الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جدار الصين... يصدُّ العقوبات عن إيران!

جدار الصين... يصدُّ العقوبات عن إيران!
30 سبتمبر 2009 23:26
في محاولتها لحشد التأييد الدولي وتشديد العقوبات على إيران سيكون على إدارة أوباما أولا تجاوز تردد الصين وتحفظاتها على معاقبة بلد يعتبر هو مزودها الأساسي الثاني من النفط، وأحد أهم المستفيدين من استثماراتها في مجال الطاقة؛ ويبدو أن الإحباط الذي تشعر به الإدارة الأميركية تجاه الصين ما فتئ يتصاعد، لاسيما بعدما لاحظ المسؤولون الأميركيون كيف بدت الصين أكثر تحفظاً حتى من روسيا إزاء اتخاذ إجراءات عقابية ضد إيران بعد كشف محطة التخصيب الثانية، وقد عبر هؤلاء المسؤولون بشكل خاص عن قلقهم من تعطيل الصين لجهود كانت تستهدف شركات الشحن العاملة في هونج كونج التي تقوم بإعادة تصدير البضائع إلى إيران بما فيها الأسلحة المحظورة. وفي هذا السياق يقول أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية إن الصينيين «لم يظهروا أي شعور بإلحاح الموقف» فيما يتعلق بإيران، بل يضيف المسؤولون إن الصين سعت إلى «اللعب على الحبلين»، إذ من جهة تحافظ على علاقتها بإيران، ومن جهة أخرى تعمل مع الولايات المتحدة وباقي الدول المنخرطة في جهود منع إيران من تطوير الأسلحة النووية. ولكن، لماذا تدافع الصين عن إيران؟ حسب المراقبين هناك سببان رئيسيان هما: النفط والأيديولوجيا. فمن المعروف أن إيران هي ثاني أكبر مزود للصين بالنفط الذي تحتاجه، بل إن وارداتها منه في ازدياد مطرد، وفي الصين التي يتوقع هذه السنة أن يشتري مواطنوها سيارات تفوق ما يشتريه الأميركيون فإنه يصعب إشباع شهيتها النهمة إلى النفط. وينبغي ألا ننسى أن النمو السريع للاقتصاد الصيني هو أهم ما تبقى للحزب الشيوعي الحاكم من مصادر الشرعية، بحيث من شأن تشديد العقوبات على إيران التسبب في ارتفاع أسعار النفط والمس ربما باستقرارها السياسي. ولكن الأمر لا يقتصر فقط على واردات الصين النفطية من إيران، بل يمتد أيضاً إلى استثماراتها هناك التي تقلل من احتمال انخراط بكين في عقوبات مشددة على طهران، فقد ضخت الشركات الصينية العملاقة التي تديرها الدولة أموالا هائلة في إيران تقدر بحوالى 120 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية إلى درجة أن المحللين يشيرون إلى صعوبة نهوض شركات الهندسة الصينية بالأعباء الثقيلة الملقاة على عاتقها. وحتى عندما انسحبت الشركات الغربية واليابانية من بعض المشروعات وتركتها معلقة لم تحذُ شركات الصين حذوها وعززت تواجدها في إيران، وهكذا وقعت الشركة الصينية للنفط والكيماويات في عام 2004 عقداً بقيمة 70 مليار دولار لتطوير حقل «يادفاران» النفطي وشراء عشرة ملايين طن من الغاز المسال من إيران على مدى فترة الخمسة وعشرين عاماً القادمة. وفي شهر يونيو الماضي وقعت شركة الصين الوطنية للنفط صفقة بقيمة خمسة مليارات دولار مع شركة النفط الوطنية الإيرانية لتطوير حقل الغاز الكبير «جنوب بارس» بعدما اتهم الإيرانيون شركة «توتال» الفرنسية بالتلكؤ في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه لتطوير الحقل وتعطيل المشروع. ويصف هذه العلاقات الصينية الإيرانية الوثيقة «مايكل إيكونميدز»، أستاذ الهندسة الكيماوية بجامعة هيوستن الأميركية قائلا: «فيما ينخرط الغرب في ضغوط اقتصادية على إيران يبادر الصينيون بجني الثمار كلها لصالحهم»، مضيفاً أن «الصين لا تنظر إلى إيران باعتبارها بلد الملالي الذين يخاف منهم الجميع، بل تنظر إليها باعتبارها بلد النفط والغاز، وفي كل مرة أذهب فيها إلى الصين أجد من يسألني: لماذا يتركنا الغرب نجني كل هذا من إيران؟». وأكثر من ذلك أن الاستثمارات الصينية تساعد أيضاً في حماية إيران من احتمالات ما وصفته وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون بـ «العقوبات المعوقة»، فحسب «جال لوفت»، المدير التنفيذي لمعهد تحليل الأمن العالمي، خفضت إيران من اعتمادها على واردات البنزين من 40 في المئة إلى 25 في المئة، وهو ما يفسر في جزء منه لماذا باتت القوى الغربية أقل اهتماماً باستهداف واردات إيران بعدما كانت قد روجت لها في السابق. وقد كان لافتاً خلال قمة العشرين الأخيرة تصريح الصين ذو النبرة الخافتة بشأن إيران مقارنة بروسيا، فعلى رغم الدعوة التي وجهتها الصين لإيران بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أنها أكدت لاحقاً أن العقوبات ليست هي الطريق الصحيح في التعامل مع إيران، بل إن الصين رفضت التعاون مع برنامج وزارة الخزانة الأميركية القاضي بملاحقة شركات الشحن التي تتعاون مع إيران وتعمل انطلاقاً من هونج كونج. بيد أن الصين تعارض العقوبات لسبب آخر غير النفط له علاقة بالأيديولوجيا، فقد شكل مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول أساساً مهماً للسياسة الخارجية الصينية منذ خمسينيات القرن الماضي، وفي هذا السياق يقول «مايكل جرين»، المدير السابق للشؤون السياسية بمجلس الأمن القومي الأميركي، إن الصين ترفض أي حل عسكري للأزمة، وهي منشغلة باحتمال لجوء الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمهاجمة إيران، ولذا يعتقد الصينيون حسب قوله أنهم «كلما عطلوا العقوبات على إيران أجلوا أكثر القرارات التي قد تؤدي في الأخير إلى ترخيص مجلس الأمن لاستخدام القوة». جون بومفريت كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©