الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إلياذة هوميروس تقدم رؤية إغريقية لأساطير البطولة والحب والحرب

إلياذة هوميروس تقدم رؤية إغريقية لأساطير البطولة والحب والحرب
29 مايو 2010 21:31
“إلياذة” هوميروس التي وضعها قبل ثمانية قرون من الميلاد واحدة من أهم نتاجات الفكر في التاريخ، وتعد من كلاسيكيات الأدب العالمي، التي لا زالت منهلاً يستوحي منها الأدباء قصص البطولة والحب والحرب عبر التاريخ. والإلياذة تصور الحرب الضروس التي دارت رحاها في بلاد الإغريق في الفترة من 1280 إلى 1183 قبل الميلاد، وهي عبارة عن ملحمة شعرية صاغها هوميروس في 16 ألف بيت، وهو ما جعلها أهم ملحمة شعرية في التاريخ، خاصة أن واضعها كان ضريراً، وهو ما ينبئ عن قدرة غير عادية على توصيف قصص الحرب والمنافسة بكل دقائقها في تلك العصور البعيدة. تقع الملحمة التاريخية “الإلياذة” في 24 فصلاً من خلالها ينقل هوميروس الطبائع والعادات التي سادت في العصر الذي كتب عنه أكثر ما نقل عن العصر الذي عاش فيه، لذا فهو يتحدث عن شخصية “السنتور” الخرافية، المزيج بين الإنسان والحصان، لكنه يمتد مع التاريخ في تمجيد الأبطال، وتقديمه لظروف مثيرة وكثيرة لميتات المقاتلين أو حين ينقلنا إلى مواطنهم الأصلية، ومساقط رؤوسهم، كي نرى أحزان آبائهم العجائز وقنوط أراملهم ودموعهن، أو ظروف الحرمان والفقدان التي يعيش فيها أيتامهم. قدرات خارقة أبدع هوميروس فنياً في مواجهة الأبطال، حتى لأنه يسمو بشخصية أحدهم، موازنة ببطل آخر، فيتجاوز به حدود القدرة البشرية، ليتناقش به الآلهة، فـ (ديوميدس) ينزج في القتال في كل موقع ويقتل خصمه في كل مكان، ويقارنه بالأبطال. باندوراس، وهيكتور، ومن الآلهة يقارنه بـ (فينوس وأبولو، ومارس)، علماً أن البسالة عند الشاعر كانت تخضع لمقاسات المنطق والعقل، وذلك ما هو كائن في إبداع الإغريق الأوائل. وأحداث الإلياذة يدور معظمها داخل المعسكر الإغريقي وتحديداً في مدينة طروادة وتروى الملحمة النزاع الذي شب بين أجاممنون وأخيل أعظم أبطال الإغريق الشبان، وهو ما أثر على قوة الإغريق التي بدأت تتراجع أمام قوات طروادة بقيادة هكتور، ثم يسارع باتروكلس أقرب أصدقاء أخيل لمساعدة الإغريق وهو يرتدي درع صاحبه، غير أن هيكتور أردى باتروكلس ما دعا أخيل للنهوض للأخذ بثأره وبعدها يقتل أخيل هيكتور خارج أسوار طروادة، ثم تستمر أحداث الملحمة إلى أن تنتهي القصة بجنازة هيكتور. ترويض الخيول عبر الأحداث المثيرة والعديدة للملحمة، نجد أن هوميروس أفاض في استعراض أساليب الحرب وأدواتها في العصور السابقة عليه، فنلاحظ أنه ليست لديه أية إشارة إلى الأبواق، مع أنها كانت مستخدمة أيام طروادة، كما أن الخيول لم تكن قد عرفت قبل تلك الحرب بزمن طويل، كونها جاءتهم من الشرق، من آسيا ولم يكن ركوبها مألوفاً لديه. ولم يظهر الحصان إلا في هيئة السنتور الأسطوري، الذي هو نصف حصان ونصف إنسان، غير أن السنتور كان يعتبر مؤذياً وغير مألوف. وترويض الخيول الذي يرد ذكره كثيراً يدل على أن الخيول لم تكن مطواعة تماماً في تلك المرحلة، كما أنها لم تستخدم للركوب أو القتال، إلا من حيث أنها تربط إلى العربات لتجرها. والترويض هو لجعلها تفعل ذلك، ومروض الخيول هو الرجل القوي الصبور الذي يستحق الثناء لندرته، وكانت للحصان المروض قيمة كبيرة، لدرجة أنه بالإمكان مبادلته بأسير. أما عربات القتال، فلم تكن عالية، إذ كثيراً ما يقتل فارس في عربة من ضربة يوجهها إليه جندي مشاة ويصيبه في رأسه، وكانت هذه العربة الواطئة مفتوحة من الخلف، ولذا كان يسهل الصعود إليها والنزول منها، وكانت العجلات صغيرة وسهلة التركيب. ولذلك نجد في كثير من المواقف فارساً أو إلهاً يطلب من خادمه أن يعد العربة فيركب العجلات السرعة المطلوبة، كما أن العربة كانت صغيرة وخفيفة، ولذلك لا نستغرب أن يقوم رجل بسحب عربة من مكان ما، أو حملها على كتفه، وكانت تجر بجواد أو اثنين، وحتى الأربعة وربما قتل أحد الجياد وتابع المحارب قتاله. ميتات المحاربين السيف كما ورد في الإلياذة، قلما يشار إلى الطعن به، لأنها كانت سيوفاً عرضية يضرب بها للقطع وليس للطعن، وكانت الرماح تستخدم بطريقتين إما طعناً أو قذفاً وربما تشكك المرء في صدق الوصف، حين يقال إن الرمح المقذوف أو المطعون به قد اخترق الجسد، حتى لو اعتبرنا أن المقاتلين يتمتعون بقوة استثنائية، وتبين أن الرمح كان من النحاس إجمالاً، والسنان من الحديد. وكان هوميروس يصف الرماح بأنها نحاسية مثلما يصف الأعنة بأنها عاجية، ولكنه لم ينس أن يذكر أحياناً بأن السنان وحده من النحاس. غير أن الأمر يبقى في إطار الفهم إذا عرفنا أن العرب - فيما بعد - كانوا يستخدمون رمحاً من الخشب ذا أسنان معدني، وربما دون سنان كأن تكون القناة ذاتها مدببة، ومع ذلك تفعل الفعل ذاته (القتل واختراق الجسد)، كما يلاحظ استخدام الحجارة في أكثر من مواجهة، وهو سلاح ظل مستخدماً طوال التاريخ، وربما حتى الآن. ونجد أيضاً أن هوميروس تنوع في ميتات محاربيه إلى الحد الذي يمكن بوصفه بالطرق الابتكارية والواسعة والغنية في هذا السياق، ونلاحظ أنه يميز ويفرق بينها لأسباب عديدة، متعلقة بشخصيات الرجال وأعمارهم ومراتبهم وأعمالهم وانتائمهم الجغرافي والعائلي... إلخ. فهذا شاب في مطلع العمر أراد أبوه أن يبعده عن الحرب، والثاني كاهن لم تحمه قواه. والثالث رياضي لم تنفعه تعاليم ديانا، ورابع من منطقة نائية لن يعود إليها أبداً، وخامس منحدر من عائلة نبيلة تنتهي سلالتها بموته، وسادس يتميز بتباهيه. وغيره متوسل. وآخر ليس فيه ما يميزه إلا فرادة تسلحه. وكثيراً ما يميز تلك الميتات بالوضعيات المتنوعة التي يتم بها تقديم أبطاله، إما وهم يحاربون أو وهم يسقطون، وبعضها دقيق تماماً، بحيث يستطيع المرء أن يخمن من وضعية المقاتل أين ستأتيه الطعنة. ولعل السبب وراء هذا التنوع هو اختلاف الجراح التي تقدم في الإلياذة وهي بشكل عام شبيهة بالجراح التي يقدمها الشعراء الآخرون، والتي تأتي في الأماكن الواضحة ذاتها. تدخلات الآلهة في معارك هوميروس التي ضمنها إلياذته، لابد من الانتباه إلى أن التدخلات الدائمة للآلهة تعمل على كسر رتابة المعارك الطويلة، وذلك عن طريق التغيير الدائم في المشاهد بين الأرض والسماء، ومن الأمور التي تدعو إلى الإعجاب والدهشة الطرق المتعددة التي استخدمها هوميروس لجذب تلك الآلهة إلى ميادين القتال. ولكن ما من شيء يساهم في التنويع والإدهاش والبهاء في معارك هوميروس، أو أكثر مدعاة للإعجاب من الطريقة الفنية التي يستخدمها لوضع الأبطال، كل في مواجهة الآخر فهو يسمو بشخصية أحدهم من خلال ذلك بوضعه للمقارنة مع شخصيته واحد آخر ليتفوق عليه. وفي كثير من الأحيان يصف شخصاً من أجل الآخرون. أوضح الأمثلة على ذلك، اللمحة التي تقدم لشخصية ديوميديس وكيف يقارنه كي يجعل هذا البطل يتفوق على بسالة البشر، ثم لينافس الآلهة أنفسهم، إنه يميزه في البداية عن القادة اليونانيين بشكل عام، وهم الذين تغلب كل منهم على بطل طروادي. أما ديوميديس في كل مرة يجابه بطلين معاً، وفيما كل مقاتل منشغل في موقعه المحدد فإن ديوميديس ينزج في القتال في كل موقع ويقتل خصمه في كل مكان. وبعد ذلك يقارنه ببانداروس، ثم بإينياس وبعدها بهيكتور ومن الآلهة يقارنه أولاً يفينوس ثم بأبولو ثم بمارس، وفي آخر الأمر يقارنه بزيوس نفسه المستوى بين الرعود. وهنا نجد أن هوميروس يعتمد الأسلوب ذاته بالنسبة لكل شخصية من شخصيات عمله، وهذا التصنيف والتنويع الذي اتبعه هوميروس هو أحد الأسباب التي تجعل كل معركة تفوق الأخرى في عظمتها ورهبتها وأهميتها حتى نهاية القصة. عمل معجز الطريقة التي يجعل الآلهة يتصرفون بها تخدم المراتبية ذاتها التي نتحدث عنها، ففي المعارك الأولى يظهرون إلا بإيجار، وفي مواقف قصيرة ففينوس تساند باريس ومنيرفا تساند ديوميديس، ومارس يساند هكتور، وفي المرحلة الثانية من المعركة تفرز مكانة خاصة لزيوس لإظهار قدرته الكلية، ولتغيير مصائر الجيوش وحده، وفي المرحلة الأخيرة تنشغل قوى السماء كلها وتنتظم في تحزبات منتظمة بحيث نجد آلهة يجابهون آلهة، وزيوس يشجعهم برعوده وصواعقه ونبتون يثير عواصفه، والسماء تشتعل والأرض ترتعد وبلوتو نفسه يخرج من عرش الجحيم. ويستعرض هوميروس هنا في الفصل الرابع من فصول الملحمة الشعرية الأبرز في التاريخ، ومن خلالها يتضح الكيفية التي استخدم بها هيرميروس الآلهة والأبطال القدامى في صياغة عمله المعجز. وتاليا مشهد من الملحمة: “كان الآلهة جالسين حول زيوس يعقدون اجتماعاً على الأرض الذهبية، وبينهم الإلهة هيبي تسكب لهم الرحيق بدل الخمر، بينما هم بأكواب الشرب الذهبية يشرب كل منهم نخب الآخر، وهم يطلون بالنظر على الطرواديين وسرعان ما تذكر ابن كرونوس أنه يريد أن يُغضب هيرا، إذا استطاع، بكلمات عدائية. وقد تحدثَ ليُسمعها: “هناك إلهتان تقفان في صف مينيلاوس. وهما هيرا الأرغوسية، وأثينا التي تقف مع قومها. ولكن انظروا إليهما كيف تجلسان بعيدتين وهما تتطلعان إلى القتال، وتستمتعان. فيما أفرودايت الضاحكة تقف دائماً إلى جانب رجلها وتبعد عنه أرواح الموت وحتى في هذه اللحظة أنقذته حين خيل إليه أنه هالك. ولذلك فالنصر الآن للمحارب مينيلاوس. فتعالوا لنرى كيف يمكن إنجاز هذه الأمور. هل سنثير الحرب الضارية والقتال الرهيب من جديد؟ أم نلقي عليهم بالحب ونجعلهم يتصادقون؟ فإذا كان مرضياً لنا، ومما يسرنا جميعاً، فلتظل مدينة بريام مكاناً صالحاً للعيش، وليستعد مينيلاوس هيلين الأرغوسية ليأخذها معه. وهمهمت هيرا وأثينا لسماعه، وهما جالستان متجاورتين، تخططان لشرور توقعانها على الطرواديين”. هوميروس شاعر أغريقي عبقري أعمى، عاش في القرن التاسع ويقال السابع قبل الميلاد، وبحسب المؤرخ هيرودوتس، فإن مدينة خيوس القديمة التي تقع في إحدى الولايات اليونانية على ساحل الأناضول أسمها أيونيا، وهو صاحب الإلياذة والأوديسا التي كتبها بعد ثلاثة قرون من وقوع أحداثها فعلياً، تحكي الإلياذة أحداث غضب أخيل وتصف الحرب العظيمة التي جرت في سنة 1194 ق. م. إلى سنة 1184 ق. م. وكتبها في 16.000 ألف بيت من الشعر الملحمي وقسمها علماء الإسكندرية إلى 24 نشيد، بينما تصف الأوديسا رحلة العودة والمغامرة البحرية لأحد أبطال الجيش المنتصر إلى دياره. أسطورة الخلق اليونانية أول من ظهر من الآلهة جايا (ربة الأرض)، وتاتاروس (القسم الأسفل من العالم السفلي، عالم الموتى)، وإيروس (الرغبة) وإيريبوس (ظلمة العالم السفلي) والليل (ظلمة الأرض). تزاوج الليل مع إيريبوس فأنجبا إيثير (الأثير)، وهج العالم. واستطاعت غايا أن تنجب، دون زوج، كلاً من أورانوس (السماء) وبونتوس (البحر) وأوروس (الجبال). ولذلك ليس لهؤلاء أب. وأول من حكم الكون هو أورانوس. تزوج من جايا وأنجبا السكلوب الثلاثة برونتيس (الرعد) وستيروبيس (البرق) وأرجيس (الضوء). وهم ثلاثة عمالقة لكل منهم مئة يد. كما أنجبا الهيكاتاخيريس، كوتوس وبرياريوس، والتايتان الأقوياء المخيفين الاثني عشر. بينهم ست بنات هن: تيثوس وثيميس ومنيموسوني وثييا وموبي ورهيا. وستة ذكور هم: أوقيانوس وكويوس وكريوس وهوبريون ولابيتوس وكرونوس. وبدأ التايتان الأخوة بالتزاوج فيما بينهم. تزوج أوقيانوس وتثيوس وأنجبا أوقياندس وأنهار الدنيا كلها. وتزوج هوربيون وثييا وأنجبا هيليوس (الشمس) وسيلين (القمر) وإيوس (الفجر). وتزوج أستريوس، ابن كريوس، من إيوس وأنجبا النجوم والرياح.. وتزوج كويوس وفويبي وأنجبا ابنة اسمها ليتو. وتزوج لابيتوس من كليمين الأوقياندية فأنجبا أطلس وبروميثيوس وإيبيميثوس ومونويتيوس. وتزوج التايتان الأصغر كرونوس من رهيا فأنجبا ديميتر وهيستيا وهيرا وبوزيدون وهيدز وزيوس. قامت غايا بإقناع كرونوس أن يخصي أباه ويستولي على السلطة. فعل ذلك ونفى أباه المخصي إلى تاتاروس. ومن دماء الأب ولدت العمالقة والحوريات والفيوريز (آلهة الانتقام). ومن أعضائه الجنسية المبتورة والمرمية في البحر تولد زبد خرجت منه أفرودايت. وعرف كرونوس من غايا أن ابنه سينقلب عليه فراح يبتلع كل طفل تلده رهيا. وحين ولدت زيوس أخفته عنه وأعطته حجراً ليبتلعه. وبالفعل انقلب زيوس على أبيه حين كبر واستقل مع آلهته في جبل الأولمب.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©