الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

علي أبو الريش: الإمارات واحة لطيور الثقافة المهاجرة

علي أبو الريش: الإمارات واحة لطيور الثقافة المهاجرة
29 مايو 2017 13:40
فاطمة عطفة (أبوظبي) يؤكد الروائي الإماراتي والكاتب الصحفي علي أبو الريش أن «الإمارات وعاصمتها أبوظبي باتت محط أنظار العالم، وأن العاصمة الباسمة أبوظبي هي اليوم واحة المعرفة في كل صنوفها، ويلفت إلى أن سر اجتذابها لكل هذه الطيور المهاجرة ليس المال وإنما الفضاء الثقافي الواسع والمناخ الإنساني الجميل. حول هذه النهضة الثقافية وبداياتها وروافدها المختلفة وآفاقها، وما تحظى به من دعم القيادة، كان هذا الحوار: في حضرة الإبداع الأدبي تشعر بعِظَم المسؤولية، خاصة عندما تكون أمام كاتب متفرّد في تجربته وغزير في عطائه، تقف عاجزاً عن الإحاطة بآفاق ثقافته أو الغوص في أعماق إبداعه. إنه الروائي الإماراتي علي أبو الريش الذي يعشق الفلسفة، كما يقرأ الواقع العربي المأزوم قراءة نقدية عميقة تستشرف المستقبل، ليبدع عالمه الروائي بفرادة وامتياز، وما زال يعمل في البحث والتقصي حتى إصداره الأخير كتاب «زايد الشخصية الأخلاقية». بدأ الحوار معه من ذاكرة المكان الأول، من البيئة، والمكتبات، والمعارض التي ساهمت في الحركة الثقافية الإماراتية إلى أن تحققت لها هذه النهضة، فقال: «لا شك أن الإنسان ابن بيئته، كما قال الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر: «الإنسان هنا». لا يمكن أن ينتزع الإنسان من تربة انطلق منها وعاش على ترابها، لأنها تشكل في النهاية اللاشعور الجمعي لدى الكاتب. ومن خلال هذا اللاشعور يستطيع الإنسان أن يستدعي ذكرياته وأفكاره ومشاعره وعلاقاته الإنسانية السابقة، بدءاً من الأسرة، ومروراً بعلاقته مع الأصدقاء وانتهاء بالآخرين»، وأضاف: «أعتقد أن أي كاتب لا يمكن أن يصدر عنه إبداع حقيقي إلا إذا انطلق من بيئته، ومن خلال هذه البيئة يستطيع أن يحاكي الآخرين، لأن البيئة تمثل الصحوة». وأشار أبو الريش إلى أن العمل الروائي الذي لا يتكئ على الذات هو عمل خارج الذات، لافتاً إلى أن الذات الحقيقية هي التي تعبر عن هذا الداخل المأزوم بقضايا إنسانية متشابكة جداً. وأضاف موضحاً أن الإنسان لا يعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية عادية، وإنما المشكلة الأهم هي المشكلة الوجودية في معاناته، كلنا نعاني من هذا المأزق، ولذلك يجب على الرواية أن تناقش الوجود من خلال الفردية قبل أن تكون من خلال الاجتماع البشري. أما عن الألم الذي يمر به كل إنسان ودور التحدي في تفتح موهبة المبدع، فيعتقد الروائي أبو الريش أن «كل عمل إبداعي يخرج من رحم الألم، ومن غير ألم لا يوجد إبداع حقيقي، وكل الفلاسفة الذين قرأناهم واستقرأنا ما بين سطور أعمالهم الإبداعية الكبرى هم أساساً فلاسفة ومبدعون عانوا من الألم، منذ سقراط الذي آمن بأن المعرفة هي الحق الذي يصل بالإنسان إلى ذاته، وهو فدائي وأول مجاهد في الإنسانية، حين قبل أن يشرب السم، مقابل أن يحتفظ بالقيم والمبادئ الإنسانية العالية». ويرى أبو الريش أن «معارض الكتب هي ملتقى للأشخاص وملتقى للكتب أيضاً. وعندما نحتفي بمعرض الكتاب، سواء في أبوظبي أو في الشارقة فنحن نحتفي بالكتاب، ونحتفي أيضاً بالإنسان، لأن هناك علاقة فطرية بين الكلمة والإنسان الذي بدأ يستكشف الوجود من خلال الكلمة». وحول الحركة الثقافية في الإمارات والاهتمام الرسمي الذي تحظى به، يؤكد أن «أبوظبي اليوم واحة المعرفة في كل صنوفها، وبالتالي أصبحت الإمارات وعاصمتها أبوظبي محط أنظار العالم. واليوم، تأتي كل هذه الطيور المهاجرة لتحط على هذه الواحة، ليس من أجل المال وحباً به، كما يعتقد الآخرون، فالمال موجود في كل أنحاء العالم، وإنما تأتي إلى هذا الفضاء الواسع، هذا الأفق الجميل والسجايا النبيلة، هذه المعطيات التي لا حدود لها على صعيد التعاون أو السلوكيات والإنتاج أيضاً. لذلك نجد اليوم كل المؤسسات فيها المقيم العربي والمقيم الأجنبي، كتفاً بكتف مع المواطن». وتساءل: لماذا؟ وأجاب: «لأن تلك الشوائب وتلك المنغصات والمكدرات اختفت من الروح، وأصبح الإنسان هو الإنسان أياً ما كان. لذلك لا نستغرب أن نجد الآن أكثر من مئتي جنسية على أرض الإمارات، وكلهم يسعون إلى بناء هذا النسيج الاجتماعي والثقافي الجديد»، وشدد أبو الريش على أن «ثقافتنا مفتوحة وليست محصورة بجهة أو مرحلة، نحن أبناء الحاضر كما قال قادة الإمارات، لأن الإنسان ابن اللحظة، واللحظة العلمية هي الزمان وهي المكان، والحقيقة نحن نعيش هذه اللحظة». ونختتم حوارنا مع دور الإعلام المرئي، باختلاف وسائله، هل استطاع أن يصل بالرسالة الثقافية إلى المجتمع بالشكل المطلوب أم أن هناك فجوة بين الإعلام والمتلقي؟ يجيب أبوالريش: «أعتقد أن كثيراً من مؤسساتنا الإعلامية بدل أن تتحول إلى نهر له روافد يصب في الواقع، تحولت إلى أن تأخذ دور المتلقي أو ردة الفعل. لكن ما نريده هو الإبداع الإعلامي، يجب ألا نساير الأحداث بل نصنع الحدث، لذلك أتمنى من إخواننا وزملائنا أن يخرجوا من طور المكاتب إلى الواقع، لأن العمل الميداني هو المهم، ونحن محتاجون إلى المقارنة والمقايسة وليس إلى ردة الفعل».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©