الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استفتاء مصر: تفاؤل حذِر

3 ابريل 2011 00:49
وافق الناخبون المصريون في 18 مارس الماضي على حزمة من التعديلات الدستورية التي أوصت بها لجنة جرى تعيينها من قبل الحكومة العسكرية الانتقالية. وباستثناء مجموعة غاضبة هاجمت المرشح الرئاسي والرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية العالمية محمد البرادعي وهو يحاول التصويت "لا"، كانت عملية التصويت سلمية ومنظمة، حيث وافقت جميع الأطراف على العملية وقبلت نتائجها واعتبرتها صحيحة. وتشهد النتيجة على الثقة التي يضعها معظم المصريين في المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة عملية التحول الديمقراطي. وهي كذلك تعطينا مؤشراً كبيراً حول الأحزاب التي تتمتع بأعلى قدر من الدعم الانتخابي، وهي جماعة الإخوان المسلمين والحزب الوطني الديمقراطي. شارك 41 في المئة من المصريين في التصويت في الاستفتاء لتعديل الدستور المصري، وهي أعلى نسبة شهدتها مصر منذ عقود عديدة. وحول هذه الحقيقة، اقتبست النيويورك تايمز قول محمد أحمد عطية رئيس اللجنة القضائية العليا: "كان هناك حضور لم يسبق له مثيل لأنه بعد 25 يناير بدأ الناس يشعرون أن لصوتهم دوراً وأهمية". ورغم أن مستوى المشاركة لا يشكل بالنسبة لنا نحن الأميركيين سوى ذلك المستوى الذي يمكن أن نتوقعه في انتخابات الكونجرس النصفية، فإنه يشكل مؤشراً على جمهور مصري من الناخبين بدأ يعود إلى الحياة، بينما ترسّخ الانتخابات المستقبلية أسلوب الحزب الاعتيادي وسمعته وتطبّع التوقعات السياسية، سيرتفع عدد المشاركين، الأمر الذي يعكس ما إذا كان الناس يريدون حقاً أن يصوتوا، ومتى وكيف. ولأن 77.2 في المئة من الناخبين يوم السبت قبل الماضي وافقوا على حزمة التعديلات الدستورية، فسوف تأتي الانتخابات البرلمانية لاحقاً في سبتمبر المقبل. تقوم التغييرات الدستورية التي تم تبنيها بتقصير الفترة الرئاسية من ست سنوات إلى أربع، وتحدد وجود أي رئيس في السلطة بفترتين رئاسيتين، وتتطلب من أي رئيس أن يعين نائباً له وتجعل من الصعب لأي رئيس أن يعلن حالة الطوارئ، كما تتطلب أن يكون عمر رئيس الجمهورية 40 سنة على الأقل وتفرض أن تكون زوجة الرئيس مصرية الجنسية. سوف يفيد ذلك الشعب المصري لأن ذلك يعزز سلسلة من التغييرات الدستورية التي ستحدّ من السلطة التنفيذية وتوضّح موعد انعقاد الانتخابات. إلا أن الاستفتاء كان كذلك عرضاً معقولاً من الدعم للأحزاب التي تنظم حملات مع أو ضد هذه التغييرات الدستورية. كان الحزبان السياسيان الوحيدان اللذان صوّتا بنعم على التعديلات الدستورية المقترحة هما الحزب الوطني الديمقراطي وجماعة "الإخوان المسلمين"، عارضت جميع الأحزاب الأخرى الاستفتاء رغبة منها بإجراء المزيد من الإصلاحات الجذرية (ومن بينها إلغاء سلطات الرئيس بتعيين بعض أعضاء البرلمان وقيادة الجيش وقوّات أمن الدولة والسلطة على حل البرلمان)، وجزئياً من أجل الحصول على بعض الوقت لتنظيم صفوفها وطروحاتها وحملاتها الانتخابية. وافق بعض أتباع الأحزاب الجديدة على الاستفتاء، إيماناً منهم بأن الشعب المصري جاهز للانتخابات، ولأنهم كانوا قلقين من أن يتم إجراء الانتخابات بسرعة. إلا أن الناشطين الشباب الذين شكلوا جوهر الحركة الديمقراطية في شوارع القاهرة والإسكندرية عارضوا معظمهم الاستفتاء حتى بشكل ظاهر. ورغم كونهم أساسيين في ثورة مصر المستمرة، فإن هؤلاء المحتجين الحضريين لا يشكلون سوى أقلية سياسية. بالطبع، سوف يشكّل الرئيس المصري الجديد بعد انتخابه تحسناً ملحوظاً على الأرجح مقارنة بالنظام السابق. أما الرؤساء المفضّلين حالياً فهم محمد البرادعي، وعمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية. ولم تطرح جماعة الإخوان المسلمين والحزب الوطني الديمقراطي حتى الآن أي مرشحين في الانتخابات الرئاسية القادمة. لذا فإن رئيس مصر القادم سوف يكون على الأرجح إصلاحياً، ولكنه سيكون أضعف وسوف يواجه برلماناً محافظاً. شكل الاستفتاء الدستوري في مصر عرضاً قوياً من القوة الانتخابية من قبل غالبية المصريين الذين يظهرون ولاء أعمق بكثير للأشكال السياسية التقليدية مقارنة بنداءات الناشطين لإعادة تصميم المؤسسات بشكل واسع. هل أومن أن الديمقراطية مع هذا التوجه المحافظ ستكون جيدة ومناسبة لمصر؟ نعم بالتأكيد. سيكون من الأفضل للجميع على المدى البعيد إذا كان بإمكان الشعب المصري المشاركة في السياسة ومساءلة قياداته. الأهم من ذلك كله هو ببساطة أن تكون هذه الديمقراطية عاملة. جيسون بيتروتشي باحث بجامعة ميريلاند ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©