي الأطوار حينما ينتصف نهاري، فنجان كبير من القهوة وصوت فيروز يهيئان القلب لاحتمال الآتي بكل ما يتمثّل به ويتجسّد! تاء: تحلّقنا بسكون حول ''طاولته'' الوثيرة، كنا، كما بدا لي، مستعدين تماما للتنظير المروّع والنفاق بدرجة امتياز نحسد عليه، هم تبادلوا شحناتهم بتمرّس السنوات التي زاحمونا بها، عيونهم لا تنتعش إلا علينا ''دستة البنات'' والشعر الأشيب يلعق الأفكار التي كانت تتراءى إليّ محلّقة فوق رؤوسهم المرتبكة/ المرتبطة بـ ''كبيرهم''·· غترته المنزلقة باتجاه يُعاكسنا، تخوّله عمليات إصلاحها /هندستها من رؤيتنا من زاوية جديدة /مريحة في كل مرة! ميم: مرّر ذو النظارة السميكة جدا فكرته بذكاء يصعب على ''كبيرهم'' التقاطه، تمهّل كثيراً، بحيث استغرق تأمله المزعوم إسقاط مكعب السكر الناصع في ''استكانته'' الكريستال أمامه·· ردّ بكلمة خارج النطاق· نقـطة، أُجهضت الفكرة قبل أن تولد! ألف ثانية: أحوّل نظري بعيداً عن بياض بشرته الكالح، التقط كلمات بالإنجليزية ''ناتشورال درنكنج ووتر''، اسحب بسرعة قنينة الماء أمامي، تبسّمت لبرودتها، حوارهم لا يزال، تنتشلني رسالة أضاءت هاتفي الصامت، اضحك مما جاء فيها وأرد: ''أمعائي تتقطع أنا الأخرى من حوار طرشان مضطرة أحضره·· احبّكِ رغم الوجع''! عين: على خط الأصوات المتداخلة أعود، يستفزني لفظ ''كمبيوطَر''، ثقافة عرجاء بحقّ، ابتسم لأن الله منحني الأفضل، يتلمّظ هو بغبائه الذي بصقه للتو كمن حقق نصراً، أحوّل نظري·· بعيدا هناك! عين ثانية: عدد الميكروفونات الحديثة جداً التي تشغل ''طاولته'' يفوق الـ ،15 كلها لا يعمل، أخط على ورقة ''ملاحظاتي''، 15 ميكروفون لا يعملون·· أتذكر رقماً آخر مرّ للتو، آه·· 600 ملل، كمية ماء القنينة أمامي، كم نقصت بعدما شربت منها؟ رقم آخر يعبر ويشتت استفهامي، 50 نسخة من مجلّدات ''فاخرة'' أُمرنا بطباعتها، وتاريخ اليوم الـ 7 من مايو، و9 سنوات من العمل مع ''عجزة'' بأفكار لاتشبه هذا الزمن ولا تشبهني! ارفع رأسي عن حزمة الأرقام التي تمددت فجأة على ورقتي، ''كبيرهم'' يرتشف (كولا) ممسكاً بالكأس مائلا لليمين، يجيّر الإجابات إلى ''لصيقة'' بعدما رن هاتفه، وحده يتركه دون تحويل للصامت، وحده يشرب (الكولا)، وحده هادئ حد الموت، وحده يضحك دون خوف، الحياة كلها متاحة جدا للـ ''كبار'' بتفاصيلها ونزقها ونظافتها وبهجتها، بينما تبقى أبوابنا ''مواربة'' بانتظار ''ضوء'' لا يجيء! راء: راقت، على مايبدو، زميلتي البيضاء لذاك الأسمر على اليسار، تصورته نائما دون حراك، ليت كل الأحلام قابلة للتحقق·· نطقها ''كبيرهم''، تساءلت: ممن سرق جملته؟! رسمت بقلمي الأحمر ''ساندويتش'' كبير، جائعة؟ ام أهرس الوقت الذي ينقضي ضيقاً؟ كثيرة كانت الأوامر، كلها غبش لن يحدث، كلها لا تشبه واقعنا المخذول، كلها هباء··· ويداه لا تكفان عن توصيتنا بتسجيل كل ما يقال، أومئ بالتأكيد، واكمل رسم ''الساندويتش'' حتى أني أضفت شريحة خس! أتمتم: شيئان، فعلا، لا حد لهما، الكون وغباء الإنسان! فأي غباء يحمل اسفل··· اسفل ماذا؟! اسحب نفساً عميقاً، بي رغبة لخلع حذائي، ضيق ما يؤلمني· يضم قبضتيه بمشهد تمثيلي يقرر: ''نحتاج لوضع فلسفة للجريدة يا اخوة''! بعد اسبوعين سأكمل عامي التاسع، هنا، وللأمانة الإنسانية أقول، بأني ما عدت أعرف إذا ما كان هناك ثمةّ ''جريدة'' حقيقية منذ التحقت بهذا ''الصندوق'' الكبير القابع على زاوية الشارع العام، ويحمل اسماً فضفاضاً لامعاً يتجاوزه بمراحل! باء: ''بيروقراطية رهيبة''! هكذا صرخ ''لصيقه'' قاذفاً العالم بكل أنواع السباب وبالقلم الذي تدحرج حتى منتصف الطاولة، ''طنْ''، رن كأس الكريستال· ضحكت مثل طفلة شاردة في درس ممل، 14 عيناً اقتنصتني·· تنحنحت بينما ارتشف بعضاً من ماء صار دافئاً· ياء: ''يُسعدني أننا التقينا اليوم، وخرجنا بنتائج مثمرة كما ترون'' كتبتُ في ورقة المحضر: حضره 7 أشخاص، تبادلوا فشلهم بتميّيز، علّقوا الأسئلة على باب الإجابات المحتملة·· سنوات، ولا ينتهي المحضر·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©