الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ذكرى إندونيسية حول التعددية

30 مايو 2010 22:17
يصادف هذا الشهر الذكرى الثانية عشرة لحدث حاسم في تاريخ إندونيسيا الحديث، وهو أعمال الشغب التي وقعت في مايو 1998، عندما خرج الإندونيسيون إلى الشوارع بعد مقتل أربعة من الطلبة شاركوا في احتجاجات تطالب باستقالة الرئيس سوهارتو. ورغم أن الكثيرين يدّعون أن أعمال الشغب جاءت نتيجة للإحباط والغضب من النظام القائم والبطالة المستشرية، فإن الجالية الإندونيسية من أصول صينية سرعان ما أصبحت هدفاً لعنف المحتجين. تقول جيما بيردي، الزميلة بدائرة العلوم السياسية بجامعة ميلبورن ومؤلفة كتاب "العنف ضد الصينيين في إندونيسيا 1996 - 1999"، إن الإندونيسيين من أصول صينية جرى استهدافهم في أعمال الشغب تلك نتيجة لقناعة واسعة النطاق في إندونيسيا مفادها أنهم يسيطرون على الاقتصاد وبأنهم فاسدون. كان هذا النوع من وجهات النظر سائداً أثناء إدارة سوهارتو، وقد استمر لسوء الحظ بعد سقوط نظامه. ويمكن تتبّع العوائق أمام التغلب على هذه الصور النمطية وتحقيق التعددية الحقيقية في إندونيسيا، إلى ظهور أيديولوجيات متطرفة معينة وحاكمية سيئة. ويشتهر مجلس العلماء الإندونيسي على سبيل المثال، والذي تأسس عام 1975 ويشكل أعلى هيئة دينية إسلامية في البلاد، بالفتاوى التي يصدرها ضد التعددية والعلمانية والليبرالية. وتشكّل الفتوى في الإسلام رأي خبير مختص، إلا أنها رأي غير ملزم شرعاً. لكن العديد من الإندونيسيين يعتقدون أن اتباع الفتاوى أمر مُلزِم دينياً. لذا تؤثر هذه الفتاوى على سلوك وتفكير بعضهم. ويتحمّل الأئمة والعلماء الدينيون مسؤولية إيضاح أن الفتوى ترتكز على فهم علمي معيّن لقضية ما، وهي مفتوحة للمزيد من التفسير، أو حتى عدم الموافقة عليها. والواقع أن جميع العلماء الدينيين التقليديين ينهون فتاويهم بالقول: "والله تعالى أعلم"، أي أنهم لا يصرّون على كون رأيهم مطلقاً. ويتوجب على مجلس العلماء أن يفعل المزيد، حيث أنه مكون من أعضاء يملكون ما يكفي من الشعبية للتأثير على الجمهور في قضايا التسامح والتعددية. إلا أنه ولسوء الحظ بقي صامتاً في قضايا مثل اضطهاد الأقليات العرقية والدينية وإخلاء الإندونيسيين الصينيين الذين أصابهم الفقر من منازلهم وإغلاق الكنيسة البروتستانتية بالقوة في "بيكاسي" غرب جاوة. وإضافة إلى ذلك، لم يجعل القادة الإندونيسيون الدينيون والعلماء من التعاليم الموجهة نحو التعددية أولوية. يجب أن يتغير هذا. يجب أن تركّز المدارس الدينية في إندونيسيا المزيد من مناهجها على تعليم التعددية والتعايش السلمي، وأن تقدم في الوقت نفسه تدريباً عملياً في مجال احترام التعددية الثقافية حتى يمكن للطلبة تطبيقها في تعاملهم اليومي مع الآخرين. تؤكّد هذا المدارس حالياً وبشكل أولي على دراسة القرآن الكريم والحديث الشريف واللغة العربية وتاريخ الإسلام والحضارات الإسلامية. لكن ما تحتاجه إندونيسيا هو أن يقوم الإندونيسيون من كافة مستويات المجتمع، من الحكومة إلى الجمهور العام، بدعم التسامح الثقافي والديني والتعددية. يجب أن يؤمن جميع الإندونيسيين أن ثقافة أو دين أي منهم ليست أفضل أو أكثر صحة من ثقافة أو دين إنسان آخر. هناك العديد من الطرق للتصرف والعبادة. يجب الاعتراف بالتنوع وتكريسه بحوار وتعاون مستمرين بين كل المجموعات العرقية والدينية حتى تعتبر أنها صحيحة ومتساوية مع غيرها. ويتطلب نشر روح التعددية في إندونيسيا جهوداً مكثفة وعزيمة سياسية قوية. يتوجب على الإندونيسيين دعم التغيير في الوعي والإصلاح في مجتمعهم من خلال زيادة الوعي بأهمية المساواة والتعايش السلمي بدلاً من انتظار وقوع مأساة أخرى مثل أحداث مايو 1998 لتذكرنا بأهمية ذلك. جيني بي مؤلفة وكاتبة عمود في «الجاكرتا بوست» ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©