الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاولات للحفاظ على النسر الأسمر من الإنقراض بعد تناقص أعداد

محاولات للحفاظ على النسر الأسمر من الإنقراض بعد تناقص أعداد
3 ابريل 2011 20:22
يُعد النسر الأسمر من الطيور المعمرة، فقد دلت المتابعة لأحد هذه الطيور في الأسر، إلى أنه يعيش حوالي 37 سنة، ويضرب العرب المثل به لطول العمر ويقولون “عمره عمر نسر”، وتلعب هذه الطيور دوراً في النظام البيئي، حيث يضعها العالم في قمة السلسلة الغذائية، فهي تتغذى بشكل عام على الحيوانات النافقة من الثدييات الصغيرة أو الكبيرة، ولذلك تعد من العناصر المهمة التي تخلص الإنسان من الجيف، والتي ربما ماتت بسبب مرض أو خلافه. يقول الدكتور محمد يسلم شبراق، رئيس قسم الأحياء بجامعة الطائف والمستشار غير المتفرغ بالهيئة السعودية للحياة الفطرية، والعضو في مجلس إدارة المجلس العالمي لحياة الطيور، وعضو الاتحاد العالمي لعلوم الطيور، إن النسور السمراء تعد من الطيور الاجتماعية وتبني أعشاشها في مستعمرات قد تصل في بعض المناطق إلى 100 زوج في مستعمرة واحدة، كما تتعاون هذه الطيور في البحث عن غذائها بمساعدة بصرها الحاد، فهي تقوم بالتحليق في الجو كل على مسافة من الآخر، وعندما يشاهد أحدها الغذاء فإنه يحلق فوق منطقة الغذاء بشكل يلفت فيه انتباه بقية السرب، والتي تستدل من طريقة طيران وتحليق هذه الطيور على الموقع وتحدده. التكاثر والهجرة ويعتبر النسر الأسمر من الطيور المعششة بالمملكة ويبدأ موسم التكاثر لهذه النسور في نهاية شهر ديسمبر وبداية شهر يناير، ويستمر وضع البيض في بعض المناطق إلى بداية شهر مارس، ويعمل كل زوج على بناء عشه على المنحدرات الجبلية والكهوف، وتضع الأنثى بيضة واحدة فقط، ويتناوب الزوجان في حضانة البيض، وذلك لمدة تتراوح بين 50 و58 يوماً. كما يصل الصغير لسن البلوغ بين 110 و130 يوماً، ويبقى أحيانا بالقرب من العش معتمدا على أبويه في الغذاء مدة ثلاثة أشهر، ثم يبدأ بعدها بالاستقلال عنهما، وعندما يصل عمره أربع سنوات وهو سن البلوغ، ربما يعود لنفس المستعمرة للتعشيش وربما يقوم بالتحرك لمواقع أخرى، والتزاوج من مستعمرة أخرى ضمن نطاق انتشارها، وهذا جزء مما يود العلماء معرفته بدراسة هجرة هذه الطيور بواسطة الأقمار الاصطناعية. أما فيما يتعلق بمتابعة هجرة الطيور بشكل عام، فقد حاول الإنسان منذ القدم تفسير ظاهرة الهجرة عند الطيور، وبذل الجهد للتعرف على اتجاهاتها والطرق التي تسلكها خلال هجرتها، وقد دون أرسطو في كتابه تاريخ الحيوان، أولى المعلومات عن هجرة الطيور، حيث سجل معلومات عن أسماء الطيور المهاجرة وأوقات وصولها ومغادرتها لليونان قبل 2000 سنة. تحجيل الطيور وقد ذكر الجاحظ أيضا في كتابه الحيوان عن هجرة الأسماك والطيور، حيث أشار إلى الأخيرة مؤكداً أن القواطع من الطير قد تأتي من العراق، ضمن جماعات كثيرة من الطيور تقطع إلينا ثم تعود في وقتها، وقبل أكثر من مائتي سنة كتب أحد الأسرى النمساويون خلال أسره بمنطقة بالسودان، أنه طلب منه ترجمة ورقة كانت موجودة في عنق طائر الكركري، تقول "إذا وجدت هذا الطائر ومكان موته فأرجو إخباري"، وقد زادت الملاحظات المسجلة عن الهجرة بعد النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، وذلك بعد إنشاء أول محطة لرصد الطيور المهاجرة على جزيرة ألمانية تسمى هيلجولاند بواسطة عالم الطيور هيرنش جاتيك، والذي يعتبر أول من أجرى دراسة علمية لدراسة هجرة الطيور في أوروبا. بعد ذلك قام العالم الدنماركي مورتنسين في عام 1899م بإدخال نظام التحجيل وعلى مستوى أكبر، وهذه الطريقة تتم بإمساك الطيور ووضع حلقات معدنية على أرجلها ومن ثم إطلاقها مرة أخرى، والهيئة السعودية لحماية الحياة الفطرية هي أول من قامت بعمليات تحجيل للطيور بالمنطقة معرفة باسمها، وقد حجل أكثر من ستة آلاف طائر وسجلت مرة أخرى من روسيا وتشيكوسلوفاكيا وحتى من إندونيسيا، وذلك لطائر بحري سجل بالخليج العربي عام 1994م. ومن الطرق الأخرى للمتابعة هي طريقة وضع جهاز تتبع يسجل موقع الطائر، وهو يحتاج إلى الإمساك بالطائر مرتين، مرة لوضع الجهاز والأخرى للحصول على معلومات، وإن كانت هذه الأجهزة قد تطورت في السنوات الأخيرة، بحيث يمكن الحصول على المعلومات من دون الإمساك بالطائر، وهذا النوع من الأجهزة مشابه لما كان على النسر الذي تم الإمساك به في منطقة حائل، أما الطريقة الأخرى فهي عن طريق الأقمار الاصطناعية وهذه التقنية تطورت بشكل كبير، حيث أمكن الحصول على أجهزة تصل إلى خمسة جرامات. الاستشعار عن بعد وحول مواصفات النسر الأسمر يوضح الدكتور شبراق "أنه يتميز بطول رقبته وخلوها من الريش، والمراقب للطائر يجد أن له أيضا طوقا من الريش الأبيض على قاعدة الرقبة، وهو يعشش في المنحدرات الجبلية والصخرية، وينتشر كثيرا في أوروبا وشمال أفريقيا غربا إلى الهند شرقا، وفي المملكة ينتشر بمناطق المنحدرات الجبلية على امتداد جبال السروات وفي جبال أجا وسلمى. ويكمل الدكتور محمد يسلم أن أعداد هذا الطائر قد بدأت بالتناقص بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، حتى أن العديد من المنظمات الدولية في أوروبا وآسيا بدأت في برامج حماية للنسر الأسمر، ومنها برامج التوطين في جبال الألب بفرنسا وسويسرا، كما قام عدد من الباحثين بدراسة أعداده عن طريق تعداد هذه الطيور بمواقع تعشيشها. هرباً من البرد القارس قامت الهيئة في السعودية والتي تم اختيار منطقة تنومة بعسير جنوب غرب المملكة العربية السعودية موقعا لها، بدراسة أشارت إلى تناقص في أعداد الطيور المعششة بالمنطقة من 45 زوجا خلال عام 1999م إلى 14 زوجا خلال عام 2003م، كما قامت بعض الدول بمتابعة هجرة هذه الطيور، حيث عرف من خلال هذه الدراسات أن أراضي المملكة تعتبر منطقة مهمة لعدد من المجموعات القادمة من أوروبا الشرقية ووسط آسيا وتركيا، حيث تقضي فترة الشتاء متجولة بالأراضي السعودية. من هذه الدراسات دراسة قام بها باحثون من جورجيا وصربيا ودول أخرى مجاورة للمتابعة بواسطة الاستشعار عن بعد، وعليه فإن المملكة مهمة جدا لهذه الطيور لتقضي فترات الشتاء فيها هربا من البرد القارص بالمناطق الشمالية من الكرة الأرضية، ومن خلال الباحثين بالهيئة السعودية للحياة الفطرية، أسهمت المملكة في تطوير أجهزة المتابعة بالأقمار الاصطناعية مع شركة مايكرويف تيليمتري. العقاب الإمبراطوري يضيف الدكتور محمد يسلم: كانت المملكة أولى الدول العربية في تطبيق استخدام أجهزة المتابعة بواسطة الأقمار الاصطناعية، لدراسة هجرات الطيور ومتابعتها، والحفاظ على بعضها المهدد بالانقراض كالعقبان ومن أشهر من قام بذلك، الباحث الألماني ملبيرج، الذي أعطت نتائج الدراسة التي قام بها أثراً إيجابياً لبرامج الحماية. وهناك أنواع من الطيور الجوارح تقضي فترة الشتاء بالمملكة مثل العقاب الإمبراطوري والمهدد عالمياً بالانقراض وعقاب السهول، كما أن من الطريف في هذه الدراسات أن هذا العقاب، سجل وجوده خلال خمس سنوات متتالية في نفس الموقع بمنطقة الطائف، ما يؤكد أهمية المملكة للطيور الجوارح بشكل عام كمنطقة تقضي فيها فترة من حياتها بها وهي فترة الشتاء.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©