الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أم موسى.. صدقت وعد الله فنالت خير الجزاء

29 مايو 2017 18:34
محمد أحمد (القاهرة) أكرم الله أم موسى بالوحي، وصدق الله وعده بعد أن بشرها، فبعث في قلبها الطمأنينة، ورد كيد فرعون الجبار الذي طغى، وأذاق العباد سوء العذاب?،? وكان حمل أم موسى مباركا، لها ولقومها، وكان سبباً في تحررهم من العبودية. حين ولدت أم موسى وخافت على ابنها من فرعون الذي يقتل أبناء اليهود، كما قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَىَ أُمِّ مُوسَىَ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، «سورة القصص: الآية 7»، أي قذفنا في قلبها وليس بوحي النبوة، قال المفسرون: هناك طرق للوحي كالمنام أو الإلهام الفطري أو إرسال الملك. وكان من وحي الله إلى أم موسى أن تقوم بإرضاعه، وأن تجهز له تابوتاً خشبياً لتضعه فيه عند الخطر، وأن تقذفه في التابوت ولا تضعه وضعاً، ثم تقذف التابوت في اليم، وهو أمر صعب شاق لا تقوى عليه إلا النفوس التي سمت وارتفعت. يدل امتثال أم موسى لأمر ربها على تصديقها بوعد الله، ففعلت ذلك خوفاً على الوليد، لكن أمر الله جاء بأن تضعه في تابوت، فكيف يكون الحفظ بالإهلاك فترميه في الماء؟ لكن ما فعلته أم موسى يدل على المحبة والشفقة والشغف والرغبة في الإبقاء على الوليد مهما كلف الثمن. وصف الله قلب هذه الأم بأنه أصبح فارغا، قال تعالى: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)، «سورة القصص: الآية 10»، وقيل فارغاً من كل همّ وذكْر، إلا همّ موسى وذكره، وقيل معناه: ناسياً للوحي حين أمرها الله أن تلقيه في اليم، والعهد الذي عهد إليها أن يرده إليها ويجعله من المرسلين، والراجح عند العلماء فراغ قلبها من كل هم سوى ذكر موسى، أما نسيانها لوحي الله فأمر مستبعد، والمعنى: لولا أن ربطنا على قلبها لأبدت به أي بهوية ولدها، والربط على القلب، إلهام الصبر وتشديده وتقويته. أحسنت أم موسى، فأحسن الله إليها وصبرت فنالت خير الجزاء، فذهب البشير إلى امرأة فرعون فاستدعت أم موسى وأحسنت إليها، وأجزلت العطاء، فرجعت أم موسى بولدها راضية أبدلها الله بعد خوفها أمنا، في عز وجاه، قال تعالى: (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَ?كِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)، «سورة القصص: الآية 13». ومن العبر العديدة في قصة أم موسى: صدق التوكل وتفويض الأمر إلى الله، فقد ألقت بولدها في اليم معتقدة أن في هذا التدبير الحكيم الخير والنجاة، وكانت متوكلة حسنة التوكل، وبعد أن التقطه آل فرعون رجع إليها سليماً، لتقر عينها بابنها فلا تحزن على فراقه، والعبرة الثانية مجاهدة النفس في طاعة الله، فإسناد العلم المطلق إلى الله عز وجل والقدرة اللامحدودة لذاته سبحانه مع اتهام النفس وتحجيمها الدائم إلى جنب الله لئلا تصطدم الرؤى البشرية بأمر من أوامر الله فيكون هذا طريقا نحو الضلال. ومنها أيضاً فضيلة الصبر والاحتساب، فأم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها وما ذاك إلا لصبرها على إلقاء ولدها، وعلى التقاط عدوه له، وعلى فراقه قبل أن يرده الله إليها واحتساب ذلك كله لوجه الله وفي سبيله تعالى، إضافة إلى أن ما حدث هو تدبير إلهي حكيم، فلم يشعر آل فرعون أن هلاكهم بسبب هذا الغلام الذي التقطوه وهم يظنون أنه سيكون لهم قرة عين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©