الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإفراط في التدليل «نقمة» تفسد ثقة الطفل بنفسه

الإفراط في التدليل «نقمة» تفسد ثقة الطفل بنفسه
3 ابريل 2011 20:24
إن تدريب الطفل على تحمل المسؤولية ومساعدته على تحقيق ذلك منذ وقت مبكر أمر مهم للغاية‏،‏ لأن أي نجاح يمكن أن يحققه في هذا المجال سيدفعه بطبيعة الحال إلى مزيد من المحاولات التي تكسبه ثقته في نفسه‏. فلا بد أن يتدرج في تحمل المسؤولية منذ الصغر، فيبدأ في التدريب على خلع ملابسه أو ارتدائها بنفسه، وكيف يقضي حاجاته في حدود قدرته البدنية وعمره. أو يوكل إليه ترتيب خزانته أو غرفته.. وهكذا. ثم عليه أن يتعلم الالتزام ببعض قواعد الآداب والسلوك والانضباط وتحمل الأعباء والمسؤوليات في جميع مراحله العمرية. الأطفال المدللون هم غالباً الذين يترجمون ردود فعل والديهم في المواقف المختلفة إلى سلوكيّات تمكّنهم من تحقيق كل ما يريدون، ولو أدى الأمر في كثير من الأحيان إلى أن يسلكوا أساليب ملتوية لتحقيق مطالبهم، لأنهم عادة لم يسمعوا كلمة «لا» الحازمة من والديهم! فكثير من الآباء والأمهات ـ لأسباب معينة ـ قد يبالغون في الاهتمام بالطفل، والإفراط في تدليله بطريقة سلبية، أو يبالغون في الرعاية والاعتناء به إلى الحد الذي يخلف انعكاسات سلبية على شخصيته خلال مراحل نموه المختلفة، ويحرص مثل هؤلاء الآباء والأمهات على توفير الحماية الزائدة لأطفالهم ولا يثقون فيهم، ومن ثم يكتشفون أن الوقت قد فات، وأنهم هم الذين أفسدوا ابنهم بأيديهم وإرادتهم، وأصبح من غير اليسير إصلاح عيوبه أو تعديل شخصيته. وأنهم أمام حالة تتمثل فيها صور سلبية من اللامبالاة والاعتمادية والاتكالية، والهروب الاجتماعي، وعدم تحمل المسؤولية أو الضغوط الحياتية. وأنهم أمام نمط غريب من الشخصية غير القادرة على اتخاذ القرار، أو التكيف والتوافق أو التعامل مع المواقف الصعبة، نتيجة استسلامهم المفرط لرغبات الابن وتدليله، ولا يتذكروا يوماً حاولوا فيه الوقوف أمام إشباع رغباته وطلباته وحاجاته، وإغفال المحاسبة أوالعقاب التربوي الإيجابي إن أهمل أو أخطأ، وأنهم أطلقوا له «الحبل على الغارب» ليلهو ويلعب ويكبر دون أن ينضج ويصبح «رجلاً « بمعنى الكلمة! إن تدريب الطفل على تحمل المسؤولية ومساعدته على تحقيق ذلك منذ وقت مبكر أمر مهم للغاية‏،‏ لأن أي نجاح يمكن أن يحققه في هذا المجال سيدفعه بطبيعة الحال إلى مزيد من المحاولات التي تكسبه ثقته في نفسه‏. فلا بد أن يتدرج في تحمل المسؤولية منذ الصغر، فيبدأ في التدريب على خلع ملابسه أو ارتدائها بنفسه، وكيف يقضي حاجاته في حدود قدرته البدنية وعمره. أو يوكل إليه ترتيب خزانته أو غرفته.. وهكذا. ثم عليه أن يتعلم الالتزام ببعض قواعد الآداب والسلوك والانضباط وتحمل الأعباء والمسؤوليات في جميع مراحله العمرية. أيضاً عليه أن يكتسب مهارة مخالطة الكبار في الأسرة ويكتسب منهم الكثير من قواعد السلوك والتحكم في العواطف والانفعالات، وبالتالي نجده تلقائياً‏ يثق بنفسه وبقدراته، ويتحمل الأعباء وتشجيعه إذا نجح في حل بعض المشكلات الصغيرة‏. ما الذي يحمل الآباء على تدليل أطفالهم؟ ولماذا ننحرف بعاطفتنا الزائدة ونحولها إلى عامل لإفساد أطفالنا؟ وما هي الآثار السلبية التي يجنيها الآباء والأمهات من الإفراط في تدليل أطفالهم؟ صور.. ونماذج تشير سلمى جبور «ربة أسرة» إلى تجربتها الشخصية في تربية ابنها الأول الذي تأخرت في إنجابه أكثر من خمس سنوات بعد زواجها، وقد مرت خلال هذه الفترة بخبرات متكررة من عدم إكمال الحمل لأسباب صحية، ومن ثم حظيّ هذا الطفل باهتمام وخوف مبالغ فيه، وبالتالي تدليل مفرط، وهو ما تجنبته في طفليها الثاني والثالث، وتقول:» نعم .. نحن الذين أخطأنا الطريقة السليمة في تربيته بالمبالغة في الخوف عليه، والحنان الزائد لهذه الظروف، ولأنه جاء في ظروف معينة، وقد يكون هذا جهلاً من، وبالغنا في الحرص عليه، وعندما كبر قليلاً لم أكن أنا ووالده نتحمل إهماله أو عدم تلبية طلباته وهو دون السادسة من العمر، وكنا نحاول أحياناً أن نغير أسلوبنا، لكن اكتشفنا خطأ هذا التدليل عندما عانينا كثيراً في الأيام الأولى لدخوله المدرسة، وكنا فشلنا في انتظامه بدار للحضانة، وهو الآن في الصف الثالث الابتدائي، ولا يستطيع أن يعتمد على نفسه حتى في ترتيب حقيبته، ودائماً ينتظرني كل ليلة لأراجع له دروسه، وواجباته، وتحضير حقيبته، وكثير من الصديقات نصحوني بأهمية تغيير هذه الاعتمادية عنده من الآن، لكنني تعلمت الدرس جيداً مع شقيقيه الأخيرين». وتضيف نرمين محمد»موظفة»: «لقد عانينا نحن الشقيقات الثلاث من تدليل شقيقنا الوحيد لسنوات طويلة، وكانت طلباته مجابة دائماً ولو على حسابنا، مما تسبب في مشاكل كثيرة بيننا، لأننا تعودنا أن يجور على حقوقنا من منطلق أنه الابن الوحيد، وقد عانى كثيراً عندما حاول الاستقلال بحياته بعد زواجه، لأنه لم يتعلم كيف يعتمد على نفسه، أو كيف يتحمل المسؤولية، وغالباً انتقلت اعتماديته على زوجته التي يوكل إليها كل أمور حياته، ولا يريد أن يتحمل مسؤولياته كما ينبغي حتى الآن، وتعرض لمشاكل حياتية ووظيفية وزوجية عديدة لعدم خبرته في التعامل مع الناس والمجتمع». .. وتسرد خالدة مجيد»معلمة» تجربتها مع طفلها الأول، وتقول:» لقد كانت تجربتنا مع طفلنا الأول مزيجاً من الارتباك والفرحة والخوف والجهل والحرص المبالغ فيه. فمنذ الأيام الأولى له لم أكن أسمح أن يمسكه أو يحمله أو يقبله أحد. كنا نرتعد عندما يبكي أو يصرخ، كان كل همنا أن نلبي طلباته وإسكاته. وفي العام الثاني كان شرساً وأنانياً وعنيداً، يصر دائماً على ما يحتاج من حلويات أو لعب أو أشياء يتعلق بها، ووجدنا أنفسنا ننجر إلى كل ما يريده فقط، وهذا كان همنا الأول والأخير. وأن تجاوز في سلوكياته أو تصرفاته أو ردود أفعاله، كنا نضحك أو نهمل محاسبته، فتمادى في ذلك، ولاحظنا أنه كذلك معنا فقط، لكنه خجول جداً مع الآخرين، وأنه يتعامل معهم بصعوبة، ودائماً ينتظر ممن حوله أن يتعاملوا معه كما أتعامل أنا ووالده معه. لم نقسوا عليه على الإطلاق، وعندما حاولنا أن نستفيد من هذه الخبرة مع شقيقه الذي يليه، كانت المشكلة أننا كنا نحاسب ونعنف الطفل الثاني، وهو ما أوجد حالة من الغيرة بينهما، ولم تفلح تبريراتنا بأنه الأخ الأكبر في كثير من الأحوال. من المؤكد أن تدليلنا له أفسد أشياءً كثيرة لديه، فلم يتحمل المسؤولية والاعتماد على النفس ولا خبرة التعامل مع المواقف مع زملائه بالمدرسة مقارنة بشقيقه الأصغر». منطقة رمادية يشير الأخصائي النفسي الدكتور محمود رشاد، إلى الممارسات والصور السلوكية اليومية التي ترسخ طابع التدليل عند الطفل، فالأم عندما لا تسمح لطفلها الذي يصل إلى الخامسة بأن يجرب بنفسه إقفال أزرار السترة الخاصة به وحتى لو كانت الأم تريد توفير بعض الوقت بهذه المساعدة فإنها بذلك لا تسدي له معروفا، ذلك لأن تعلم المرء أن يفعل المهام بنفسه يبني الثقة في مهاراته الذاتية. وهذه المسائل اليومية تقع في منطقة رمادية بين حب المساعدة والتدليل. فعندما يتجه الحديث إلى تدليل الطفل يأتي إلى ذهن المرء عادة الأشخاص الذين يغمرون الطفل بالهدايا في مناسبات مختلفة، فإن الفكرة الشائعة بين الآباء هي أن الطفل يريد أن يحصل على ما يتمتع به الصغار الآخرين، وبالتالي تتم تلبية كل الرغبات وأحيانا حتى قبل أن يعبر عنها الطفل. غير أن المسائل المادية هي مجرد جانب واحد من الأمر. فعندما نتحدث عن التدليل فإنه يمكن أن نتحدث أيضا عن الآباء الذين يوفرون حماية زائدة لأطفالهم ولا يثقون فيهم. فالأطفال يتعرضون للتدليل إذا لم تتاح لهم الفرصة لإكمال العمل اليومي الذي يستطيعون القيام به بالفعل، وهذا يعني على سبيل المثال عندما ينظم الأبوان حياة طفلهما لدرجة أن الطفل لا يجد أية فرصة لإضافة إنجاز ما. ضغوط الوقت فإن سهولة قيام الآباء بفعل شيء ما إلى جانب تأنيب الضمير والرغبة في الشعور بأن الطفل بحاجة إليهم كل هذه العوامل تلعب دورا في دفع الآباء إلى تدليل أطفالهم، كما أن عدم قدرة الآباء على إدارة المنازعات تلعب دورا أيضا، وفي هذا الصدد يقول ديترينج إن الآباء لكي يتجنبوا النزاع مع أطفالهم يقومون بتدليلهم وهم في الواقع يدللون أنفسهم أيضا. فالتدليل يعمل ضد تطوير شخصية الطفل حيث أنه لا يحصل على الفرصة للتدريب لمواجهة أحداث الحياة اليومية أو لتعلم أشياء جديدة، وهذا يعني افتقاد الفرصة لبناء الشخصية والثقة في النفس عند الطفل. عرقلة النضج الطبيعي للطفل حذرت أوساط بحثية طبية في هونج كونج من أن إفراط الآباء والمربيات في تدليل الأطفال يعرقل نضجهم الطبيعي. وأشارت دراسة طبية وتربوية حديثة، أن نحو ثمانية من عشرة أطفال ممن تتراوح أعمارهم بين تسع و12 شهراً يعتمدون على الآباء في تناول الطعام في الوقت الذي يتعين عليهم فيه البدء في تناول الطعام بأنفسهم. وبلغ معدل زيارة الطبيب بالنسبة لتسعة من كل عشرة أطفال تقريباً حوالي 47ر3 مرة خلال الشهور الستة الماضية. وأكدت الدراسة التي أجرتها الجامعة الصينية في هونج كونج وشملت أكثر من 1100 أسرة في المدينة الشكوك بأن الأطفال الرضع مدللون. وحذر الأطباء الذين أشرفوا على الدراسة من أن الأطفال في هونج كونج ربما يتأخر تطورهم إذا أفرط الآباء والمربيات في العناية بهم. .. ونوهت الدراسة إلى عدد من السمات العامة التي يتصف بها الأطفال المدللون، فالطفل ينشأ على «عقلية الاستحقاق» ويضع نفسه ورغباته قبل كل شيء. وأنه سينشأ جاهلا بجهد أبويه، وحين ينخرط في قطاع العمل والوظيفة فإنه يتوقع من الجميع أن يستمع إليه. وحين يتولى الإدارة فإنه لن يشعر بمعاناة موظفيه ويعتاد على لوم الآخرين لأي فشل يواجهه. وهذا النوع من الناس قد يكون متفوقا أكاديميا ويحقق نجاحات لا بأس بها، إلا أنه يفتقد الإحساس بالإنجاز، بل تراه متذمرا ومليئا بالكراهية ويقاتل من أجل المزيد من النجاحات. التدليل المفرط .. فوضى وتلاعب يقول الدكتور خالد سعد النجار، أستاذ التربية في جامعة الدوحة:» يتميز سلوك الطفل المدلل بالفوضى والتلاعب، مما يجعله مزعجاً للآخرين، ولا يتبع قواعد التهذيب ولا يستجيب لأي من التوجيهات. ويحتج على كل شيء، ويصر على تنفيذ رأيه. ولا يعرف التفريق بين احتياجاته ورغباته. ويطلب من الآخرين أشياء كثيرة أو غير معقولة. ولا يحترم حقوق الآخرين ويحاول فرض رأيه عليهم. وهو قليل الصبر والتحمل عند التعرض للضغوط. و يشكو دائما الملل. لذا على الآباء والأمهات أن يدركون أن التدليل يفسد الطفل أكثر مما يصلح لعدة أسباب، يمكن إيجازها في أنه يقضي نهائياً على فرصة تكون الإرادة فيه، حيث يتعلق بوالديه لدرجة لا أنه يستطيع أن يتخذ أبسط القرارات الخاصة به دون الرجوع إليهما، ويفتقر إلى الثقة بالنفس، ولا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة متاعب الحياة لأنه يفتقر إلى المهارات اللازمة للتغلب على المشكلات اليومية. ويكون غالباً عاجزاً عن الارتباط بأقرانه حيث يشعر بتشبع شديد من عاطفة الأسرة فلا يميل إلى الآخرين، وهو طفل قلق بطبعه يستعجل الأمور، ويحكم على المواقف بسرعة دون تفهم، وتسيطر عليه الأنانية وحب السيطرة على إخوته، والعنف في تصرفاته معهم لإحساسه بالتميز عنهم. أما اهتمام
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©