الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا ومشكلة الإرهابيين المحليين

29 مايو 2017 00:10
ريتشارد كولينز الثالث، الذي طُعِن حتى الموت، في حرم جامعة ميريلاند الأسبوع الماضي، كان بريئاً، مثله في ذلك تماماً مثل ضحايا تفجير مانشستر الانتحاري الذين بلغ عددهم 22 شخصاً، فكولينز، وهو أميركي من أصل أفريقي، من سكان ميريلاند، وضابط حديث التعيين في الجيش الأميركي، لم يضايق أي أحد، شأنه في ذلك أيضاً شأن ضحايا مذبحة مانشستر في إنجلترا، فهذا الشاب الذي كان من المقرر أن يتخرج من جامعة بواي هذا الأسبوع، كان قد خرج مع مجموعة من زملائه للتنزه والترويح عن النفس، تماماً مثل الذين قتلوا أو جرحوا في مانشستر. وفي الوقت الراهن، تباشر السلطات المختصة بالتحقيق في مقتل كولينز، الذي تم طعنه بالسكين، بوساطة طالب يدرس في جامعة ميريلاند، يدعى «شين أوربانسكي»، كان مدفوعاً بمشاعر كراهية، كما يبدو، وإن كان السبب الدقيق للجريمة لم يحدد بعد. أما في مانشستر فقد كان هناك يقين، فالهجوم اعتُبِر عملاً إرهابياً يرمي إلى الترويع، ويستهدف الدين المفترض، والجنسية، والقيم الثقافية للضحايا. ورغم أن تنظيم «داعش» أعلن مسؤوليته عن الهجوم، فإنه لم يتم التثبت من صحة هذا الإعلان بعد. وتفيد التقارير بأن المفجر الانتحاري «سلمان العبيدي» قد تحول إلى التطرف مؤخراً، أما أوربانسكي، فينتمي -كما يقول ديفيد ميتشيل رئيس شرطة جامعة ميريلاند- إلى مجموعة تنشط على الفيس بوك، ويدون أعضاؤها بيانات عنصرية وعدائية، ووصف ميشيل تلك البوستات، بأنها «تستحق الاحتقار»، وقال إن المجموعة التي ينتمي إليها أوربانسكي، تُبدي عبر الفيس بوك تحيزات شديدة ضد النساء، واللاتينيون، واليهود، وتجاه الأميركيين من أصل أفريقي بشكل خاص. واللافت للنظر في هذه الهجمات التي وقعت من دون استفزاز مسبق، هو كثرة المعلومات المعروفة عن محركي المتطرفين في الخارج، وقلة المعلومات المعروفة عن المحرضين للإرهابيين في الداخل الأميركي. وقد شجب الرئيس ترامب يوم الأحد، هؤلاء الذين يمارسون الإرهاب، وينشرون «عقيدته الشريرة»، وحث الرئيس الأميركي سامعيه على «الوقوف صفاً واحداً» من أجل «شجب الإرهاب والهجمات البربرية». سوف يكون شيئاً جيداً للغاية، أن نسمع عن إدانة رئاسية لذلك النوع من الكراهية التي تشير التحقيقات إلى أنه كان الدافع وراء قتل كولينز. والسؤال الآخر: هل سنسمع كبار المسؤولين وهم يعبرون عن الغضب الشديد من عملية الطعن بالسكين التي تعرض لها رجل أميركي من أصل أفريقي في نيويورك، في مارس الماضي، على يد شخص أميركي من ميريلاند يتبنى أفكاراً عن تفوق الجنس الأبيض؟ على ما يبدو أن جرائم الكراهية لم تصل إلى المستوى الذي يجعلها مستحقة لاهتمام أعلى سلطة في البلاد، على عكس الحال في جريمة مانشستر التي قتل وأصيب فيها كثيرون، لكن ينبغي الانتباه إلى أن جرائم الكراهية تزداد عدداً. قالت «رابطة مكافحة التشهير»، في تقرير جديد لها عنوانه «غضب أسود ودائم: 25 عاماً من إرهاب الجناح اليميني في الولايات المتحدة»، إن البلاد تعرضت لسلسلة طويلة من الحوادث الإرهابية، الكثير منها يرتبط بمتطرفين يمينيين. والنتائج التي توصلت إليها الرابطة في تقريرها، مفزعة في الحقيقة، فقد أورد التقرير المذكور 150 عملاً إرهابياً في الولايات المتحدة قام به متطرفون يمينيون و«قتل فيه وجرح ما يزيد على 800 شخص». وأشار التقرير إلى أن تلك الهجمات تزايدات خلال الفترة بين منتصف وأواخر التسعينيات من القرن الماضي، قبل أن تعود مرة أخرى، في عام 2009، في بداية رئاسة باراك أوباما». تناول التقرير أيضاً أعمال عنف أخرى، وجاء فيه أنه خلال الفترة من 2007 إلى 2016 كانت طائفة من المتطرفين المحليين من مختلف التوجهات (المؤمنون بتفوق العنصر الأبيض، والمرتبطون بميليشيات مختلفة، ومواطنون أميركيون عاديون) هي المسؤولة عن مصرع 372 شخصاً في مختلف أنحاء الولايات المتحدة. ووفقاً لصحيفة «واشنطن بوست»، كشفت دراسة لـ«مركز دراسات الكراهية والتطرف» في جامعة كاليفورنيا (ستيت في سان بيرناردينو) زيادة بنسبة 13 في المئة في عدد جرائم الكراهية المبلغ عنها، منها 1.812 جريمة مبلغ عنها في عام 2016 -عام الحملات الرئاسية الأخيرة- وحده. ألا يستحق كل هذا، أن يحول البيت الأبيض مجال اهتمامه من الخارج إلى الداخل، وتحديداً إلى مشكلة الإرهابيين المحليين؟ لقد أدى حادث مانشستر إلى رفع مستوى الاستعداد لمواجهة التهديدات في بريطانيا إلى أعلى المستويات، فماذا عن أميركا، خصوصاً أن الكارهين فيها باتوا كما هو واضح أكثر جرأة من أي وقت مضى؟ *كاتب ومحلل سياسي أميركي حاصل على جائزة بوليتزر ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©