الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نساء يمنحن ساعات فراغهن للعمل التطوعي من باب ردّ الجميل

نساء يمنحن ساعات فراغهن للعمل التطوعي من باب ردّ الجميل
3 ابريل 2011 20:19
في الوقت الذي تشكو فيه معظم النساء من ضيق الوقت وقلته للقيام بأعمال المنزل وحدها أو للتوفيق بين العمل خارج البيت وداخله مع تدريس الأبناء، رغم وجود خادمة أو أكثر، تجد نساء أخريات وقتا مستقطعا بين كلّ هذه الأعمال والأعباء الجسيمة، للقيام بمساعدة أشخاص آخرين هم بأمسّ الحاجة إليها في إطار العمل التطوعي. ثقافة العمل التطوعي وخدمة المجتمع أصبحت فرضا واجبا لدى بعض السيدات اللواتي يعمدن إلى تجيير كلّ ساعة أو دقيقة من أوقات فراغهن لخدمة الآخرين، إيمانا منهن بأن مساعدة الغير كفيلة بإسعادهن من الداخل، وحفظ أبنائهن من الشرور، وتعليمهم هذه القيم الإيجابية في نفس الوقت. في حقل العمل التطوعي بأبوظبي تجد العديد من الوجوه النسائية التي تشترك كلها في البشاشة وطيب الملقى، والحنان البادي على محياها، لتصبح قدوة حسنة يتمنى الجميع أن يقتدي بها ويحدو حذوها. ردّ الجميل وتبدو أفراح أحمد، وجها معروفاً في حقل العمل التطوعي بالعاصمة، ففي كل مناسبة أو احتفال تجدها واقفة، وإلى جانبها ابنتها وابنها، تمد يدها إلى الجميع لمساعدتهم في التنظيم وإعطاء المعلومات اللازمة وغيرها من المهام التي يمكنها أن تقوم بها. حول عملها في الحقل التطوعي تقول أفراح إنها دخلته منذ فترة بعيدة، لكن عملها فيه آنذاك كان ينحصر في إطار فردي، حيث ساهمت في عمل وتنظيم بعض المناسبات الخيرية في أبوظبي، ثم انتسبت اعتبارا من العام الماضي إلى جهة رسمية وهي مؤسسة “متطوعو أبوظبي” مع العديد من المتطوعين والمتطوعات حيث صار العمل أكثر وضوحا وتنظيما. مضيفة أنها تسعى حاليا للانضمام إلى مؤسسة خيرية أخرى وهي مؤسسة “تحقيق أمنية” خاصة وأن غالبية أنشطتها تقوم على مساعدة فئة المعاقين. وترى أفراح أن أهمية العمل التطوعي ومسؤوليته تنبع من فكرة ردّ الجميل للمجتمع، “إذ يجب أن نقوم برد الجميل لمجتمعنا من خلال تقديم المساعدة لأشخاص آخرين فيه يحتاجون للمساعدة لا سيما من المرضى والمعاقين، ويجب أن نعلم أبنائنا ذلك أيضا”. أما بالنسبة لمسألة إيجادها الوقت الكافي للقيام بهذه الأعمال التطوعية، تقول أفراح: “التوفيق من الله عز وجل، ولكن أيضا، يمكننا القيام بأي شيء مع تنظيم الوقت، فأنا أفضّل استغلال أي ساعة فراغ في القيام بعمل تطوعي، ذلك أنني لا أحب قضاء وقتي بأشياء غير مفيدة، وصحيح أن لدي زوج وأولاد وأنا مسؤولة عن القيام بغالبية المهام في المنزل، ومع ذلك فإنني أجد بعض الوقت لتقديم المساعدة للآخرين بصحبة أولادي لكي يتعلموا هذه العادات والسلوكيات الإيجابية”. الكلّ مسؤول بدورها قالت إيزابيل ليبان بونوسامي، وهي ناشطة في العمل التطوعي ولها باع طويل في هذا الحقل لا يقتصر على المجتمع الإماراتي وإنما يتعداه إلى مسقط رأسها جزيرة موريشيوس ودولة فرنسا التي درست وتعلمت فيها: “على كل شخص أن يكون مسؤولا في مجتمعه، وذلك بأن يبحث عن الخطأ ويحلل أسبابه، ويحاول أن يقوم بدوره تجاه الآخرين ممن يحتاجون المساعدة”. تضيف بونوسامي: “لقد عملنا، أنا وآخرون، منذ 3 سنوات على تأسيس مؤسسة خاصة بالعمل التطوعي في أبوظبي، تمخضت عن “نهتم” للمسؤولية الاجتماعية، وكنت أهدف من خلالها إلى جعل الناس يساعدونني في موضوع المعاقين بشكل خاص، فهذه الفئة تحتاج إلى المساعدة والرعاية وعلينا أن نقوم بدورنا تجاهها. كذلك التعليم والصحة فهما أمران مهمان في هذه الدولة، وعلينا أن نقوم بالمساعدة في هذه الأطر. يجب أن يدرك الجميع في هذا المجتمع أن الحياة ليست دائما أخذ، بل يجب أن يكون هنالك عطاء للمجتمع وللدولة التي تقدم لك كل ما تحتاجه يوميا”. وحول تجربتها الشخصية في مجال التطوع تتحدث بونوسامي بأنها بدأته مبكرا، فقد كان والدها وجدتها يشاركان فيه في بلادهم، موريشيوس، وقد نشأت هي على حب العمل التطوعي منذ الصغر، وحتى أثناء دراستها في باريس فقد انخرطت في العمل التطوعي أيضا لمساعدة الفقراء في أماكن أخرى من العالم، وعندما جاءت إلى الإمارات في عام 2005 بدأت بالعمل التطوعي مع حملة “طوبى” المدرسية ثم أصبح جهدها منصبا على مساعدة الأطفال من ذوي الإعاقة. تقول إيزابيل: “أنا لا أشعر بأنني كاملة إذا لم أمنح المساعدة للآخرين، فصحيح أن التنسيق بين الحياة العائلية والعمل التطوعي قد يصبح صعبا في كثير من الأحيان حيث أكون منشغلة بالالتزامات الأسرية تجاه زوجي وأطفالي، لكن عندما يحل الليل أبدأ التحضير والتخطيط لعملي التطوعي، وهكذا أمضي السنة الدراسية في الإمارات منشغلة بالعمل التطوعي لا يقطعه سوى إجازتي الصيفية التي تمتد إلى 3 أشهر أستمتع بها بحياتي مع أهلي”. تضيف بالقول: “أحيانا أشعر بالتعب، ولكن عندما أرى النتائج التي تحققت على أرض الواقع أنساه تماما ويتحول تعبي إلى فرح، وهذا ما يجعلني أمضي إلى الأمام واستمر في مساعدة هؤلاء الذين يحتاجون إلى المساعدة، إن هذا يجعلني سعيدة، كما أنه يحفظني ويحفظ أولادي في المستقبل”. سعادة روحية أوضحت المواطنة زهرة المسعود، والتي تعمل كمتطوعة في مؤسسة “نهتم” للمسؤولية الاجتماعية، أنها لا تتذكر متى بدأت العمل التطوعي، ذلك أنها نشأت في أسرة تحب مساعدة الآخرين، فقد كان والدها يساعد في تدريس الطلاب بنفسه في بيته كما كان يمكنهم من مواصلة تعليمهم العالي على حسابه، وكانت هي تحب هذا العمل الإنساني ثم أصبحت تفعل مثله وتحذو حذوه. تقول زهرة: “كان أمر مساعدة الآخرين في منزلنا شيئاً طبيعياً بل وأساسياً، فهو يمنح صاحبه سعادة روحية ويقربه من الناس، ويشعره بمحبتهم وامتنانهم”. مضيفة أنها بدأت العمل ضمن مؤسسة للنفع الاجتماعي منذ 3سنوات تقريبا وذلك مع مؤسسة “نهتم”، التي وطدت علاقتها مع فئة المعاقين بشكل كبير لا سيما مدرسة النور للمعاقين التي اختارتها أخيرا لكي تكون في مجلس إدارتها. تضيف قائلة: “الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع أمر واضح ومفهوم في منزلنا من قبل زوجي والأولاد، فهو، أي زوجي، يساعد الآخرين وعلى هذه الأسس درج أولادي، فقد أصبحوا يساهمون في التطوع ومساعدة الآخرين، ولا سيما ابنتي ذات الـ11 عاما، التي حققت أرقاما جيدة لصالح مساعدة مدرسة المعاقين، من خلال بيع البضاعة والتبرع بها للمدرسة”. وتواصل زهرة القول بأنها جمعت بين الوظيفة والعمل التطوعي فيما سبق، “وأنا حاليا متفرغة للعمل التطوعي، فهو شيء طبيعي وأساسي في حياتي، وهو أمر لا يقدر بثمن، إنني فخورة بعائلتي وبأولادي الذين يتبرعون ما أمكنهم من أجل مساعدة الآخرين، فهو يعلمهم على حمل القيم والطباع الحسنة في المستقبل، فضلا عن تعميق إحساسهم بالمسؤولية تجاه المجتمع بشكل عام”. إلى ذلك، فقد شجعت زهرة الآخرين على الانخراط في العمل التطوعي وتربية الأبناء عليه، ولا سيما في إطار مؤسسات خاصة بهذا العمل حيث تعمل على توجيه وتنظيم التطوع ليصب في قنواته الصحيحة ويذهب إلى الفئات التي تستحقه وتحتاجه أكثر.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©