الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا: التفاوتات الاقتصادية..عنصرية ممنهجة

13 يوليو 2016 22:44
لا أستطيع الحديث عن المشاعر والقضايا الموجعة والاحتجاجات التي أثارها تصاعد العنف العنصري وحالات القتل. فقد تأثرت بعمق جراء هذا الشعور واليأس من رد الفعل على قتل «ألتون ستيرلينج» و«فيلاندو كاستايل» من قبل «ليزلي ماكسبادن» (والدة مايكل براون، المراهق الأسود والأعزل الذي قتل على يد الشرطة في فيرجسون، ميتسوري، قبل عامين). لكنني أعرف أنني مجرد دخيل. وأمامي خيار واحد أن أنتظر لكي تعود دورة الأخبار إلى «طبيعتها»، وأن أعود إلى تحليلي السياسي المعتاد. هذا له بعض الجاذبية، حيث إن القيام بخلاف ذلك سيبدو قليلاً مثل الوقوف خارج منزل يحترق ومليء بالناس وإظهار بعض الرسوم المثيرة للاهتمام للمارة. وثمة خيار آخر هو توثيق بإيجاز بعض الظلم العنصري الممنهج الذي هو جزء لا يتجزأ من الاقتصاد. وسيكون تبسيطاً للأمور بشكل يبعث على السخرية، الإشارة إلى أن هذه البيانات هي المشكلة نفسها التي رأيناها تبرز بشكل واضح في السنوات الأخيرة. لكن هذه الاتجاهات المستمرة وغير المتكافئة موجودة في الوقت الذي نحتاج فيه إلى التفكير بعمق في وجود عنصرية مؤسسية في كل زاوية من زوايا المجتمع، فهي تستحق نظرة. أولاً- بطالة السود وبطالة البيض: بقدر ما لدينا من بيانات، فإن معدل البطالة بين السود يعادل ضعف هذا المعدل بين البيض. وعلاوة على ذلك، فإنك لا يمكن أن تتجاهل هذه الحقيقة من خلال الاستشهاد بالمعدلات المنخفضة من التعليم بين السود. ليس فقط أن نسبة 2 إلى 1 تمثل تقريباً كل مستوى تعليمي، بل إن تفسير التعليم للاختلافات العرقية في معدلات البطالة يتجاهل حقيقة الحواجز التعليمية العنصرية التي أقامتها العنصرية الممنهجة. وأيضاً، لاحظ أن نسبة بطالة السود/البيض منحرفة إلى أسفل بسبب الحبس غير المتناسب للسود، حيث إن نزلاء السجون مستثنون من هذه الأرقام. ومع ذلك، هناك شيء ربما يكون إيجابياً ويمثل جزءاً لا يتجزأ من هذا الحساب. فلكي تظل النسبة ثابتة تقريباً، يجب أن ترتفع وتنخفض معدلات البطالة بين السود لتبلغ نحو ضعفي معدلات البيض. «عندما يتنفس الاقتصاد، يُصاب الكثير من العمال السود بالتهاب رئوي». لكن العكس صحيح أيضاً: فمعدلات البطالة تستجيب بشكل كبير للطلب على العمل. وبعبارة أخرى، فإن معدلات البطالة بين السود تزيد عنها بين البيض خلال فترات الركود وتنخفض خلال فترات الانتعاش، وهذا يعني أن العمالة الكاملة مفيدة بشكل خاص للأقليات. ثانياً- أجور السود وأجور البيض: هذه الفوارق العنصرية تظهر في الأجور، بطبيعة الحال، كما أوضح البحث الذي أعده عالم الاقتصاد «فاليري ويلسون» (يعد بحث ويلسون كنزاً وطنياً للمعلومات عن الفوارق الاقتصادية العنصرية). في هذا البحث، يوضح ويلسون أنه «في كل الفترات التي زاد فيها متوسط دخل الأسرة من الأميركيين الأفارقة عن دخل البيض (1982 -1990,1991 – 2001)، شهدت الأسر من الأميركيين الأفارقة أيضاً زيادة كبيرة في ساعات العمل أكثر منها في الأسر من البيض، لا سيما إذا كانت الأسر لديها دخل منخفض». وللإيضاح، لم تغلق فجوات الأجور العنصرية ولا الفجوات في الدخل، ولكن كلما طالت فترة البقاء في العمالة الكاملة، كلما زاد الضغط على هذه الفجوات. وليس الأمر أن التمييز يختفي في أسواق العمل الضيقة جداً. لكن أداء الأعمال يصبح أكثر تكلفة بالنسبة إلى أرباب العمل العنصريين الذين يتعين عليهم إما توظيف شخص لا يريدونه وإما ترك الأرباح على الطاولة. كيف نستفيد من هذه المعلومات؟ فلنفترض أن الاحتياطي الفيدرالي سيستوعب انخفاضاً بنسبة نقطة مئوية في معدل البطالة. واستناداً إلى السجلات التاريخية، فإن هذا من شأنه أن يخفض بطالة السود بنحو نقطتين. ثالثاً- إن التفاوتات في الثروة العرقية أكبر بكثير من التفاوتات في الدخل. وفقاً لبيانات الاحتياطي الفيدرالي، فإن نسبة متوسط الدخل بين غير البيض والبيض كانت 60 في المئة عام 2013. وبالنسبة إلى صافي القيمة (الثروة ناقص الخصوم)، كانت هذه النسبة 13 في المئة. هناك تحليلات ممتازة للتفاوت في الثروة العرقية، مثل تحليل جوردان ويزمان هذا على سبيل المثال، لكن واحداً من أعمق وأكثر التحليلات الثاقبة في أصول فجوة الثروة بين البيض والسود، هو تحليل «ريتشارد روثشتاين»، التاريخي لجذور السياسة العامة للفصل العنصري التاريخي، والذي نشعر بتأثيره إلى حد كبير معنا اليوم. وفي الواقع، فإن قصة «روثشتاين» تبدأ بفيرجسون وتستمر خلال التشريح الدقيق لسياسات الفصل العنصري التي نشعر بها اليوم في عدم المساواة في التعليم والشرطة والإسكان والثروة والحصول على الفرص. هذه مجرد أمثلة قليلة لعدم المساواة العنصرية والتي هي جزء لا يتجزأ من اقتصادنا. والفوارق الاقتصادية المستمرة في الوظائف والدخول والثروة تمثل جزءاً من الصرح المؤسسي للعنصرية الممنهجة في الولايات المتحدة. وكما هو الحال مع بعض الأصدقاء وأفراد العائلة الذين تحدثت معهم في الأيام الأخيرة، فإنني لا أعلم ما الذي يتعين فعله تجاه هذه الأزمة المستمرة. *كبير المستشارين الاقتصاديين السابق لنائب الرئيس جو بايدن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©